الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

الحسين بكار السباعي: الأساس في إشكالية الأحزاب المغربية

الحسين بكار السباعي: الأساس في إشكالية الأحزاب المغربية الحسين بكار السباعي

من المسلمات السياسية، أن شروط نجاح الحزب السياسي في بيته الداخلي، وعلاقته مع الجماهير، ان يضع برنامجا واضحا ومعلوما لتوجهاته الحزبية، إذ لا بد من برنامج سياسي مخطط له يقدم انطباعا واضحا عن طبيعة النشاط الفكري والعملي للحزب، ولا ينبغي أن يكون نشاط الحزب السياسي عشوائيا، غير محكوم بقواعد تنظيمية ومبادئ ثابتة, يفترض أيضا أن يصب البرنامج السياسي في الصالح العام أولا، ولا تنحصر أهدافه بتحقيق المكاسب الحزبية او الشخصية فقط، كل هاته الصفات إن اجتمعت، توقفنا ان أي مجتمع، لا يمكن له الاستغناء عن الأحزاب السياسية، إن كانت اهدافها تدخل ضمن حدود المصلحة العامة.

 

اليوم، نعود بقرائنا الكرام، وزعماء احزابنا السياسية، إلى تاريخ  12 أكتوبر 2018، أي بعض ما يقرب من ثلاث اشهر على التوجيهات الملكية بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية العاشرة.

دعونا نقولها بالفم المليان، لقد دعا صاحب الجلالة إلى الرفع من الدعم العمومي للأحزاب مع تخصيص جزء منه لفائدة الكفاءات التي توظفها في مجالات التفكير والتحليل والابتكار. وهنا نتسائل إلى أي مستوى عملت الأحزاب السياسية على العمل بهاته التوصية الملكية، أم ينتظرون سؤالا إستنكاريا أين هي الكفاءات المغربية !!!، ونضيف في هذا الباب التذكير بشعار المرحلة والمتجسد في "روح المسؤولية والعمل الجاد".

نأسف لحال بعض احزابنا، نبكي بدل الدمع دما حينما يجد المواطن المغربي نفسه في كفة مصلحة الوطن وقد تم تغليب المصلحة الحزبية عليه، ودليلنا في هذا المناصب التي تقلدها العديد من الأشخاص في الوزاراة والمؤسسات الوطنية، ونتساءل أمن الواجب أن يغلب فيها منطق الكفاءة ام السياسة؟

تقارب كبير، ذلك الذي نجده في  نظرية افلاطون وتوماس هوبز، فالأول ركز على منطق الإعتماد المتبادل داخل المجتمع، وما بينه، في المقابل هوبز استخدم افكار افلاطون في الاعتمادية الى الحدود القصوى حيث يشبهها بالصراع بين الرجال والنساء لكي ينجوا بحياتهم. هذا المنطق الفلسفي لجهابذة الفلسفة السياسية، إذا ما ألبسناه الكساء المغربي وجدنا أن بعض الأحزاب السياسية بدأت تفقد نفوذها الاجتماعي وطبيعتها الشعبية تلقائيا، وذلك لأنها ديكتاتورية في قياداتها.

استطرد جلالة الملك في خطاب افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة ان “الرهانات التي يواجها المغرب كبيرة، والمرحلة تتطلب أن نجعل المغرب بلداً للفرص وليس للانتهازيين”. لافتا أنه يجب الانكباب على وضع نموذج تنموي جديد، عبر اعتماد سياسات ناجعة. وهو الأمر الذي يستجيب لمصلحة المواطن والوطن، غير أن بعضا من هاته الأحزاب إلى اليوم لاتزال تبحث (إن كانت تبحث فعلا) عن الكفاءات لوضع نموذج تنموي جديد، ونشير إلى سؤال اساس في هاته الفقرة، كيف نفسر مرور كل هاته المدة ولا زالت الأحزاب تبحث عن الكفاءات في مجال ترابي تبلغ في مساحتة  710,850 كم 2 ؟ مع التذكير أن التعليم العالي الجامعي بالمغرب 12 جامعة بها 125 مؤسسة.

أكثر من هذا، فقد حث العاهل المغربي جلالة الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة الذكرى الـ 19 لعيد العرش المجيد، الأحزاب السياسية بإدماج الشباب في العمل السياسي، لأنهم يعرفون مشاكل ومتطلبات اليوم.

توقفنا العلاقة القائمة بين الأمين العام للحزب و أطره وقواعده الحزبية إلى علاقة قريبة بتلك التي تجمع بين الشيخ والمريد، في فضاء الزاوية، هالة تكون أولى خيوطها التنظيمية مجموعة صغيرة من المقربين، وتتواصل الدوائر التنظيمية لنصل إلى الشبيبة الحزبية، هاته التراتبية هي من تضفي على زعيم الحزب هالة، تمكنه من تغليب المصالح الشخصية على المبادئ والقيم التي من المفترض أن تكون الإطار المرجعي للعمل الحزبي والفعل السياسي.

وفقا لقوانين الطبيعة التي وضعها توماس هوبز، فإن الظلم، ونكران الجميل، والتكبر، والكبرياء، والبغي، والمحاباة، وغيرها، يستحيل أن تشرع بإسم القانون، لأنه لا يمكن مطلقا التسليم بأن الحرب يمكن أن تحافظ على الحياة، وأن السلام يدمرها، وبالتالي لا يمكن لبعض الأحزاب المغربية أن تعطي إجابات تستجيب لتطلعات المواطن، لأنهم بكل بساطة لم يستوعبوا توجيهات صاحب الجلالة.