الجمعة 19 إبريل 2024
سياسة

كم يكلفنا فتح سفارة مغربية بالخارج؟

كم يكلفنا فتح سفارة مغربية بالخارج؟ السفير عمر هلال يتوسط الوزير ناصر بوريطة (يسارا) والسفير شكيب بنموسى

يتوفر المغرب على 87 سفارة بالخارج، وعلى 4 بعثات وعلى مكتب اتصال واحد و55 قنصلية. وكل سفارة تكلف سنويا ما مجموعه 600 مليون سنتيم، وهو نفس المبلغ الذي يصرف على تدبير قنصلية واحدة كل عام ايضا، أي أن مجموع تمثيليات المغرب بالخارج تكلف سنويا حوالي 80 مليار سنتيم في أقصى قدير، وهو مبلغ هزيل لا يسمن ولا يغني من جوع ولا يسمح بهامش واسع للتحرك لتسبح العلاقات داخل بلدان الإقامة، (حفلات، موائد، لقاءات عامة، تمويل عمليات صغرى..).

هذا التقشف الذي تتعامل به الدولة مع سفارات المغرب في الخارج يقابله للأسف تبذير في مناحي أخرى بوزارات وجماعات محلية يحصى بالملايير كان من الأولى توجيهه لخلق آلة دبلوماسية عنيفة، علما أن مشروع استثماري تجلبه سفارة مغربية بالخارج يضخ الملايير في خزينة الدولة (الطاقة، الفلاحة، برامح الصحة، الماء، الطرق والسدود..). وحسب تقارير خبراء استأنست «أنفاس بريس»، بآرائهم فإن الدبلوماسية المغربية تحتاج إلى أن يرصد لها ما بين 300 و400 مليار سنتيم كل عام.

طبعا، هذا المبلغ لا يستحضر السفراء والقناصلة ذوي النيات السيئة الذين يمدون أياديهم إلى المال العام، بل تمت صياغته من وجوب توفر هاجسين لدى صانعي القرار: الهاجس الأول هو الحرص على اختيار دبلوماسيين أكفاء ولهم خبرة ولهم «كبدة» على البلاد، أما الهاجس الثاني فهو وجود مايسترو حكومي ينسق ويشرف على تدبير الملف الدبلوماسي بما يخدم أطروحة المغرب.

قد يقول قائل إن المغرب ليس دولة بترولية حتى يساير هذا القول، لكن هذا الطرح واه لاعتبارين اثنين:

الاعتبار الأول: أن قضية الصحراء، ليست للمساومة المالية، خاصة وأن الملايير كما قلنا تنفق في التفاهات، فمثلا بلدية الدار البيضاء تنفق مليارين في السنة على سيارات المنتخبين ولجانهم، وتنفق مليارا آخر كل عام على كراء محلات معظمها مغلق أو لا حاجة للمواطنين به، أي أن البلدية لوحدها تخسر في التفاهات 3 ملايير سنتيم كل عام، وقس على ذلك باقي الجماعات الكبرى. أما المكتب الوطني للكهرباء، فينفق سنويا على مقره بالبيضاء 300 مليون سنتيم للإضاءة بالنهار! ونفس المبلغ تنفقه الأبناك على مقراتها (أي في المجموع 2 مليار سنتيم). وإذا عرجنا على وكالة الموانئ ومكاتب الاستثمار الفلاحي وأكاديميات التعليم ومرسى ماروك وباقي المؤسسات العمومية، فإننا سنصل إلى اكتشاف مبلغ 10 ملايير سنتيم أخرى يذهب سنويا هباء منثورا.

بمعنى أن «حساب الشارفات» الذي قدمناه الآن مكن من اكتشاف مبلغ يقارب 15 أو 20 مليار سنتيم يتم «رميها في البحر» كل عام بدل أن توجه إلى ما هو مصيري وجوهري في حياة المغاربة، (أي ملف الصحراء). وبالتالي إذا قام صانعو القرار بضبط المصاريف التافهة فلي اليقين أن المبلغ الذي سيتم توفيره سيتجاوز 200 مليار سنتيم سنويا، ومن العار بل حرام أن ترمى أموال الشعب في «الخوا الخاوي»، بدل تخصيصها لما هو جوهري..

أما الاعتبار الثاني فيتجلى في أن المغرب مازال في حرب، لأن الحرب لم تنته عام 1991 بل تم فقط وقف إطلاق النار، أما الحرب فلم تزد إلا حدة وسعارا.

وهذا ما لم ترد النخبة السياسية بالمغرب، أي الحكومات والبرلمانات المتعاقبة، أن تستوعبه، والحرب تتطلب مصاريف ووقودا لتشغيل ماكينة الهجوم والدفاع في نفس الوقت: الهجوم على معاقل الخصوم والدفاع عن المصالح الاستراتيجية للمغرب.