السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد جدري: قضية "محسن فكري" الشجرة التي تخفي الغابة

محمد جدري: قضية "محسن فكري" الشجرة التي تخفي الغابة

كلما تحرك الشارع المغربي للاحتجاج، إلا و أضع يدي على قلبي خوفاً على الوطن. وضعت يدي يوم خرج الشباب في حراك 20 فبراير،ثم وضعت يدي يوم خرج الشباب احتجاجا على العفو على "دانييل كالفان"، كذلك وضعت يدي على قلبي نهاية هذا الأسبوع عندما خرج الناس يتظاهرون احتجاجاعلى مقتل "محسن فكري".

لا أدري سبب أو أسباب هذا الخوف، هل لأن جيلي لم يعش حقيقة سنوات الرصاص، أم خوفي نابع منما يجري بالمنطقة المحيطة بنا (تونس، مصر، ليبيا، اليمن، سوريا و العراق. ( قضية "محسن فكري" ماهي إلا تلك الشجرة التي تخفي الغابة. شجرة الفساد التي تزكم أنف هذا الوطن.

سنحاول من خلال هذه المقالة، أن نتحدث بإسهاب عن الشجرة، ثم الغابة قبل أن نعرج على ما يجب فعله، ليبقى هذا الوطن ملكا للجميع، و يشكل حقا الاستثناء الذي نفتخر به بين الأمم.

الشاب "محسن فكري" انتحر، قتل خطأ أو عن عمد، مقتله ما هو إلا تحصيل حاصل. لنبدأ من أول الحكاية:

  1. من الذي سمح لمركب الصيد، بالرسو بميناء الحسيمة وهو محمل بأطنان سمك "اسبادون" المحظور اصياده خلال شهري أكتوبر و نونبر ؟
  2. من الذي سمح بعبور سيارة نقل محملة بنصف طن من سمك "اسبادون" من أمام بوابة الميناء دون توقيفها ؟
  3. من الذي سمح للطبيب البيطري بالتصريح بعدم صلاحية الاستهلاك للأسماك، فقط لعدم توفر صاحبها على مايتبث مصدرها ؟
  4. كيف تتم عملية إتلاف الأسماك في جو يسوده الهرج و المرج، أدى لوفاة شخص بريء ؟

 إنه الاستهتار، الاستخفاف، سمه ما تشاء، عدم ربط المسؤولية بالمحاسبة، يؤدي للفساد. الفساد الأصغر هو من قتل "محسن فكري". وهذا ما ظهر من خلال بلاغ الوكيل العام لمحكمة الاستئناف بالحسيمة، إذ أن أصابع الاتهام موجهة نحو مندوب الصيد البحري، رئيس مصلحة بالمندوبية ذاتها، طبيب بيطري، رجال سلطة و أعوان شركة النظافة بالمدينة.

أما الفساد الأكبر، أو الغابة التي تختفي وراء الشجرة، فيعلمها الصغير قبل الكبير، لأنها تتغلغل في مفاصل الدولة.

  1. لا يمكنك قضائك مصالحك الإدارية دون مطالبتك من أغلب الموظفين بمد " القهيوة"
  2. لا يمكنك الاستفادة من التطبيب في المستشفيات العمومية دون مطالبتك من أغلب الممرضين و الأطباء و الإداريين من تقديم "القهيوة" مرة ثانية؛
  3. إن قمت بمخالفة سير بالمجال الحضري أو القروي، فأمامك فرصة كبيرة "للتفاهم" مع الشرطي أو الدركي عن طريق رشوته.
  4. لا يمكنك الحصول عن وظيفة في القطاع العام و حتى الخاص، دون المرور في أغلب الأحوال عبر وسطاء متخصصين.
  5. ولجسم العدالة، نصيب كذلك نصيب من الفساد، باعتراف من أصحاب المهنة أنفسهم.
  6. من الصعب أو من المستحيل أن تفوز بصفقة عمومية دون دفع ثمن معقول في أغلب الأحيان.
  7. الفساد وصل حتى جسم التعليم، إذ يقال الشيء الكثير عن سومات التسجيل بسلك الماستر و الدكتوراه بالجامعات والمعاهد المغربية.

محاربة الفساد كان الشعار الرئيسي لحزب العدالة والتنمية خلال انتخابات 2011 و 2016. إذ أن السيد الامين العام لحزب العدالة والتنمية، و رئيس الحكومة المنتهية ولايتها و رئيس الحكومة المكلف ما فتئ يصرح أكثر من مرة أن الفساد في البلاد وصل لمستويات قياسية، بل صرح ذات يوم أن الفساد هو الذي يحارب الحكومة و ليس العكس.

عبد الإله بنكيران، يعلم أكثر من غيره، أن حصوله على المرتبة الأولى في تشريعيات 07 أكتوبر لم يأتي عن اقتناع المغاربة ببرنامجه الانتخابي، و إنما لثقتهم في نقاء يديه من الفساد. وبالتالي، فإن انتظارات المواطنات و المواطنين، ستكون كبيرة خلال الولاية الثانية لحكومة بنكيران. هذا الأخير، يجب عليه بمعية حلفائه و بتكامل مع المؤسسة الملكية، إطلاق جيل جديد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

أولا، بالعمل على فصل حقيقي بين السلط،وبإعادة الاعتبار لدور الأحزاب السياسية في تأطير المواطنين و العمل على تقوية استقلالية قرارها ;

ثانيا، تشجيع المقاولة المغربية الشابة، و توزيع عادل للثروة ;

ثالثا، الكف عن ضرب القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة (تحريرأسعار المواد البترولية، إصلاح مقياسي لأنظمة التقاعد...) و مواصلة دعم الطبقات الفقيرة و الهشة (المطلقات، الأرامل...;

رابعا، قبل هذا و ذاك، لابد من إعادة الاعتبار للمدرسة العمومية عن طريق إصلاح حقيقي للنظام التعليمي، من أجل تعليم مجاني و ذو جودةعالية.

ختاما، نذكر عبد الإله بنكيران، أن ما شفع له خلال حكومته الأولى، هو نقص تجربة التسيير الحكومي، هذا النقص، انتفى بعد مرور خمس سنوات من تسيير الشأن العام. و عليه، فإن صبر المغاربة سينفذ سريعا إن لم يروا نتائج ملموسة خلال السنة الأولى من الحكومة الثانية.