الأربعاء 24 إبريل 2024
خارج الحدود

عبد اللطيف جبرو: بوتفليقة وملابسات الولاية الجديدة في ظل أزمة خطيرة بالجزائر

عبد اللطيف جبرو: بوتفليقة وملابسات الولاية الجديدة في ظل أزمة خطيرة بالجزائر عبد اللطيف جبرو، و بوتفليقة
عرفت رئاسة الجمهورية في الجزائر عدة تطورات لعل أهمها المرحلة التي انطلقت يوم قاد الهواري بومدين انقلابا عسكريا ضد الرئيس أحمد بن بلة في 19 جوان 1965.
وكان بومدين قد اعتمد في انقلابه على مجموعة وجدة أي أعضاء قيادة جيش التحرير الجزائري التي كانت تقود الحرب التحريرية في الجزائر انطلاقا من عاصمة المغرب الشرقي. وكان من أعضاء تلك المجموعة القائد أحمد و أحمد المدغري والطاهر الزبيري وعبد العزيز بوتفليقة.
إثر ذلك استمر بومدين يقبض السلطة بيد من حديد إلى أن وافاه الأجل في نهاية عقد سبعينيات القرن الماضي
وبعد رحيل بومدين اتجهت الأنظار إلى عبد العزيز بوتفليقة كخلف محتمل له. ولكن وزير خارجية الجزائر آنذاك كان دون الثلاثين من عمره. ولهذا السبب وربما لأسباب أخرى تم استبعاد بوتفليقة لا فقط من الرئاسة الجمهورية، بل كان عليه أن يختفي من المشهد السياسي في الجزائر.
واختار حكام الجزائر وهم مجموعة من ضباط الجيش واحدا منهم ليصبح على رأس الجمهورية. وهكذا أصبح الشادلي بن جديد ثالث رئيس للجمهورية الجزائرية.
لاحاجة إلى القول بأن الرئيس الشادلي بن جديد ظل طوال ولايته الرئاسية على امتداد عقد الثمانينيات من القرن الماضي أسيرا لمجموعة كبار الضباط التي كانت تستولي على الجيش وعلى كل السلطة في الجزائر.
في بداية سنة 1992 استدعى صانع القرار في الجزائر أحد الزعاء الخمسة وهو محمد بوضياف الذي كان يقيم خارج الجزائر بمدينة القنيطرة المغربية. وسرعان مانصبوه على رأس الجمهورية، لكن محمد بوضياف المعروف بقوة شخصيته لم يقبل أن يكون رئيسا تحت تصرف من اعتادوا أن يمارسوا الحكم المطلق في الجزائر. ولهذا لم تمض شهور معدودة حتى كان محمد بوضياف رحمه الله عرضة لطلقات نارية جعلت حدا لحياته ورئاسته للدول الجزائرية.
وإثر ذلك احتدت الجرائم الإرهابية في سياق ماعرف في الجزائر بالعشرية السوداء.
بعد استشهاد بوضياف توالى على الرئاسة الجزارية علي كافي وبعده لامين زروال إلى أن جاء دور عبد العزيز بوتفليقة في ربيع سنة 1999.
واستمر بوتفليقة على رأس الجمهورية الجزائرية إلى الآن. أي لمدة عشرين سنة برسم أربع ولايات ويتجهون الآن في الجزائر إلى تمكينه من مدة رئاسية تصل إلى خمس سنوات.
الحملة الانتخابية في الجزائر لفائدة عبد العزيز بوتفليقة المريض- شفاه الله- انطلقت قبل شهور من موعد الاقتراع الذي تحدد في يوم 18 أبريل المقبل.
وتستمر هذه الحملة في سياق الاستعدادات الهادفة إلى فرض عبد العزيز بوتفليقة لمدة خمس سنوات أخرى. فلا حديث في الإعلام الجزائري إلا عن شيء واحد هو استمرار عبد العزيز بوتفليقة على رأس الدول الجزائرية.
ولا يتحدث التلفزيون الجزائري في نشراته الإخبارية عن أي شيء آخر يتعلق بهذه الانتخابات خارج موضوع عبد العزيز بوتفليقة كرئيس حالي وكرئيس مقبل للجزائر، مع العلم أن في الجزائر أحزابا أخرى تعتبر أن عبد العزيز بوتفليقة يوجد في حالة صحية لا تساعده على أداء مهامه كرئيس للدولة. ولهذا ترتفع أصوات عديدة لمعارضة بقائه في تسيير شؤون الدولة.
