Wednesday 30 April 2025
كتاب الرأي

عبد السلام الصديقي: المرأة المغربية ومسألة المناصفة

عبد السلام الصديقي: المرأة المغربية ومسألة المناصفة عبد السلام الصديقي
أدخل الدستور المغربي لعام 2011 تقدما عظيمافي مجال الحقوق الأساسية للمرأة.وهكذا  ينص الفصل 19 على أن « يتمتع الرجل والمرأة  على قدم المساواة، بالحقوق والحريات  المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية،  الواردة  في هذا الباب من الدستور،  وفي مقتضياته الأخرى  وكذا  في الاتفاقيات والمواثيق  الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلكً في نطاق  أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها. »
تسعى  الدولة إلى تحقيق مبدإ المناصفة بين الرجال والنساء.
وتحدث لهذه الغاية،  هيئة للمناصفة  ومكافحة جميع أشكال التمييز.
أين نحن في عام 2025 بعد 14 عامًا من دخول  قانوننا الأساسي حيز التنفيذ؟ وبالخصوص  على مستوى تحقيق المناصفة  الفعلية.لا بد من الاعتراف بأن الوضع يتطور ولكن ببطء على الرغم من أن الظروف الموضوعية تدعو إلى تسريع وتيرة التغيير للوصول مباشرة إلى المناصفة، .دون أي تردد. إذ تتمتع  المرأة المغربية بجميع "المتطلبات الأساسية" للقيام بهذه القفزة الأخيرة نحو الخلاص  والتي ستشرف بلدنا وتمنحه المكانة التي يستحقها في حضيرة  الأمم.ما الفائدة من القانون إذا لم يرفع المجتمع إلى الأعلى؟القانون ليس من أجل تكريس الوضع القائم  أو للحفاظ على المجتمع في مستوى يخدم المحافظين  المتشددين وأعداء التقدم الاجتماعي الذين يتحصنون خلف شعارات أخلاقية مثل "استقرار الأسرة"، ويتمسكون بمبادئ بالية تعود إلى  القرون  الوسطى.بهذا الصدد، يجب الإشادة بالمصادقةعلى  القانون رقم 79-14 المتعلق بهيأة المناصفة ومكافحة جميع أشكال التمييز في عام 2017 في انتظار تعيين رئيسها وأعضائها لتصبح هذه الهيأة فعالة
التألق بصيغةً المؤنث .
فالظروف الموضوعية متوفرة.يشهد على ذلك مكانة الفتاة المغربية في الجامعة كما تظهر في وثيقة نشرت مؤخرًا من قبل المندوبية السامية للتخطيط: «المرأة بالأرقام» 2024.وهكذا، فإن البيانات المتعلقة بالسنة الجامعية 2022-2023 معبرة في حد ذاتها : معدل التأنيث يقدر  بحوالي  53.6% في الجامعات.هذا المعدل يرتفع إلى 62.7% في المعاهد والمدارس العليا.ويعزى   هذا الأداء الملحوظ للفتيات  أساسًا إلى المستوى العالي الذي تسجله  في إتمام الدراسة بجميع أسلاكها.وهكذا، في الثانوي الإعدادي،  يبلغ معدل إتمام الدراسة  73.2% للإناث  مقابل 51.2% للذكور.في الثانوي التأهيلي  ،  يتسع الفارق أكثر ليصل إلى 53.1% و26.4% على التوالي، أي نسبة مضاعفة.!
ويتجلى كذلك  هذاالتميز النسائي بوضوح في معدل تأنيث خريجي التعليم العالي العام.يتراوح هذا المعدل بين 46.9% في التعليم الأصيل و75.7% في علوم التربية.كما يبلغ  60.7% في المؤسسات ذات الولوج  المفتوح و62.7% في التعليم ذو الولوج المحدود.اماالمعدل   العام فهوًيقدر ب  61,2%.علاوة على ذلك، نلاحظ تقدمًا ملحوظا  من سنة إلى أخرى.في ثلاث سنوات، من 1919-20 إلى 2022-23، ارتفع معدل التأنث بنسبة 54% إلى 61.2%، أي بزيادة قدرها 7.2 نقطة.بهذه الوتيرة،  يجب على الذكور  أن يبذلوا جهدًا كبيرًا إن هم  أرادوا الحفاظ على مكانهم في الجامعات!.
رفع الحواجز أمام المساواة بين الرجل والمرأة.
إذا كانت المرأة  المغربية تثبت يوميًا جديتها وحبها للجهد والعمل، فلماذا نتردد في منحها جميع الحقوق التي تستحقها ووضعها على الأقل على قدم المساواة مع الرجل؟أليس من الوقت المناسب معالجة هده المفارقة  وطي هذه الصفحة الحزينة من تاريخنا بشكل نهائي لننخرط في مسار الحداثة وتحرير الطاقات الإبداعية؟باستخدام عنوان مقال نُشر مؤخرًا في صحيفة فرنسية، "Les Echos" في 24 مارس، "هل ستنقذ النساء العالم؟"، نقول "هل ستنقذ النساء المغرب؟"مثل هذا السؤال لا يتعلق بمجرد تمرين فكري.إنها فرصة حقيقية لبلدنا للتخفيف من القيود حتى تتمكن المرأة من المشاركة بشكل كامل في خلق الثروة وفي تدبير الشأن العام..
وهكذا، من غير الطبيعي أن تُستبعد المرأة المغربية عملياً من سوق الشغل  حتى عندما تكون حاصلة على شهادة التعليم العالي.معدل نشاط النساء الحاصلات على شهادة التعليم العالي لا يتجاوز 44.7% مقابل 67.4% للرجال.ومعدل  البطالة بين حاملات  الشهادات العليا يشمل امرأة واحدة من كل ثلاث نساء وامرأة واحدة من كل امرأتين في المناطق الريفية!.
لذا، يجب أن تشكل مراجعة مدونة الأسرة فرصة مناسبة لإزالة العقبات أمام المساواة بين الرجال والنساء بدلاً من الانغماس في نقاشات عقيمة لا تؤدي إلى أي نتيجة.لا تصنع العجة دون كسر البيض.لقد دقت  ساعة الحقيقة.المناصفة باتت الآن في متناولنا.بالطبع، سنجد  دائمًا بعض الأصوات النشاز ولكنها لا يمكنها، ولا يجب أن تأخذ البلاد بأكمله  كرهينة.
بلدنا يعبر عن  طموحات مشروعة.ويسعىً جاهدا  أن يلعب، عن حق، في ساحة الكبار. من أجل ذلك، يجب عليه  أن يبذل كل جهوده وأن يحشد كل قواه.نعم، يمكن للنساء إنقاذ المغرب - أو على الأقل،  لا غنى عنهن لتحقيق ذلك.قدرتهن  على الجمع بين التعاطف والمرونة والابتكار والقيادة هي ميزة رئيسية لمواجهة التحديات العالمية. كما أن دعم المساواة بين الجنسين وتمكين النساء من التصرف بشكل كامل هو شرط أساسي لبناء مغرب قوي ومستقبل أفضل لجميع المواطنات والمواطنين. مما لايعني تبني الأطروحات النسوية التي تعتبر ان التناقض الرئيسي هو بين  الرجال والنساء.يظل  التناقض الرئيسي من وجهة نظرنا  هو الذي يعارض الطبقات الاجتماعية المتضادة. ومن ثمة،  تحرير  المرأة يمر  بالضرورة عبر تحرير المجتمع.