خطاب الملك في البرلمان، وإشاراته للفساد الإداري الموجود، وخيبة أمل المغاربة في استرجاع ممتلكاتهم واسترجاع حقوقهم بالالتجاء إليه، واستمرار التجاوزات واللامبالاة بتنبيهات الملك لكل الجهات بما فيه النواب الذين انتخبوا، ليكونوا في خدمة الوطن والشعب..
استمرار السلوكات المقيتة للكثير من المسؤولين في جهات عدة ووفاة محسن فكري، أخرجت الشارع المغربي في كل المدن ليعبر الناس بشعار واحد كفانا حكرة.. كفانا انتهاكا لحقوقنا، كل مسؤول يجب أن ينزل إلى الشارع، ويكون، قريبا من نبض الشارع، قريبا من المواطن ليعرف مشاكله.. المسؤول يجب أن يكون متواضعا مع المواطن، يفتح مكتبه له، ويستمع له.. الملك في خطابه أمام نواب الشعب يحمل رسائل كثيرة لكل الجهات، للمسؤولين على رأس كل إدارة، لنواب الشعب كي يتحملوا مسؤوليتهم ويراقبوا وزراء الحكومة ويحاسبوهم في حالة التجاوزات والاختلالات والانتهاكات والاختلاسات وعدم احترام القانون، يحاسبونهم على كل شاذة وفادة حتى تستقيم الأمور.
المبادرة جاءت من أعلى سلطة في البلاد، والشارع الذي تحرك اليوم قد تلقى الإشارات التي صدرت في خطاب الملك.. الكثير من المواطنين يتساءلون: لماذا تأخر الإصلاح؟ لماذا ولماذا، ولماذا؟ أسئلة كثيرة طرحت.. الذين يريدون استغلال حادثة المرحوم محسن فكري المنحدر من الحسيمة من أسرة مسالمة مؤمنة بالقدر، حريصة على عقيدتها ودينها، ومنتقدة لكل الذين يريدون استغلال وفاة ابنهم البار لإشعال الفتنة في الحسيمة، قد تجاوزوا كل الحدود.
إصلاحات كبرى تقررت في العديد من القطاعات، بناء على التقارير التي رفعت للجهات العليا، في القضاء في التعليم في الصحة، في منظومة الانتخابات.. لكن هل تم إشراك كل من يهمهم الأمر في هذه القطاعات المهمة؟ هل تقرر شيء في المجلس الأعلى للتعليم؟ هل تمت متابعة المتورطين في الاختلاسات الكبرى التي ثبتت في وزارة التعليم؟ هل شارك جميع كل من يهمه أمر القضاء في إصلاحه وأخذت وجهات نظرهم للمراجعة منظومة القضاء؟ ثم كيف يفسر المتابع والمواطن التشنجات التي حصلت بين رئيس النيابة العامة والقضاة الذين طالبوا باستقلالية القضاء؟لماذا لا يؤخذ بوجهة نظر بعض القضاة النزهاء الذين عبروا بجرأة عما يجري داخل منظومة القضاء؟ لماذا تعطلت الإصلاحات وتوقفت المشاورات وارتفعت التهديدات من وزير العدل؟لماذا حصل تراجع في المنظومة التربوية، وتكدس الأطفال في المدارس العمومية وتوقف التشغيل المباشر رغم أننا في حاجة إلى أُطر تربوية؟لماذا استمر الفساد الانتخابي بتصويت الموتى، واستغل العديد من الفاسدين غياب العديد من المواطنين وصوتوا نيابة عنهم؟لماذا لا تتحمل الأحزاب السياسية المسؤولية وتقطع الطريق على المفسدين في التزكية؟
التراكمات التي حصلت أدت إلى الاحتقان، والاعتماد على المقاربة الأمنية والعصا ستزيد دون محالة للمزيد من التوترات والتطورات التي تعرفها ملفات كثيرة في المجتمع كالبطالة والإصلاحات المفروضة كلها تنذر بالمزيد من الصدامات التي سيعرفها الشارع.
هل يمكن القول بأن المغرب بمعزل عن الأزمات التي تعرفها جل البلدان العربية؟ لا أعتقد ذلك، وبالتالي آن الأوان لربط المسؤولية بالمحاسبة واتخاذ الإجراءات في كل من تماطل في تطبيق القانون، أو انتهك حقوق المواطنين، أو اختلس أموال الشعب، أوساطهم من بعيد أو قريب تبديد خيرات البلاد أو تهريبها إلى الخارج.
آن الأوان كي يحترم كل مواطن وكل مسؤول ما عليه من واجبات وحقوق...
آن الأوان كي نضع حد للمزايدات السياسية ونتجنب الفتن في البلاد..