السبت 23 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

عبد العزيز بلحسن : عتمات من تاريخنا العربي الإسلامي.. الحشاشون (3)

عبد العزيز بلحسن : عتمات من تاريخنا العربي الإسلامي.. الحشاشون (3) عبد العزيز بلحسن

هم الحشاشون ؟ أين تموقعوا، و بماذا تميزوا عن باقي الفرق المعارضة للحكام في عهد الدول: العباسية و الفاطمية و السلاجقة و المماليك ؟ و كم دامت هذه الفرقة ؟ و كيف انتهت ؟

1 ـ فرقة الحشاشين:

أطلق هذا الاسم " الحشاشون " على فرفة إسماعيلية وهي تابعة للأمام إسماعيل الشيعي، لكن اختلف المؤرخون حول إلصاق هذه التسمية " الحشاشون " بهذه الفرقة الإسماعيلية؛ منهم من يتهمهم بتخدير المتطوعين / الفدائيين المقبلين على تنفيذ إحدى عمليات الاغتيال، حتى تظهر لهم مباهج الجنة الموعودة واكتساب الشجاعة. لكن هذا الطرح كان ضعيفا، باعتبار الإسماعيلية كانت تحرم تناول مخدر الحشيش . كما أطلق عليهم الفرنسيون ـ assassinsـ ويبقى إلصاق تسمية "الحشاشون " بهذه الفرقة لغزا محيرا إلى اليوم؛ لكن الأهم من كل هذا القاء الضوء على هذه الفرقة : مبادئها ، أهدافها ، باعتبارها أول فرقة نظمت فعل الاغتيال السياسي و وضعت له إطارا وتداريب وتخطيط .

و قد تميزت هذه الفرقة بمذهبها الراديكالي في الاسلام ، هناك من يطلق عليها صفة الارهاب الدموي، و كان مؤسسها حسن الصباح ( بتشديد الباء )، شيد هذا المؤسس الذكي شبكة من القلاع المحصنة، امتدت من أفغانستان وحدود الهند إلى الساحل الشرقي للبحر المتوسط في سوريا غربا، و كانت عاصمتهم ببلاد فارس، قلعة " الموت " و تعني بالفارسية عش النسر .

لم يكن هدفهم القتل من أجل القتل ، بل لإقامة حكم عادل ، يرأسه أمام عادل والذي يعتبر مصدر السلطة، وقد توزعت هذه السلطة وفق الرتبة والمعرفة: الإمام / الشيخ - الواعظون - المعلمون - المجاون -المستجيبون والمريدين.

2 ـ ظروف النشأة .

لما بدأت الإمبراطورية الفاطمية / الشيعية / الإسماعيلية تحتضر، ظهرت الحاجة إلى خلق مسار جديد؛ ابتكره ثائر / داهية يدعى حسن الصباح، الذي تم إبعاده من مصر، فطاف في البلدان حتى وصل إلى أصفهان بإيران، حيث مارس نشاطه الدعوي وسط الشعوب الشيعية وتيسر له كسب العديد من المريدين والأنصار واستقر أخيرا في قلعة الموت بجبال فارس.

3 ـ تنظيم أسلوب الاغتيال السياسي .

كانت فرقة الحشاشين تمتاز بتنظيمها السري الشديد ، و تحضير الفدائيين داخل قلاعهم وتعليمهم اللغات السائدة وعادات الشعوب ، ثم بعد ذلك يرسلونهم على شكل مجموعات صغيرة للانضمام إلى صفوف الحكام الأعداء والتقرب منهم ، و قد اندس العديد منهم في حاشية السلاطين والوزراء مع الحفاظ على ولائهم المطلق لزعمائهم الحشاشين ، و كانوا متلهفين لتلقي الأوامر بالقتل ، بحيث كانوا ينفذونها بحماس كبير غير آبهين بالموت وكان الاستشهاد في عقيدتهم مفكرا و عزا ، يحسبونه انتحارا من أجل الجنة .

لقد استمرت هذه الحركة حوالي القرنين ؛ سقط خلالها العديد من الحكام. أولهم الوزير المشهور نظام الحكم السلجوقي واثنان من خلفاء العباسيين وعدد كبير من الزعماء والوزراء والأمراء والحكام ورجال الدين الذين كانوا يعارضون المذهب الإسماعيلي ، كما تعرض صلاح الدين الأيوبي للاغتيال مرتين من طرفهم ؛ نجا من الأولى و جرح في المحاولة الثانية وقد امتدت خناجرهم إلى ملك الصليبيين "كونراد" ملك القدس.

  1. ـ انهيار حركة الحشاشين.

لقد مارس الحشاشون القتل المحترف طيلة قرنين من الزمان و كان عاملا من عوامل أخرى القضاء على السلاجقة وإضعاف العباسيين والأيوبيين، لكن الغزو الماغولي أتي غلى الأخضر واليابس، فسيطروا على جميع قلاع الحشاشين بما فيها قلعة "الموت " المحصنة و قتل الكثير منهم ، كما أن المماليك و على رأسهم " بيبرس " قد قضى عليهم في قلاع الشام .