مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية تكثر الاتهامات المتبادلة بين الأحزاب المشاركة فيها لدرجة يصبح معها مجرد اتهام عضو مسؤول أو منتم لهذا الحزب أو ذاك جريمة يتداولها الناس في مجالسهم و يكتب عنها العديد ممن أصبح شغلهم الشاغل تصيد أخطاء الآخرين لعجزهم عن إنتاج أفكار تفيد الآخرين و تفيد المجتمع .
إننا جميعا نعرف القاعدة التي تقول بأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، و هي قاعدة قانونية ، و لكنها قبل ذلك أخلاقية، تقتضي منا جميعا أن نترك المتهم، أيا كانت تهمته و أيا كان الحزب الذي ينتمي إليه ، أن نتركه يواجه القضاء و ينال العقاب الذي يستحق إذا كان مذنبا ، دون أن نشغل بالنا نحن بالموضوع لأنه موضوع يبعدنا عن الموضوع الأساسي الذي يجب أن يطرح اليوم في مجتمعنا و هو موضوع البرامج و الأفكار التي تطرحها الأحزاب المشاركة في الانتخابات، و موضوع محاسبة الأحزاب التي تشارك في الحكومة .
لذلك فإنني أتمنى ألا نعير كثير اهتمام للقضايا المرتبطة بالأشخاص، حتى إن كانوا مذنبين ، و أن نهتم أكثر بجوهر الموضوع ، و هو فضح و محاربة الفساد و المفسدين ، و دعم شرفاء وطننا الذين سيتقدمون إلى هذه الإنتخابات، و هم موجودون و سيحين الوقت المناسب للحديث عنهم و التعريف بهم .
بقي أن أشير في الأخير إلى أن الحملة التي يتعرض لها بعض الأشخاص المنتمين إلى عدة أحزاب ، و المتهمين بعدة تهم ، هي حملة تساهم أيضا في إشاعة العزوف و فقدان الثقة في العمل السياسي و في الإنتخابات، و هذا سيجعلنا ندور في نفس الحلقة المغلقة : نشكو من الفساد و المفسدين ، ندعو و نشجع على المقاطعة... المفسدون و المستفيدون يحثون أتباعهم على المشاركة و نؤدي جميعا الثمن .
لنخرج إذن من هذه الدائرة ، لنناقش جوهر الأشياء و لنساهم في توعية جماهير شعبنا بضرورة المشاركة في الإنتخابات و سد الطريق على كل المفسدين الذين يستعدون من الآن للعودة محملين على أكتاف جماهير شعبنا و بعض نخبه المقاطعة و الغائبة عن هذه المعركة المصيرية.
كتاب الرأي