يفكك عبد الناصر ناجي، وهو خبير تربوي، تعاقب الإصلاحات في قطاع التعليم بالمغرب منذ التقويم الهيكلي اليوم، كما يقترح مداخل متعددة من أجل تسريع الوثيرة وتحقيق الأثر في الفصل الدراسي.
رغم تعاقب الإصلاحات في قطاع التعليم منذ التقويم الهيكلي إلى اليوم ما تزال نفس المشاكل تحاصر القطاع.. ما الوصفة لتجاوز هذا الوضع وحلّ المشكل؟
عدم تناسب متطلبات التنمية المعتمدة على الطاقات البشرية مع الإمكانات المالية المرصودة للتعليم كانت دائما تشكل عائقا بنيويا يربك إنجاح الإصلاحات الممتلئة التي عرفتها المنظومة التربوية. لكن البرنامج الاستعجالي شكل انعطافة لافتة في هذا المجال بحيث لم يعد السؤال هو ندرة الموارد بقدر ما أضحى الهاجس الأكبر هو كيفية استثمارها بالشكل الذي يحقق أهداف الإصلاح. لذلك ما زال الجدال قائما بعد 13 سنة من نهاية البرنامج الاستعجالي حول مدى فعالية التدبير المالي الذي واكبه. واليوم بعد أن قاربت ميزانية الدولة المخصصة للتربية الوطنية 100 مليار درهم أي ما يكاد يصل إلى 7 في المائة من الناتج الداخلي الخام وهي من أعلى المستويات في العالم، أصبح العائق المالي وراءنا تاركا أزمة المدرسة المغربية بيد عوامل أخرى نذكر منها أساسا كسر البوصلة التي بها تعرف المنظومة التربوية طريقها، والإصرار على إعادة صنع العجلة في الكثير من الأحيان، والإغراق في تجريب المجرب وتغليف القديم بثوب الجديد، بالإضافة إلى تفضيل النظرة الجزئية الضيقة على الرؤية النسقية الشاملة. تجاوز هذا الوضع يقتضي استعادة الشرعية القانونية للإصلاح من خلال التبني الواضح لمقتضيات القانون الإطار لأنه يشكل بوصلة الإصلاح التي بدونها ستظل كل المبادرات، رغم ما قد تظهره من نجاحات ظرفية، قاصرة عن تحقيق النهضة التربوية التي دعا إليها النموذج التنموي. كما يقتضي إسناد مسؤولية القطاع لمن تلمس فيه الدولة القدرة على تحويل المنظومة بالشكل الذي توجه إليه بوصلة الإصلاح مع إبداع الوسائل الناجعة الضامنة لهذا التحويل وإشراك كل الأطراف المعنية في تحقيقه وتكريس التعاون الوطيدة مع المؤسسات الدستورية ذات الصلة وخاصة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي. وعلى المستوى السياسي لا يمكن تجاوز الأزمة القائمة إلا باتفاق مختلف الفرقاء على جعل التعليم بمنأى عن أي استغلال سياسي أو مزايدات حزبية ضيقة وأن يكون تدبيره عابرا للحكومات كما هو الشأن بالنسبة لقضية وحدتنا الترابية.
في واقع القطاع هناك مدرستين عمومية وخصوصية، كيف تقرأ ذلك وما الذي ينبغي فعله من أجل شراكات تعاقدية بين القطاعين الخاص والعام؟
إن علاقة التعليم العمومي بالتعليم الخصوصي تطرح في عمقها قضية الإنصاف وتكافؤ الفرص، خاصة وأن التعليم حق دستوري ينبغي أن تضمنه الدولة. بل أنه منذ دستور 2011 لم يعد هذا الحق مقتصرا على الولوج إلى المدرسة وإنما الولوج إلى تعليم ذي جودة. وهو ما يحتم جعل التعليم العمومي على الأقل في مستوى التعليم الخصوصي لكي يصبح ارتياد هذا الأخير فعلا اختيارا من طرف الأسر وليس ملجأ إجباريا تفرضه الحقيقة المرة للمدرسة العمومية. عدم التوازن الحالي بين التعليمين من حيث جودة الخدمات وجودة التعليم يدفع الأسر الميسورة والمتوسطة إلى تسجيل أطفالها في المدرسة الخصوصية وترك المدرسة العمومية للفئات الاجتماعية المعوزة الشيء الذي ينتج عنه تعليم ذو سرعتين مما يؤدي إلى تكريس الفوارق الاجتماعية بين أيناء الوطن الواحد. في بلد اختار النهج الليبرالي مع مسحة اجتماعية لا يمكن إلغاء التعليم الخصوصي ولكن يمكن تقنينه بتحديد معايير ملزمة مشتركة بينه وبين التعليم العمومي وإلزامه بمتطلبات تدبير المرفق العمومي والتقييم المستمر له من أجل ضمان التزامه بالمعايير الوطنية.
