كلما ضاقت الدائرة على عبد الإله بنكيران، وأحس بأنه محاصر سياسيا، يهدد بالنزول إلى الشارع، وكأن الشعب لا ينتظر إلا إشارة واحدة منه لاحتلال الفضاء العمومي احتجاجا على معاكسة طموحات «الحكومة الملتحية» في الاستمرار في تدبير الشأن العام. وهذا يؤكد منطق الابتزاز الذي يستعمله رئيس الحكومة في مخاطبة فرقاء الحقل السياسي، فأي هزيمة مرتقبة للأصوليين في الاستحقاقات القادمة (السابع من أكتوبر 2016) لا تعني في منطق بنكيران سوى تزوير الإرادة الشعبية والانقلاب على المسار الإخواني، خاصة أن أصدقاءه تعودوا على الكراسي الوزارية وعلى الرواتب الضخمة والسيارات الفارهة التي استلزمها تعيينهم المريح في المناصب السامية.
إن تلويح بنكيران بالنزول إلى الشارع كلما أحس باقتراب نهاية تجربته في الحكومة، وكلما أحس أن توجها سياسيا قادما سيعصف بطموحاته التحكمية، خاصة أن مؤشرات عدة تؤكد أن الأصوليين يخططون لمزاحمة إمارة المؤمنين وإفراغها تدريجيا من مضامينها المغربية، يحمل رسالة واحدة، وهو أنه لا يؤمن بالديمقراطية، ولا يؤمن بالتعددية السياسية، ولا يؤمن بصناديق الاقتراع، ولا بالتداول على السلطة، وكل ما يؤمن به هو: "أنا وحزبي ومن بعدي الطوفان".
إن هذا التهديد ليوضح الميولات الاستبدادية لرئيس الحكومة، ورغبته الدائمة في «التبوريد» على الخصوم، ليس بمنطق الإنجازات والمشاريع، بل بمنطق السخرية والقهقهات الحامضة وحشر العفاريت والتماسيح في ردوده على معارضيه. إن بنكيران حينما يقول لخصومه «خليوني نتبورد عليكم» يفرج عن عقدة نفسية تدل على أنه مستبد وفاشي ولا يؤمن سوى بمعارك اللسان، وأنه في نهاية المطاف ظاهرة صوتية ليس إلا.