سعيد جعفر كتبت في موضوع الرقية الشرعية كثيرا منذ حوالي 5 أو 6 سنوات ويبدو أني في كل مرة أفهم مستوى جديدا وعميقا في هذا الموضوع له علاقة بالخطاطة العامة لعقيدة الدولة.
موضوع الرقية الشرعية ليس مجرد موضوع بسيط ومعزول. وهو موضوع لا يعزل عن رعاية الدولة للأولياء والزوايا ورعاية المواسم الدينية.
وبغض النظر عن الفضائح التي قام بها رقاة كثر آخرهم راقي بركان بالاستغلال الجنسي لزبوناتهم وكذا اغتصابهن و تصويرهن ونشر صورهن وفيديوهاتهن، فإن الدولة تتحرك قانونيا من خلال تكييف الأفعال الجرمية من داخل فصول القانون الجنائية الخاصة بقضايا الاغتصاب والاستغلال الجنسي و الشعوذة وليس ضمن قانون خاص بتجريم وعقاب نشاط الرقية الشرعية.
سبق لي شخصيا أن طرحت على عدد من السياسيين رؤساء فرق برلمانية وبرلمانيين فكرة تقنين وتضريب أو تجريم نشاط الرقية الشرعية؛ لأن الأمر يتعلق بأنشطة مربحة وأخرى جرمية لا تقع لا تحت سلطة القانون ولا تحت سلطة الضريبة،
وفيها خاسران اثنان، المتضررات من الاستغلال الجنسي و الاغتصاب...وميزانية الدولة التي تفقد مداخيل ضريبية مهمة من نشاطات تجارية وخدماتية مربحة جدا.
لا زالت الدولة والطبقة السياسية مترددة في اتخاذ قرار في هذا الموضوع لأن تقريرها في هذا الموضوع يعني:
- قضم جزء من ضلع التقليدانية الذي يشكل عقيدتها في الحكم والتدبير
- الإضعاف المادي والرمزي لتيار محافظ بالمجتمع يضمن التوازن الفكري والإيديولوجي والسياسي في البلاد.
المشكل في موضوع الرقية الشرعية أنه تحصل فيه اليوم انحرافات تمس بفضيلة التوازن هاته:
- فقد انتقل إلى إتيان أفعال جرمية جنائية تمس شرف نساء وأسرهن وأزواجهن.
- أنه يضر مصالح أطباء الإمراض النفسية والعصبية والعقلية ومن خلالهما ترتيب الدولة في سلم الرعاية الطبية النفسية.
- أنه يحرم ميزانية الدولة من مداخيل ضريبية مهمة في حال تقنينه بقرار تشريعي.
- أنه وهذا هو الأخطر تتحصل منه أموال طائلة سرية لا يعلم أوجه صرفها؟ و أين تصرف؟ وأين توظف؟ وهل تستثمر في المغرب أم يتم تهريبها؟ و ما هي طبيعة الأنشطة التي يتم تمويلها عبر الأموال الضخمة المتحصلة من حصص الرقية الشرعية؟
الدولة امتلكت ما يكفي من الجرأة والشجاعة لإغلاق ضريح بويا عمر.
فهل ستملك نفس الشجاعة لاتخاذ قرار في موضوع الرقية الشرعية؟
.gif)