هناك أسر تتوجه نحو التعليم المدرسي الخصوصي وتؤدي فاتورة تمدرس أبناءها. كيف يمكنها استرجاع الضرائب ما دامت أنها لا تستفيد من خدمات التعليم العمومي. وكيف تقرأ ذلك؟
شخصيا لا أميل إلى هذا الحل لأن الدول التي طبقته عرفت تغولا للتعليم الخصوصي هجرة كبيرة من التعليم العمومي الذي ازداد تدهورا لأن جزء كبير من الرأي العام الذي من المفروض أن يرافع لدى الحكومة من أجل تحسين جودة المدرسة العمومية أصبح يدافع عن المدرسة الخصوصية بعد أن أصبح زبونا لها. كما أن جزء كبير من المالية العمومية الذي يأتي من الضرائب سيحذف بهذا المقتضى مما سيساهم في تردي وضعية المدرسة العمومية.
عدم تناسب متطلبات التنمية المعتمدة على الطاقات البشرية مع الإمكانات المالية المرصودة للتعليم كانت دائما تشكل عائقا بنيويا يربك إنجاح الإصلاحات الممتلئة التي عرفتها المنظومة التربوية. لكن البرنامج الاستعجالي شكل انعطافة لافتة في هذا المجال بحيث لم يعد السؤال هو ندرة الموارد بقدر ما أضحى الهاجس الأكبر هو كيفية استثمارها بالشكل الذي يحقق أهداف الإصلاح. لذلك ما زال الجدال قائما بعد 13 سنة من نهاية البرنامج الاستعجالي حول مدى فعالية التدبير المالي الذي واكبه. واليوم بعد أن قاربت ميزانية الدولة المخصصة للتربية الوطنية 100 مليار درهم أي ما يكاد يصل إلى 7 في المائة من الناتج الداخلي الخام وهي من أعلى المستويات في العالم، أصبح العائق المالي وراءنا تاركا أزمة المدرسة المغربية بيد عوامل أخرى نذكر منها أساسا كسر البوصلة التي بها تعرف المنظومة التربوية طريقها، والإصرار على إعادة صنع العجلة في الكثير من الأحيان، والإغراق في تجريب المجرب وتغليف القديم بثوب الجديد، بالإضافة إلى تفضيل النظرة الجزئية الضيقة على الرؤية النسقية الشاملة. تجاوز هذا الوضع يقتضي استعادة الشرعية القانونية للإصلاح من خلال التبني الواضح لمقتضيات القانون الإطار لأنه يشكل بوصلة الإصلاح التي بدونها ستظل كل المبادرات، رغم ما قد تظهره من نجاحات ظرفية، قاصرة عن تحقيق النهضة التربوية التي دعا إليها النموذج التنموي. كما يقتضي إسناد مسؤولية القطاع لمن تلمس فيه الدولة القدرة على تحويل المنظومة بالشكل الذي توجه إليه بوصلة الإصلاح مع إبداع الوسائل الناجعة الضامنة لهذا التحويل وإشراك كل الأطراف المعنية في تحقيقه وتكريس التعاون الوطيدة مع المؤسسات الدستورية ذات الصلة وخاصة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي. وعلى المستوى السياسي لا يمكن تجاوز الأزمة القائمة إلا باتفاق مختلف الفرقاء على جعل التعليم بمنأى عن أي استغلال سياسي أو مزايدات حزبية ضيقة وأن يكون تدبيره عابرا للحكومات كما هو الشأن بالنسبة لقضية وحدتنا الترابية.
