الأربعاء 27 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

حسن برما: من واقع الحال.. ضد الغربان

حسن برما: من واقع الحال.. ضد الغربان

لا حاجة بي لكلام لا يفضح، لا يحتج، لا ينادي على الأسماء التي في البال، وفي الحلبة لعِبٌ كالبكاء، مسرحية رديئة الكتابة والإخراج، ملحمة لا تثير جمهورها المفترض، فزَّاعات متحركة، عشاق بأقنعة مضحكة، والعبرة البليغة بِصَمْتٍ يرحل بك لخواء وقت مغتصب !!!

في زمن السيبة وأسلاك الحدود المسروقة، استحال القُبُّ الخشبي سَطْلا بلاستيكيا، وقفت بغلة حسن البصري في صف الحصان الحر، والحكم المعتوه لم يتردد في التأشير على بداية السباق بين البغلة العاقر والحصان المتورط في لعبة مدفوعة الأجر.

أغلب أحزاب بلدي الحبيب مجرد دكاكين مناسبات.. ولمعرفة ذلك انظروا لطبيعة الصراع العشوائية وسذاجة الأساليب والرؤى وغباء الانحناء لمول الشكارة وسمسار الدين "المطاوع".. لا برامج ولا استراتيجيات واضحة للإصلاح ومحاربة الفساد المشاع .

وسنطيحة الخوانجية البواجدة أكثر صلابة من صخرة القمقوم وشاهدة القبر.. وعدوا بمحاربة الفساد والفقر، لكنهم حاربوا الفقراء والمدرسة العمومية وعملوا على محاصرة الثقافة والإبداع ودعموا لغط الميوعة والاستهتار.. والأسوأ الأخطر هو أنهم لا يبالون بالوطن.. مثل كل فقهاء الظلام ما يهمهم هو الاغتناء الفاحش والالتصاق المَرَضي بكراسي الحكم والتحكم وتنغيص حياة الناس، ومساعدة بعضهم على القذف .

وهذا هو ديدن جميع فقهاء الظلام تاريخيا، كلما أحسوا بتشديد خناق المحاسبة عليهم وانفضحت تجارتهم بالدين كلما واصلوا تلاعبهم بالقطيع وواصلوا لعبهم الحقير باللغة والنصب على السذج ومعطوبي الضمير، ولعل التهديد بالثورة وإرهاب الوطن بإشعال نيران الفتنة في حالة خسارة الفقيه تدخل في باب الترهيب والتعتيم والتهرب من المحاسبة بالهروب إلى الأمام .

فعلا، إذا أردت أن تنهب البلد وتفترس خيراته وثرواته دون حساب أو عقاب فاعمل على نشر الغباء بألوان براقة، حرّض فقهاء الغفلة على إطلاق العنان للفتاوى السائبة المثيرة للتقزز قصد إلهاء القطيع وتصنع المشاكل وخلق البلبلة والتشكيك في قيم الحرية والمساواة والكرامة وإشاعة فقه القبر والأوهام وأسِرَّة الحوريات الخرافيات !

اقتل المدرسة العمومية وأفرغها من محتوياتها التربوية النبيلة.. وظف كل الإمكانيات لتجهيل الأجيال القادمة، اجعل قنوات الصرف الصحي المأجورة تنشر قيم الاستغباء والاستحمار وشعارات راسي يا راسي !

أغرق الناس بسموم الأدعية المسجوعة برعونة، حاصر المنابر الحرة التي تفضح حقيقتك المتوحشة وافتقادك للحس الإنساني المواطن، فبرك الملفات وجهِّزْ التهم لكل من فضح جشعك وجوعك الحقير.. اعتد على المأجورين والمأجورات بتخفيض الرواتب والمعاشات بصورة مثيرة ودون وجه حق وأسرع بالزيادة في سن التقاعد حتى الموت كي لا يستفيد الضحايا من الأموال المكدسة نتيجة اقتطاعات لم تتوقف!

يا سادة.. الوطن فوق الجميع، ومعه أخاف على وطن أبنائي والأجيال القادمة.. وللأسف هناك أغبياء يقامرون بأمن الوطن، أعرف أن التماسيح العفنة ستتخلى عن وطني لو اشتعلت أرضي قتلا وخرابا ونارا تأكل الأخضر واليابس، وأعرف أيضا أنهم عند أول دمعة سيحملون حقائبهم المملوءة بأموال وأحلام البسطاء ويهربون إلى حيث يكدسون ما سرقوه دون اعتبار لواجب الانتماء وقداسة الوطن.. قلوب الحجر لا تهمها أحزاننا ولا تفكر سوى في كراسي الحكم والتحكم مهما يكن الثمن .

من أجلك حبيبي سأختار التصويت للحب والإبداع المتمرد والجمال.. وهذا يعني أنني أرفض المهادنة في لعبة بشعة أعرف طبيعتها منذ عقود مهما تغيرت أقنعة الدكاكين الغبية وأساليب المزاد الحقيرة التي تعادي الحرية والكرامة والمساواة.. يقينا، لن أتركهم يتلاعبون بما تبقى من أحلامي الحمقاء، طلقاتي القادمة تعرف التمييز بين صدق النبض ووعود تتلذذ بنشر الأكاذيب وفخاخ الغربان الصدئة.