الأحد 10 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

يزيد البركة:العفيف والملهوط

يزيد البركة:العفيف والملهوط يزيد البركة
نظريا، ومبدئيا، النائب البرلماني له عقدة قائمة مع الشعب بمجرد ما يفوز في الانتخابات، ليكون حازما وصارما في الدفاع عن حقوق ومطامح الشعب الاقتصادية والسياسية والقانونية والاجتماعية، وفي كافة الميادين، ويراقب الحكومة والدولة في كل حركاتها وسكناتها كي لا تحابي وتعلف وتحمي كمشة من الناس ضد أغلب الطبقات الشعبية.
لكن ما نشاهده اليوم يصدم القلوب، نحن نعرف أن المجتمع المغربي أتجه منذ مدة يمينا على مستوى الأخلاق والقيم وظهرت الكثير من السلوكيات الفردانية والجشع والانتهازية في قاع المجتمع وفي أوساط النخبة، لكن نحن نتكلم عن صفوة " تختارها أحزاب " من "النخبة" تتقدم إلى الشعب وتعلن على الملأ أنها قادرة على حماية مصالحه والدفاع عن طموحاته.
كيف يستطيع نائب برلماني أن يقفز من موقع الحرص على أن يذهب المال العام إلى ما ينفع الشعب إلى موقع الشرس في جلب منفعة شخصية له، سواء أكانت تتعلق بالتقاعد أو غيره، وكيف يمكنه أن يتحول من " المناضل" ضد كل أشكال التبذير والاختلالات المالية وغيرها وهو يتشبه بخدام الدولة ويتزلف هو الآخر للحصول على حولي العيد(هبة الدولة الملغومة المقتطعة من المال العام ).
من الناحية القانونية نظريا أي بحسب المنطق القانوني، أي نائب برلماني سعى إلى استفادة شخصية من خلال مهمته البرلمانية فقد سقطت عنه مهمة النيابة عن الشعب، وتحولت إلى استغلال المهمة النضالية الشعبية وإلى مهمة شخصية وهذا من طبيعة أساطين النخبة الذين يعرفون كيف يلوون أعناق القوانين وكيف يتهربون من العفة والأخلاق إلى الفذلكات القانونية والتقنية الصرفة.
أين عفة النائب البرلماني عبد اللطيف بنجلون ، ومحمد منصور ، والحبابي وغيرهم ، في علاقتهم بالراتب البرلماني والتعويضات والحصول على بقعة ؟ كيف بدأت تتلاشى تلك القيم وتتفشى اللهطة ؟
نائبان إثنان فقط من الفيدرالية كانا واضحين في هذا الموضوع، لكن كيف يمكن التصدي للزحف النكوصي على مستوى القيم في المؤسسة البرلمانية والجماعات والجهات التي من المفروض أنها تمثل الشعب والسكان لأن أعضاءها ليسوا خداما للدولة فقط بالأخلاق ؟ إن ما لا تستطيع الأخلاق أن تحققه يمكن للقانون أن يحققه، لا أعتقد أن التساهل في التحديد القانوني لمهمة النائب عن الشعب يفيدنا كيسار على أساس أن كل حزب يمكنه أن يحدد لأعضائه طبيعة المهمة، إننا إذا سرنا على هذا المنوال لن نتمكن من صون المال العام وكبح جماح اللهطة لأننا اليوم عضوان والمرة المقبلة 5 أو ستة وبعد سنوات فريق صغير ففي أي عقد نستطيع أن نفرض أخلاق العفة واليد البيضاء ؟
على اليسار ألا يحشر نفسه في هذه المعادلة المنعدمة بل يجب عليه أن يخوض معركة التحديد القانوني لطبيعة النائب البرلماني بشكل علني يفتح حوله نقاش عام، وفي نفس الوقت نقاش حول قوانين الانتخابات وبدل حشر اليسار في زاوية الصوت النشاز يجب العمل على حصر الملهوطين في الزاوية ومعهم من يجرهم إلى أن يكونوا "خدام " الدولة.