السبت 20 إبريل 2024
سياسة

الدكتور تدمري: في شأن العلاقة بين الأصولية السياسية الدينية والمخزنية واليسار (1)

الدكتور تدمري: في شأن العلاقة بين الأصولية السياسية الدينية والمخزنية واليسار (1) د. عبد الوهاب تدمري

يجيب الناشط السياسي د. عبد الوهاب تدمري، في هذا المقال التحليلي الذي ننشره في جريدة "أنفاس بريس" في حلقات، عن رهانات الصراع والسجال الدائر في الحلبة السياسية بين قوى الإسلام السياسي والعائلة اليسارية، والذي يعرف مدا وجزرا، وتحالفات وتقسيمات سياسية هجينة، تحركها من وراء الستار الدولة المخزنية العميقة التي من مصلحتها أن تتواصل هذه الحرب بين التيار الأصولي والتيار اليساري لإطالة تحكمه في مفاصل الدولة والمجتمع.

 

1- مقدمة

في سياق تتبعي لبعض السجالات الفكرية والسياسية التي ذهب من خلالها البعض إلى طرح السؤال حول الغاية من تأجيج الصراع بين قوى الإسلام السياسي وبين الطيف اليساري، وعن مدى مساهمة هذه النقاشات في توسيع المسافة وتأجيج التوتر بينهما بما يعيق خلق جبهة يسارية-إسلامية يراها البعض ضرورية لتغيير موازين القوى من أجل انجاز مهام التغيير الديمقراطي. بل إن هناك من يرى أن هذا السجال ربما تكون وراءه الدولة المخزنية كطرف مستفيد من هذا التوتر وهذا الوضع، من أجل إدامة تحكمها في مفاصل الدولة والمجتمع، وذلك بزرع بذور التفرقة بينهما حتى لا يكتب النجاح لهذا التحالف.

 

إني أحترم هذه القراءات بما ورد فيها من أفكار تعبر عن مواقف اصحابها، رغم كوني لست متفقا معها ولا مقتنعا بها، ذلك لأسباب سأتطرق لبعضها بالتحليل من خلال تناول عنصرين أساسيين شكلا نقاط تماس بين كل هذه القراءات. وكذلك من أجل استحضار نقاش، قديم - جديد، تم التطرق من خلاله الى طبيعة العلاقة بين اليساريين في الكثير من بلدان العالم وما سمي في حينها بلاهوت التحرير المسيحي، وهل يمكن إسقاط هذه النقاشات على واقعنا الإسلامي، خاصة في شأن العلاقة التي يمكن أن ينسجها أو نسجتها بعض مكونات اليسار المغربي مع قوى الإسلام السياسي؟ وهل هناك من مقومات وشروط موضوعية لنجاحه؟ وإن كان الجواب بالنفي، فهل من ضرورة لتدخل الدولة المخزنية من أجل افشال هكذا تحالف؟

 

إن كان موقفي يختلف في هذا الشأن، فليس لكوني متموقفا من الدين الذي اعتبره يشكل مكونا أساسيا في تراثنا الروحي والثقافي، علينا واجب حمايته وتطويره، بل فقط لكوني ممن يدافعون عن فصل الشأن الديني كشأن إلهي خالص، يسعى للسعادة الروحية والأخلاقية للإنسان، عن الشأن السياسي الذي هو شأن دنيوي يحتمل قراءات مختلفة ومتعددة، وقد تكون متصادمة. وحتى لا نقحم الدين في أتون الصراع السياسي بما يشهده من تقاطبات قد تعصف بالوحدة الروحية للمجتمع، كما هو الشأن في الكثير من المجتمعات المشرقية التي تحولت الى مجموعات مذهبية متصارعة، بعد أن كفرت بعضها البعض واستباحت دماء من كرمهم الله من خلقه، وذلك في خرق سافر للآية الكريمة: "وَلَقد كرمنا بني أدم وَحملناهم فِي الْبر وَالْبحرِ وَرزقناهم مِنَ الطَّيبات وَفَضلناهم عَلَى كثيرٍ مِمنْ خَلَقنا تَفضيلًا" (الإسراء، الآية: 70)؛ بل استباحوا بدون حق حتي دماء شركائهم في الملة والدين ضاربين بعرض الحائط ما أنزله الله في الآية الكريمة "ومن يَقْتل مؤمناً متعمِّداً فجزاؤهُ جهنم خالداً فيها وغَضِبَ الله عليه ولعنَهُ وأعدّ له عذاباً عظيماً" سورة النساء آية 93...

 

إذن في سياق ما تم التطرق إليه لا بد لي أن أتوقف عند العناصر التي سبق أن ذكرتها بعد أن أعيد صياغتها كأسئلة وإشكاليات.

(يتبع)