في المجتمع الذكوري تعتبر المرأة مدانة إلى أن تثبت براءتها، القاعدة الأساسية في المحاكمة العادلة هي قرينة البراءة، والتي تم تأويلها بشكل منحرف لضرب حقوق الضحايا.
لذلك كٌتب الكثير وقِيل الكثير والحقيقة مغيبة ولا نعرف طبيعة المدافعين بشكل مطلق عن الصحافي "توفيق بوعشرين"، يربطون هذا الاعتقال بخط تحرير جريدة ونجاح صاحبها في فرض رؤية على الناس، لكنهم يتجاهلون حقوق صحفيات ومثقفات يشتغلن في نفس المجال، لكن لم تتمتعن بنفس القيمة ولو عن طريق جبر الخاطر والاكتفاء بالاستماع فقط إنهن ضحايا!
لا أعرف لماذا الاتجاه المحافظ يٌؤوّل بشكل سلبي صمت الصحافيات لمدة قبل بوحِهن وتقديم الشكاية؟ لا أعرف جرأة بعضهم في الدفاع عن المتهم وبأن العلاقات يمكن أن تكون رضائية؟ كل هذا كي يتم نفي تهمة الاغتصاب أو محاولة الاغتصاب والاعتداء الجنسي والتحرش الجنسي على المتهم!
لذلك أقول إن الصحفيات تحركن بمنطق الإنسان المظلوم والباحث عن جهة تسمع لاستغلالهن كنساء، اقتنعن بطريقة فقصدن القضاء، ضد مٌشغِل، مالك جريدة وزميل في المهنة و"ذوي القربى أشد مضاضة من الحسام المهند كما يقال". فلم يجدن سوى التخوين والمٌؤامرة من فكر منغلق يٌسيًسٌ المحاكمة. ما وقع للصحفيات ومن خلال البلاغات الصادرة عن وكيل الملك وما تكتبه الصحافة، لا يقبل الهدوء في مجتمع أصبح يتحرر من الذكورية الزائدة ويتخلى بشكل مقصود عن العقل الراكد، في مواجهة نظرية المؤامرة التي تتهم قبل أن تضطلع على محاضر الضابطة القضائية دون عناء الشك ومعرفة الحقيقة، باعتبار المشتكيات صحافيات، والمتهم صحافي كان من المفروض ألا يضع نفسه في هذا المأزق الهدام. لكن للأسف حواريوه وزبانيته يقدسون المغالطات وأفكارهم الوثوقية إلى درجة تكفير وتخوين كل من يخالفهم؛ أما واقع تٌهم التحرش والاغتصاب إنه تخوين للضمير فينا واغتيال للعقل الذي يناصر المرأة ويريدها كائنا كاملا متساويا ومستقلا.
فمن الطبيعي أن نجد جزءا من المجتمع متعاطف مع المتهم حتى وإن تحرش واغتصب. وخاصة أولئك الذين يٌنعتون بالصقور، يٌسيسون هذه القضية، وربما سيكونون سببا في إغراق بوعشرين فهم جزء من الأزمة، لأنهم يستثمرون كل القضايا من أجل كسبها على المقاس، يؤججون فخاخ التحريض السياسوي لحساسيات ملتهبة في زمن ملتهب.
د .عبد الغني السلماني، كاتب متخصص في تحليل الخطاب