الثلاثاء 7 مايو 2024
مجتمع

آمال بن يعيش: المقاربة الأمنية عاجزة لوحدها عن الحد من ظاهرة العنف ضد النساء

آمال بن يعيش: المقاربة الأمنية عاجزة لوحدها عن الحد من ظاهرة العنف ضد النساء آمال بن يعيش
شهدت السنوات الأخيرة تنامي التحرش والاعتداء الجنسي على النساء في الفضاءات العامة والخاصة وأماكن العمل، في مقابل البروز الملفت لاتجاهات تسعى إلى الفصل بين الجنسين في الفضاءات العامة ومحاولة تبرير الاعتداءات والتحرش وانتهاك حرمة وكينونة النساء بلباسهن أو أوضاع أجسادهن "المستفزة" للمكبوتات الجسدية للذكور، علما أن التحرش الجنسي أضحى حاضرا بقوة في الحياة اليومية للنساء، مما جعلهن يشعرن بانعدام الأمن والامان وبالتهديد والخوف المستمر. فما هي أسباب تفشي التحرش الجنسي والعنف في الفضاءات العمومية؟ هل يعود الأمر الى ضعف آليات حماية النساء من العنف؟ أم يعود الى الانحدار الثقافي وتفسح منظومة القيم وتفشي بعض الأفكار المتطرفة والفتاوى التي تحاول دائما إرجاع أسباب العنف الى "المتحرش بهن" و"المعنفات" وتحقير المرأة والحط من كرامتها وتكريس دونيتها؟ وماذا عن دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية في إقرار تربية جنسية سليمة كفيلة قائمة على الحوار والاحترام المتبادل بين الجنسين وإشاعة ثقافة حقوق الإنسان ومواجهة توجهات الإقصاء والتهميش وعدم الاعتراف بكفاءات وقدرات النساء اللواتي استطعن إثبات جدارتهن وكفاءاتهن في مسؤوليات ومناصب حساسة.
"أنفاس بريس" وفي محاولة لتسليط الضوء على إشكالية تنامي العنف والتحرش ضد النساء في الفضاءات العمومية والخاصة، طرحت هذه الأسئلة على آمال بن يعيش، رئيسة جمعية العاصمة الإسماعلية، كفاءات إبداعات ومبادرات،، فكان ردها:
"ظاهرة التحرش الجنسي ضد النساء هي جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية للنساء سواء في الأماكن العامة أو الخاصة، وهي تمارس على مختلف الفئات العمرية والمجتمعية، وهذا يرجع بالأساس إلى تكريس النظرة الدونية للمرأة وطغيان الفكر الذكوري الذي ينظر إلى المرأة كجسد. إنها ظاهرة مقلقة لأنها أصبحت تمارس على النساء في واضحة النهار وعلى مرأى ومسمع من الجميع الذي تطبع واعتاد على ممارسة هاته السلوكات الشاذة ضد النساء. وأعتقد أن انعدام تصور سليم في العلاقة بين الرجل والمرأة، وكيفية التعامل مع الجنس الآخر، واعتباره إنسانا يجب احترامه وصيانة كرامته، يؤدي إلى وجود خلل في التعامل مع المرأة، وبالتالي تزداد الهوة بين الجنسين مما يولد لدى الرجل نزعة الاستقواء وممارسة القوة ضد المرأة.
كما أن ارتفاع نسبة الأمية والفقر والبطالة تزيد من حدة الظاهرة، وقد يزيد من تفاقمها سكوت المرأة المعنفة عن حقها، فأحيانا قد تكون ملزمة بالتخلي عن حقها في المتابعة، نظرا لصعوبة إثبات واقعة التحرش مما يشجع الرجل على التمادي في العنف وممارسته في الأماكن العامة والخاصة، ووسائل النقل العمومية وأينما شاء ذلك، من خلال أفعال و إيحاءات ذات طابع جنسي، وبكلمات نابية تخدش الحياء العام مما يسبب لديها انعدام الشعور بالأمن والأمان. وأعتقد أن الكل مسؤول عن تنامي العنف والتحرش ضد النساء. ففي ظل غياب قيم الأخلاق والمواطنة، وتراجع كل مؤشرات التنمية البشرية منها والاقتصادية، وأمام عجز الدولة على سن سياسات حكومية ناجع تحد من الظاهرة وتضمن للمرأة الكرامة والمساواة وتحقق لها العدالة الاجتماعية، أضحت المسؤولية مسؤولية مشتركة بين كافة مكونات المجتمع، مما يدفع إلى مساءلة الأسرة التي تخلت عن دورها في إرساء قواعد التربية السليمة لأطفالها وتبنت العنف الأسري الذي يتجسد في الضرب والتحقير المستمر، ومساءلة الإعلام والمدرسة التي تكرس النظرة الدونية للمرأة من خلال المناهج والمقررات التعليمة، التي أصبح الوضع خارج عن سيطرتها وجمعيات المجتمع المدني والأحزاب السياسية التي استقالت من مهامها في التنشئة والتأطير.
وينبغي إرساء تربية وثقافة مجتمعية جديدة مبنية على مبدأ المساواة في الحقوق والحريات بين الرجل والمرأة، والعمل على إنتاج مواطن صالح ومسؤول داخل المجتمع، كما يجب تعزيز مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية وتمكينها من ولوج مراكز القرار، وأن تصبح فاعلا رئيسيا في المشهد السياسي وداخل المجتمع، وذلك بعدما اتضح جليا قصور الترسانة القانونية وعجز المقاربة الأمنية عن الحد من الظاهرة".