وأعلنت جبهة القوى الاشتراكية، وهي حزب الزعيم الراحل الحسين آيت أحمد أحد الزعماء الخمسة، أنها تطلب من الجزائريين أن يقاطعوا المهزلة الانتخابية المقبلة، وهذا موقف تتبناه العديد من الشخصيات والتنظيمات السياسية والثقافية في الجزائر.
لكن على الصعيد الرسمي وفي النشرات الإخبارية للتلفزيون الجزائري هناك تجاهل مطلق لكل من يعارض أو لا يوافق على تولي بوتفليقة عهدة رئاسية جديدة مما يدل على أن الجزائر تخضع لنظام الحزب الواحد.
أعلنت المجموعة المسماة في الجزائر بمجموعة الموالاة، عن ترشيحها للرئيس عبد العزيز بوتفليقة لتولي عهدة رئاسية خامسة.
وإثر ذلك أعلن عبد العزيز بوتفليقة عن ترشيح نفسه للرئاسة.
الوزيرالأول الجزائري أحمد أويحيى صرح بأن عبد العزيز بوتفليقة سوف لن يكون في حاجة إلى أن يخوض حملة انتخابية لأن ما قدمه الرئيس الجزائري في العشرين سنة من رئاسته يعتبر أحسن ما يمكن أن يقدمه للشعب من أجل تجديد الثقة فيه كرئيس للجزائر.
صحيح أن الجزائريين مدينون لبوتفليقة نظرا لما قام به عندما أصبح على رأس الجمهورية.
ويتذكر الجزائريون كيف أن عبد العزيز بوتفليقة شرع منذ 1999 في مسلسل عمليات إخراج الجزائر من مصائب العشرية السوداء، ويحمد أشقاؤنا الله على كونهم تخلصوا من عهد كان فيه الإرهاب قد ساد حياتهم اليومية. ذلك العهد الذي فقدت فيه الجزائر عشرات الآلاف من الضحايا الأبرياء.
وعلاوة على ذلك تميزت رئاسة عبد العزيز بوتفليقة بالعديد من الانجازات على صعيد البنية التحية حيث باتت الجزائر الآن تتوفر على شبكة الترامواي في العديد من كبريات المدن بالإضافة إلى تجهيز الجزائر العاصمة بشبكة ميترو الأنفاق، ثم هناك العديد من الطرق السيارة ومئات التجمعات السكنية الجديدة.
كما أن الجزائر تقدمت بشكل ملحوظ في خطة تطوير الصادرات خارج المحروقات وهي خطة نجح فيها أشقاؤنا كرد فعل على التقلبات التي ميزت في السنوات الأخيرة أسواق النفط الخام.
لكن إلى جانب هذه المنجزات الإجابية، هناك جوانب سلبية يشعر بها الجزائريون في حياتهم اليومية.
ومن هنا الحاجة إلى حملة انتخابية يشارك فيها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة حتى يتمكن من تقديم ما يكفي من التوضيحات والشروحات للناخبين طوال الفترة التي تسبق يوم الاقتراع.
وحينما يقول الوزير الأول الجزائري أحمد أويحيى بأن المرشح عبد العزيز بوتفليقة ليس في حاجة إلى المشاركة في الحملة الانتخابية، فإن سبب ذلك هو أن الحالة الصحية لرئيس الجمهورية الجزائرية لا تساعده على أن يكون له دور فعلي في الحملة الانتخابية المنتظرة، ذلك أن الجزائريين منذ أن تعرض بوتلفيقة لجلطة دماغية لم يسمعوه أبدا في يوم ما يتحدث بصوته فأحرى أن يكون قادرا على مخاطبة الشعب في الحملة الانتخابية المقبلة.
إن عبد العزيز بوتفليقة قد قدم للجزائر ما كان في استطاعته أن يقدمه لها يوم كانت أحواله الصحية تساعده على ذلك.
أما الآن وهو يعاني من حالة صحية متدهورة ومع ذلك يصرون على استمراره في السلطة يدبرها وهو على كرسي متحرك، فذلك دليل على أن الجزائر تعاني من أزمة خطيرة.