الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

المهدي جماع: إذا أسندت الأمور إلى غير أهلها...

المهدي جماع: إذا أسندت الأمور إلى غير أهلها...

بعد قمة باريس للمناخ "كوب 21"،جاء الدور على المغرب ليتحمل لواء تنظيم النسخة 22 من مؤتمر الأطراف للتغير المناخي "كوب 22" وفقا لاتفاقية الأمم المتحدة المبدئية بشأن التغير المناخي بعاصمة النخيل مراكش. ولهاته الغاية، عبأت الدولة المغربية جميع الإمكانات البشرية واللوجستيكية والدعائية والمادية لإنجاح هذا الملتقى العالمي. إذ يراهن المغرب بكل مكوناته الرسمية والمنتخبة والمدنية إلى الانتقال من المقاربة المناسباتية والفلكلورية للبيئة (سبق وأن نظمنا قمة 7 بمراكش "كوب 7")، إلى الفعل الميداني من خلال تعزيز الترسانة القانونية الوطنية وجعل البيئة أحد أسس التنمية المستدامة وكذا محاولة تنسيق جهود جميع الفعاليات تحت مظلة اللجنة التحضيرية (comité de pilotage)، التي يترأسها السيد مزوار والمكونة من نخبة من الفعاليات مقسمة حسب التخصيصات والتخصصات (اللجنة العلمية - لجنة المجتمع المدني – لجنة اللوجستيك....).

ورغبة من المغرب ليصبح نموذجا إقليميا ودوليا في ميدان النجاعة الطاقية والطاقات المتجددة والبديلة ورائدا فيما بات يصطلح على تسميته "الاقتصاد الأخضر"، فقد نظمت عدة أنشطة وندوات تمحورت جلها حول إشكاليات التحولات المناخية وتأثيراتها والبدائل ودور الهيئات سواء الرسمية أو المدنية في التأثير في صنع القرارات والتوصيات التي بإمكانها إعادة التوازن البيئي للكرة الأرضية والتقليص من انبعاتات ثاني أوكسيد الكربون.

لكن ورغم هاته المجهودات المبذولة لإنجاح هاته القمة، يجب أن لا نغفل عن التعثرات والإخفاقات التي أبانت عنها اللجنة المشرفة على التنظيم وخير دليل على ذلك إعفاء أحد الأسماء الوازنة من مهامه بسب التقصير والبطء في الأشغال بالإضافة إلى غياب الشفافية في صرف الاعتمادات المالية الضخمة (أكثر من 900 مليون درهم) التي خصصت لهدا الغرض والغريب في الأمر أنه مع اقتراب موعد الحدث بدأت بوادر التخبط والكولسة تطفو على السطح وأخر فصول هذا التخبط هو إرغام المشاركين على دفع تكاليف الإيواء والأكل والنقل. كما أن المسيرة المقررة، لم يتم تخصيص ولو درهم واحد لها بالرغم من أهميتها والقيمة المضافة التي تضيفها إلى هذا الحدث العالمي بالإضافة إلى الضبابية في تدبير الموارد المالية هناك ارتجال في عملية التواصل والتداخل في الاختصاصات.

أتمنى كفاعل جمعوي بيئي وحقوقي أن لا يتكرر سيناريو كأس العالم للأندية بمراكش والمنتدى العالمي لحقوق الإنسان، الذي احتضنته نفس المدينة، في نونبر 2014. كما أتمنى أن يتم تدارك الهفوات وإعادة  الاعتبار للفعاليات المدنية الوطنية التي تم التعامل معها بطريقة أقل ما يقال عنها انها استفزازية وعنصرية بحيث تم إقصاء أغلب النشطاء الجمعويين البيئيين المغاربة من المشاركة في المنطقة الزرقاء (zone bleu) وإعفاء المئات من الجمعيات الإفريقية والأجنبية من دفع تكاليف الإقامة والمبيت والنقل عكس المشاركين المغاربة (مابين 250 الي 800درهم تكلفة المبيت فقط)، بالإضافة إلي التأخير الحاصل إلى حدود الساعة في تحديد وتوزيع "بادجات" المشاركة في المنطقة الخضراء (zone verte) وأشياء أخرى نتعفف عن ذكرها . إن التنظيم مسالة تقنية وليست سياسية أو شوفينية وبالتالي يجب إعطاءها لدوي الاختصاص مع ربط المسؤولية بالمحاسبة كلنا أمل أن يتم تدارك الموقف وتصحيح الاختلالات حتى يمر هدا العرس البيئي في أحسن الظروف. صحيح أن هناك عدة جوانب إيجابية، لكن نظرا لحجم الحدث وبعده العالمي، فإن عدة أمور تنظيمية غاب عنها النظام. إن هاته اللقاءات العالمية لا تكفي "السنطيحة" لوحدها والدليل على ذلك أن بلدان عديدة اعتذرت على تنظيم النسخة الموالية لهدا المنتدى (الأرجنتين، السنغال ...).

إن هاته الصرخة البيئية ليست للتشفي، بل لنشهد الجميع على أن تنظيم مؤتمر الأطراف لاتفاقية الإطار للأمم المتحدة كوب 22، في كف عفريت رغم تغيير وإعفاء بعض الأسماء كالوالي "عبد السلام بيكرات" المسؤول علي اللوجستيك بتاريخ 28 شتنبر2016 وتعويضه ب "نور الدين بوطيب" كاتب عام وزارة الداخلية، ورغم الزج ببعض المستشارين الدوليين والملكيين إلى الميدان فإن الأمور مازال يغلب عليها طابع الضبابية وعدم الانسجام.

من المهم جدا أن يحتضن المغرب المؤتمر الأول بعد نسخة باريز، والمغرب يعتبر رائدا في مجال حماية البيئة وتطوير الطاقات المتجددة (نور 1، 2) بفضل السياسة الحكيمة لصاحب الجلالة محمد السادس الذي رفع التحدي بجعل المغرب نموذج في إنتاج الطاقة النظيفة "الذهب الأخضر". وفي هدا السياق يتموقع المغرب كناطق باسم إفريقيا حتى لا يكون لخريطة الطريق القادمة تأثير سلبي على مصالح القارة، وخاصة على مستوى التمويل والدعم.

إننا كلنا أمل في المستقبل فإن تحقق فبفضل الله وإن لم يتحقق فقد عشنا به زمنا.