في واقع القطاع هناك مدرستين عمومية وخصوصية، كيف تقرأ ذلك وما الذي ينبغي فعله من أجل شراكات تعاقدية بين القطاعين الخاص والعام؟
إن علاقة التعليم العمومي بالتعليم الخصوصي تطرح في عمقها قضية الإنصاف وتكافؤ الفرص، خاصة وأن التعليم حق دستوري ينبغي أن تضمنه الدولة. بل أنه منذ دستور 2011 لم يعد هذا الحق مقتصرا على الولوج إلى المدرسة وإنما الولوج إلى تعليم ذي جودة. وهو ما يحتم جعل التعليم العمومي على الأقل في مستوى التعليم الخصوصي لكي يصبح ارتياد هذا الأخير فعلا اختيارا من طرف الأسر وليس ملجأ إجباريا تفرضه الحقيقة المرة للمدرسة العمومية. عدم التوازن الحالي بين التعليمين من حيث جودة الخدمات وجودة التعليم يدفع الأسر الميسورة والمتوسطة إلى تسجيل أطفالها في المدرسة الخصوصية وترك المدرسة العمومية للفئات الاجتماعية المعوزة الشيء الذي ينتج عنه تعليم ذو سرعتين مما يؤدي إلى تكريس الفوارق الاجتماعية بين أيناء الوطن الواحد. في بلد اختار النهج الليبرالي مع مسحة اجتماعية لا يمكن إلغاء التعليم الخصوصي ولكن يمكن تقنينه بتحديد معايير ملزمة مشتركة بينه وبين التعليم العمومي وإلزامه بمتطلبات تدبير المرفق العمومي والتقييم المستمر له من أجل ضمان التزامه بالمعايير الوطنية.
هناك أسر تتوجه نحو التعليم المدرسي الخصوصي وتؤدي فاتورة تمدرس أبناءها. كيف يمكنها استرجاع الضرائب ما دامت أنها لا تستفيد من خدمات التعليم العمومي. وكيف تقرأ ذلك؟
شخصيا لا أميل إلى هذا الحل لأن الدول التي طبقته عرفت تغولا للتعليم الخصوصي هجرة كبيرة من التعليم العمومي الذي ازداد تدهورا لأن جزء كبير من الرأي العام الذي من المفروض أن يرافع لدى الحكومة من أجل تحسين جودة المدرسة العمومية أصبح يدافع عن المدرسة الخصوصية بعد أن أصبح زبونا لها. كما أن جزء كبير من المالية العمومية الذي يأتي من الضرائب سيحذف بهذا المقتضى مما سيساهم في تردي وضعية المدرسة العمومية.
نحن الآن على مشارف 2026، بعض الدول اعتمدت العداد الصفر، كانت مثل المغرب أو أقل منه، الاستثمار في الوافدين الجدد وبعد 12 سنة ليعطوا قيمة مضافة في القطاعات التي سيلجونها، وفي نفس الوقت إصلاح ما يمكن إصلاحه، حتى يمكن أن نبلغ المطلوب. كيف وبم يمكن أن نحقق المراد؟
كل الدول واعية بأن التنمية الشاملة والمستدامة مشروطة بتحسين جودة المدرسة العمومية لأنها الضامنة لتوفير العنصر البشري الكفؤ والمتشبع بقيم الانتماء والمواطنة. كما أنه يجعل منها ذلك المصعد الاجتماعي الذي يمكن الطبقات الاجتماعية الفقيرة من المساهمة في تنمية البلاد وبالتالي تعزيز الشعور بالفخر والاعتزاز بالانتماء للوطن مما يضاعف الفعالية والإنتاجية في خدمة النموذج التنموي الوطني. إن المغرب الصاعد لن يتحقق إلا بالاستثمار المستدام في البشر وهو ما يطرح من جديد مسألة سلم الأولويات بالنسبة للدولة والمجتمع.
كل الدول واعية بأن التنمية الشاملة والمستدامة مشروطة بتحسين جودة المدرسة العمومية لأنها الضامنة لتوفير العنصر البشري الكفؤ والمتشبع بقيم الانتماء والمواطنة. كما أنه يجعل منها ذلك المصعد الاجتماعي الذي يمكن الطبقات الاجتماعية الفقيرة من المساهمة في تنمية البلاد وبالتالي تعزيز الشعور بالفخر والاعتزاز بالانتماء للوطن مما يضاعف الفعالية والإنتاجية في خدمة النموذج التنموي الوطني. إن المغرب الصاعد لن يتحقق إلا بالاستثمار المستدام في البشر وهو ما يطرح من جديد مسألة سلم الأولويات بالنسبة للدولة والمجتمع.