الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

عبد المجيد مومر:هل الدولة المغربية كافرة يا معالي رئيس الحكومة "التوحيدي الإصلاحي"؟!

عبد المجيد مومر:هل الدولة المغربية كافرة يا معالي رئيس الحكومة "التوحيدي الإصلاحي"؟! عبد المجيد مومر الزيراوي
يقول حسن البنا مؤسس جماعة "الإخوان المسلمون" في رسالته المُسَمَّاة "بين الأمس و اليوم": " أيها الإخوان: أنتم لَسْتُم جمعية خيرية، ولا حزباً سياسياً، ولا هيئة موضعية الأغراض محدودة المقاصد!".
وذاك ما تُجَسِّده بالملموس حالة المُخَاتلة غير القانونية التي تُمَارسها جماعة التوحيد والإصلاح من خلال صَكِّ الميثاق المشبوه الذي اسْتَنْسَخَتْه أقلام بروتوكولات سفهاء جماعة المُقلدين بالمغرب.
هذا الميثاق المشبوه يجسد مجموع المبادئ والمنطلقات، والأهداف والمقاصد، إضافة إلى مجالات العمل التي اختارتها حركة الإصلاح والتوحيد -التي ينتمي إليها رئيس الحكومة المغربية- للاشتغال في إطارها. حيث تأتي فكرة الميثاق بمثابة العقد الذي يجتمع عليه أعضاء الحركة، ويميزها عن غيرها من الهيئات والحركات، فالميثاق بمثابة الورقة المذهبية لها.
ويستمد هذا الميثاق أصالته المزعومة من القرآن الكريم والسنة النبوية، فالقرآن أوصى بكتابة العقود؛ "ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا" (البقرة/281)، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم أحدث وثيقة تنظم المجتمع الإسلامي غداة استقراره في المدينة المنورة. ومن واجبات العقد االتي أمر الله عز وجل بها الوفاء؛ يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ( المائدة/1).
والمُرِيب في الأمر؛ أنَّ أهداف و مقاصد الميثاق المشبوه نجدها نسخة مُطَابِقَة للأصل من أهداف ومقاصد رسائل جماعة حسن البنا التي تهدف إلى تكوين الفرد المسلم والأسرة المسلمة والمجتمع المسلم، ثم الحكومة الإسلامية، فالدولة فأستاذية العالم (هذه فكرة إخوانية تعني السيطرة على العالم و سيادة الدنيا وفق ما حدَّده حسن البنا).
كما تؤكد الوثيقة المُسَمَّاة "النظام العام للإخوان المسلمين" بأن الإخوان المسلمون في كل مكان جماعة واحدة تؤلف بينها الدعوة ويجمعهم النظام الأساسي. وتهدف الجماعة إلى "إعداد الأمة إعداداً جهادياً لتقف جبهة واحدة . . تمهيداً لإقامة الدولة الإسلامية الراشدة".
فهل يستطيع السيد سعد الدين العثماني، عضو حركة التوحيد والإصلاح رئيس الحكومة المغربية، والأمين العام لحزب العدالة والتنمية؛ هل يستطيع مٌقارعتنا بالصوت الجهوري ومُصارحة الشعب المغربي بالإعلان عن صريح براءته من عقد ولائه لبيعة ميثاق جماعة "التوحيد و الإصلاح" الدينية وأهدافها المُعلن عنها، حيث يعتبر الميثاق أن أجمع أهداف حركة التوحيد هو "إقامة الدين"، وعنه تتفرع سائر الأهداف المُخطط لها ضمن بوتوكولات الجماعة؛ من إقامة الدين على مستوى الفرد، والأسرة والمجتمع والدولة والأمة؟!
وهل الدولة المغربية كافرة يا معالي رئيس الحكومة التوحيدي الاصلاحي حتى ترفع جماعتكم مطلب إقامة الدين؟!
وبما أن أولاد الشعب حسموا وفق مبدأ "النيورياليزم" السياسي في اختيارهم الوطني الصاعد من رحم القوات الشعبية. اختيار تيار ولاد الشعب المؤسس وفق استراتيجية النضال الحداثي المتضامن التي تسمو فوق ضغائن السلوك الانتقامي الحاقد و تتجاوز سلوك المراوغة السياسوية التي سرعان ما تتلاشى و تتفتت.
هذا الاختيار الشبابي مسعاه النضال قصد استكمال بناء الدولة المغربية الديمقراطية المُوَحَدَّة؛ استكمال بناء "دولة الإنسان" وليس دولة خلافة كهنوتية على منهاج جماعة الإخوان.
استكمال بناء دولة المواطنة القائمة على أحكام الدستور المغربي، والتي تشكل الإطار القانوني السليم لجماعة "مجتمع التنوع البشري" والعدالة الثقافية للمواطنات و المواطنين.
و بالتالي يستمر قلم أولاد الشعب في طرح أكثر من علامة استفهام حول مونتاج مقالاتكم التركيبي تحت مُسمى : الدين و السياسة تمييز لا فصل.
تمييزكم هذا الذي استنسخ تمايزًا، ثم جاء نَسْخُه انحيازًا مكشوفا ضد إرادة الدستور و القانون.. إنه انحياز معالي رئيس الحكومة المغربية الأمين العام لحزب العدالة و التنمية ضد الانتصار لمفهوم العدالة التي تتأسس على الدستور والقوانين والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان (قضية آيت الجيد كمثال ورفع شعار لن نسلم لكم أخانا و كذلك بيان الأمانة العامة لحزب العدالة و التنمية الذي ينسف مبدأ المواطنة الدستورية و المساواة أمام القانون ، وكذلك تعمد إهانة كرامة المُشتكيات بتوفيق بوعشرين المتهم في جرائم الاتجار بالبشر و تقسيم الشعب المغربي إلى معسكرين).
عذرا السيد رئيس الحكومة المغربية؛
نحن نختار الوطن و ننحاز إلى صف الديمقراطية و القانون أولا و أخيرا، فلا تجعلوا المجتمع المغربي ضيقا بأدلجة " إسلامية الدولة " لتميل عن سعة الشرع المحمدي.
ولا تأخذكم العزة بشبهة الإلتفاف على الدستور، والتدليس بدين الله الإسلام الذي حَرَّر الإنسان من رقبة أخيه الإنسان ، وجعل الحكمة ضالة المؤمن هي له أنى وجدها.
الديمقراطية أولا وأخيرا...
                                                                 عبد المجيد مومر الزيراوي، شاعر وكاتب مغربي