السبت 27 إبريل 2024
في الصميم

حتى لاتتحول المساجد والمجالس العلمية إلى مضخة للأصوات الانتخابية !

حتى لاتتحول المساجد والمجالس العلمية إلى مضخة للأصوات الانتخابية !

في سنة انتخابية بالسويد (لا أتذكر تحديدا السنة) صدمتني تجربة الاشتراكيين بستوكهولم. إذ بادر الحزب الاشتراكي السويدي إلى بعث هدية لكل شاب بلغ سن الرشد الانتخابي، و كانت الهدية تبعث باسمه. لما يفتح الشاب الهدية كان يجد شريط فيديو قصير جدا. ولما يشغله الشاب السويدي يفاجأ بلقطة جنسية حميمية بين شاب وشابة. وفي نهاية اللقطة كتب تعليق: "هذا هو الإحساس بأول متعة، فسارع للمشاركة السياسية لتستمتع بأول فرصة في حياتك في اختيار من سيقرر في الشأن العام."

هذه الحملة التي قامت بها العائلة اليسارية السويدية تمنحنا ثلاث خلاصات:

أولا: أن الاحزاب السويدية تضبط الخريطة الانتخابية بالمدن والقرى وتعرف السكان القدامى والجدد وتعرف أولئك الذين ولجوا لأول مرة إلى السوق السياسي.

ثانيا: إن أرجل الأحزاب السويدية منغرسة " في الغيس" ومندمجة في دينامية المجتمع وليست معزولة عنه في الصالونات والحانات والكنائس.

ثالثا: المواطن هناك يحس انه عضو في العملية السياسية ومشارك في الحقل السياسي، بدليل أن صوته له قيمة.

ما الذي توحي لنا به هذه المقارنة - مع استحضار كل الفوارق طبعا بيننا وبين السويد ؟

إن استحضار الظرفية الحالية بالمغرب، المتميزة بفتح باب التسجيل في الانتخابات المقررة يوم 7 أكتوبر 2016، يبرز ضحالة العمل الحزبي ببلادنا. فبدل أن نعاين انخراط أجهزة الأحزاب المغربية وأذرعها الجمعوية والنقابية والنسائية والطلابية للنزول الى الشارع لتعبئة الناس وحثهم على التسجيل في اللوائح الانتخابية نجد أن معظم مسؤولي أحزابنا يتنافسون مع المواطن لملء الفضاء الأزرق بالتشكي والبكاء والوعيل والنحيب على حيطان الفايسبوك، متوهمين أن ذاك التسابق سيعوض آلية الانتخاب واختيار البرلمانيين، وبالتالي اختيار الحكومة التي ستقرر في شؤوننا لمدة 5 سنوات قادمة.

نعم الفايسبوك منة من العم سام لنغتسل من نجاسة سياسيينا ونفضح تخلفهم عن الوفاء بالتزاماتهم؛ لكن لم يكن الفايسبوك - حتى في السويد والميريكان والجابون والانجليز - الميكانيزم لتغيير المنكر وتنصيب الحكومات.

يا مسؤولي أحزابنا، أمامكم فرصة لتدارك الموقف. انزلوا من أبراجكم وتواصلوا مع ناخبيكم ليتسجلوا لصد الحمقى ووقف عبث بنكيران.

من العار أن يكون لنا جسم انتخابي من 18 مليون مواطن ويحكمنا شخص مثل عبد الالاه بنكيران بمليون و250 الف صوت (حوالي 4 في المائة من المسجلين في القوائم الانتخابية). إنه العار الأفظع من الاستعمار .

غدا لن نقبل مبررا من القادة الحزبيين لمزاحمتنا في الفايسبوك للتباكي على إعادة انتخاب بنكيران، الذي يستمد تجبره من ضعف الأخرين وليس من كاريزم أوعمق فكري وانساني.

نعم، نسجت شخصيا صداقات مع العديد من المنتسبين لحزب المصباح ينتمون لعدة مناطق، ورغم ما يقدمونه لي من تبريرات لاختيارهم بنكيران كزعيم للحزب. فإن ذلك لا ينهض كمبرر لأقتنع بصواب الاختيار،خاصة وأن حزب المصباح يعج بأطر أحسن بكثير من عبد الالاه بنكيران( خلقا وعلما وحصافة وحلما وبعد نظر) تصلح لقيادة الحزب وتصلح لتكون خصما شريفا.

إني أضع يدي على قلبي وأنا اتابع حاليا،حصيلة التسجيل في اللوائح الانتخابية وأتابع البروفيلات التي تتسجل ومن يقف ورائها، وأكاد أجزم أن الكتلة الناخبة لن يمسسها تغيير جذري ما لم تستغل الأحزاب الأخرى الاحتقان الموجود الآن في المجتمع وتصرفه في لوائح انتخابية واستقطابات نوعية وتحالفات مدروسة لكسب أصوات جديدة لانتزاع مقاعد جديدة.

ففي 2011 انفقت الدولة الملايير لحث الناس على التسجيل في اللوائح (حملات في التلفزة والصحف واللوحات الإشهارية والراديو...)، وهو إنفاق كان مؤلما، لأن أغلب من تسجل آنذاك كان يدور في الفلك الأصولي. وأخاف أن تأتينا الضربة القاضية اليوم هذه المرة من الخزان الأصولي إن لم تتم مراقبة المساجد والمجالس العلمية، التي بدل أن تلعب دورها في ضمان الأمن الروحي للمغاربة، تحول جزء كبير منها إلى مضخة أصوات لحزب واحد .

فاللهم اشهد.