الجمعة 19 إبريل 2024
مجتمع

ظاهرة حارس لكل سيارة.. هل فرض "الكارديانات" سيطرتهم على الشارع؟!

ظاهرة حارس لكل سيارة.. هل فرض "الكارديانات" سيطرتهم على الشارع؟! صورة من الأرشيف

أي جولة في شوارع مدننا، تضعنا أمام إشكالية عويصة بارزة لكل العيان، تتمثل في حراس السيارات الذين ينتشرون في كل مكان، ويفرضون أنفسهم بقوة الأمر الواقع.

وقد أضحت عبارة "حارس لكل سيارة"، تعكس التنامي الذي تشهده هذه الظاهرة، كما تجسد التداعيات الاجتماعية التي تنتج عن ذلك.

- عربدة الكارديانات في الشارع العام:

حراس السيارات أو "الكارديانات" أصبحوا ظاهرة مقلقة في الشارع العام، نتيجة تناسلهم العددي المثير للانتباه، وما يخلقونه من مشاكل يومية في مواقف السيارات، ناتجة عن سلوكات سلبية تصل إلى حد العربدة..!!

أدى تكالب كل من هب ودب على هذه المهنة غير المنظمة، إلى التحاق أصحاب السوابق، والمشبوهين، والمعوقين، والمدمنين بمهنة حراسة السيارات، وما يرافق ذلك من فرض أنفسهم بالقوة على أصحاب السيارات، بل وإجبارهم على الدفع تحت التهديد، كما يحدث في عدة مدن، وخاصة طنجة التي تتفاقم فيها هذه الظاهرة بشكل خطير..!!

- مليشيات تعيث فسادا في المجال العمومي:

"إنهم يحتلون الملك العمومي دون موجب قانوني، ويفرضون إتاوات على كل من يركن سيارته، سواء في شارع أو زقاق أو أمام مؤسسة عمومية.."

هكذا يصيح غاضبا أحمد العمرتي، موظف عمومي، مشيرا، في تصريح لـ "أنفاس بريس"، إلى أن "الكارديانات" تحولوا إلى "مليشيات" تعيث فسادا في الشارع العام..!!

أما رشيد عبو، تاجر، فيقول باستياء بالغ "تصوروا أن مجرما يحرس السيارات وإذا لم تدفع له يسبك ويهددك وقد يعتدي عليك أيضا..". ويضيف أحمد مؤكدا لـ "أنفاس بريس" أن حراس السيارات أصبحوا مثل البوليس تماما"..!!

رأى مواطنون آخرون في هذه الظاهرة "أمرا إيجابيا"، باعتبار أنها تساهم في محاربة آفة البطالة، وتفتح فرص شغل أمام شريحة من المواطنين، وأنها ليست مهنة بقدر ما هي تضامن اجتماعي بين صاحب السيارة والحارس.

- الملك العام مخترق ولا حرمة له:

كيف نمت هذه الظاهرة؟  وما تأثيرها السلبي بالنسبة للمجال العمومي؟ وما هي القراءة الممكنة لسياقها؟

اتصلت "أنفاس بريس" بالباحث في الظواهر الاجتماعية، عبد الله المدني، الذي قدم رؤيته التالية:

"ظاهرة "الكارديانات" تتجسد عبر جانبين:

- الأول: يشمل بعض الحراس الذين يشتغلون في إطار مرخص له من السلطات المختصة. وهؤلاء يمثلون شريحة تسعى إلى ضمان لقمة عيش، ويزاولون مهامهم بمسؤولية ودون مشاكل.

- الثاني: يشمل عينة من المنحرفين الذين يتطاولون على مواقف السيارات ويفرضون سيطرتهم عليها بالقوة، وتصل عربدتهم حد إرغام أصحاب السيارات على الدفع عبر مختلف أشكال الابتزاز والتهديد..!!

وهذا التداخل السلبي يبرز ملاحظتين:

- الأولى: أن المجال العمومي مخترق جدا ولا حرمة له. وأن التطاول على الملك العام لا حد له في ظل غياب آليات فرض الحسم والحزم في التعامل مع التجاوزات.

- الثانية: أن السلطات المختصة فشلت في فرض الهيبة على صعيد الشارع، وعجزت عن تطبيق القانون وإلزام الجميع باحترامه..!!

إننا إزاء قطاع غير مهيكل، تستنزفه العشوائية، وتخترقه كل أشكال قوانين الغاب. وبالتأكيد إن إعادة الأمور إلى نصابها وحماية المجال العمومي من هذه الظواهر السلبية، يقتضي تنظيم هذه المهنة وضبط أمورها، لأنه لا يعقل أن تظل مواقف السيارات تحت رحمة كل من هب ودب".!!

- الكارديانات يدافعون عن أنفسهم:

لاستكمال كل أجزاء الصورة، توجهت "أنفاس بريس" إلى حراس السيارات "الكارديانات" للتعبير عن موقفهم إزاء الاتهامات التي توجه إليهم من طرف أصحاب السيارات.

يقول الحارس رضوان "نحن نشتغل في هذه المهنة لتوفير لقمة عيش صعبة، بعد أن قاموا بإغلاق كل أبواب الحياة في وجوهنا. لسنا مجرمين، كما يقولون. في كل مهنة هناك الصالح والطالح. إننا نتعب من أجل دريهمات فقط".

ويؤكد الحارس مصطفى "نعم هناك كارديانات من ذوي السوابق يعتدون على المواطنين. لكن ليس كل الحراس هم من هذه العينة. أنا مثلا رب أسرة تتكون من خمسة أفراد، وأعيل أسرتي من خلال دخلي الهزيل في حراسة السيارات في هذه الحومة".

أما الحارس الحسين فيوضح قائلا "هذه المهنة صعبة جدا. إننا نعاني من مشاكل يومية مع أصحاب السيارات. نحن لا نفرض عليهم إتاوات، بل نقنع بدرهم ودرهمين. وإذا كان هناك حراس يشكلون إساءة فلا ينبغي وضع الكل في سلة واحدة والحكم عليهم دون تفريق".