السبت 20 إبريل 2024
مجتمع

عثمان اشريبة: أية ضمانات لحماية حقوق العاملات والعمال المنزليين في ظل القانون 19.12؟

عثمان اشريبة: أية ضمانات لحماية حقوق العاملات والعمال المنزليين في ظل القانون 19.12؟ عثمان اشريبة في صورة تركيبية مع إحدى خادمات البيوت

بعد مرور 13 سنة من صدور مدونة الشغل، وبعد تزايد حالات تعذيب الخادمات في المغرب، والتي كشف الإعلام بعض صورها الشنيعة، وما خلفته من مآسي مازالت ترخي بضلالها على عديد من الضحايا، يدخل أخيرا القانون 19.12 المتعلق بشروط التشغيل والشغل المتعلقة بالعاملات والعمال المنزليين حيز التنفيذ.

ويشكل هذا القانون خطوة هامة في مسار تعزيز الحقوق والحماية الاجتماعية لهذه الفئة من العمال، إذ يهدف هذا القانون إلى تنظيم علاقة عمال وعاملات المنازل بمشغليهم درء لأي استغلال أو حيف قد يطال هذه الفئة .

وقد جاء القانون رقم 19.12 إعمالا لمقتضيات المادة 4 من مدونة الشغل التي كانت تحيل على قانون خاص يحدد شروط التشغيل والشغل المتعلقة بخدم البيوت الدين تربطهم علاقة شغل بصاحب البيت. ولعل أول ما يسترعي الانتباه في القانون 19.12 استعمال المشرع المغربي لتسمية «العاملات والعمال المنزليين » بدل تسمية «خدم البيوت» التي وردت في المادة 4 من مدونة الشغل، وهي إشارة إيجابية تعكس رغبة المشرع المغربي في الرقي بهذه الفئة بما يحفظ حقوقها وكرامتها.

ونظرا للأهمية الكبيرة التي يكتسبها هذا القانون، ارتأينا تسليط الضوء على بعض مقتضياته ضمن النقط التالية :

أولا: شروط تشغيل العاملات و العمال المنزليين

حسب المادة 3 من القانون 19.12 المتعلق بتحديد شروط التشغيل والشغل المتعلقة بالعاملات والعمال المنزلين، فإن تشغيل العاملة أو العامل المنزلي يتم بمقتضى عقد عمل يعده المشغل وفق نموذج يحدده نص تنظيمي. ويتم توقيع هذا العقد من طرفي العقد؛ أي من قبل المشغل والعاملة أو العامل المنزلي، ويخضع هذا العقد إلى الأركان العامة التي تخضع لها كافة العقود كما حددها الفصل 2 من قانون الالتزامات والعقود المغربي، المتعلقة أساسا بتراضي الطرفين وبأهليتهما للتعاقد وبمحل العقد وسببه.

وقد حدد القانون 19.12 الحد الأدنى لسن تشغيل العاملات والعمال المنزليين في 18 سنة كقاعدة عامة، غير أنه سمح استثناء خلال مدة انتقالية مدتها خمس سنوات، بتشغيل الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و18 سنة بصفتهم عاملات أو عمال منزليين، شريطة أن يكونوا حاصلين من أولياء أمورهم على إذن مكتوب مصادق على صحة إمضائه. غير أن القانون الخاص بالعاملات والعمال المنزليين منع تشغيل كل من تتراوح أعمارهم بين 16 و18 سنة ليلا، كما منع تشغيلهم في بعض الأعمال الخطرة أو الغير الآمنة.

ثانيا: المقتضيات المتعلقة بمدة العمل والراحة الأسبوعية

حدد القانون 19.12 مدة العمل في الأشغال المنزلية في 48 ساعة موزعة على أيام الأسبوع، إلا أنه حدد مدة عمل العمال المنزليين المتراوحة أعمارهم بين 16 و18 سنة في 40 ساعة أسبوعيا.

وتستفيد العاملة أو العامل المنزلي من راحة أسبوعية لا تقل عن 24 ساعة متصلة كما تستفيد الأم العاملة المنزلية، ابتداء من تاريخ استئنافها العمل اثر الوضع، من استراحة خاصة للرضاعة مدتها ساعة واحدة عن كل يوم عمل، وذلك خلال مدة اثنتي عشرة شهرا متوالية.

إضافة إلى ما سبق، فقد أقر القانون 19.12 حق العمال المنزليين في الاستفادة من عطلة سنوية مؤدى عنها، وأيضا من راحة مؤدى عنها خلال الأعياد الدينية والوطنية ،كما تمنح للعاملات والعمال المنزليين رخص تغيب لأسباب عائلية ورد النص عليها في المادة 18 من القانون المتعلق بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعاملات والعمال المنزليين.

ثالثا: الأجر

يعتبر أداء الأجر من أهم العناصر المميزة لعقد الشغل، ولأن الأجر يلعب أدوارا اجتماعية واقتصادية جد مهمة، فقد حرص القانون الجديد على اشتراط أن لا يقل مبلغ الأجر النقدي الذي يتقاضاه العامل المنزلي عن %60 من الحد الأدنى القانوني للأجر، المعمول به في قطاعات الصناعة والتجارة، ولا تعتبر مزايا الإطعام والسكن ضمن مكونات الأجر النقدي.

أما فيما يخص تاريخ أداء الأجر، فقد حدده القانون 19.12 في نهاية كل شهر، غير أنه لا مانع يمنع من الاتفاق بين المشغل والعامل المنزلي على تحديد تاريخ آخر لأداء الأجر.

ولم يفت القانون الجديد التأكيد على ضرورة قضاء العاملة أو العامل المنزلي مالا يقل عن سنة متواصلة من الشغل الفعلي لدى نفس المشغل، حتى يتسنى له الاستفادة من الحق في التعويض في حالة ما إذا قرر المشغل فصله عن العمل.

رابعا: دور مفتشية الشغل

أعطى القانون 19.12 للأعوان المكلفين بتفتيش الشغل دورا هاما في تلقي الشكايات التي يتقدم بها أطراف العقد المبرم بين العاملة أو العامل المنزلي والمشغل، فبعد تلقي مفتش الشغل الشكاية، يعمل على إجراء محاولة صلح بين الطرفين، وذلك من خلال استدعاءهما للمثول أمامه للتحقق من مدى تطبيق أحكام القانون، وإذا تعذر عليه إجراء الصلح بين المشغل والعاملة أو العامل المنزلي، حرر محضرا في الموضوع يسلمه إلى العاملة أو العامل المنزلي ليدلي به إذا قرر اللجوء إلى المحكمة المختصة قصد البت في النزاع .

- عثمان اشريبة، باحث في العلوم القانونية