لم نكد نعش لحظات العزة والفخر ونحن نشاهد المواطنين الأمريكان يودعون شخصية مسلمة، بل وفي مختلف ربوع الأرض ودع الناس محمد علي كلاي بقلوب متأثرة، كل أمة على طريقتها حزنت عليه وتذكرت إنجازاته ومواقفه ولكنها أجمعت على أن الراحل من خير من مثل الإسلام وأعطى صورة المسلم ذو الأخلاق الإنسانية حين عبر عن موقفه الرافض للذهاب للقتال في الفيتنام قائلا: "لماذا أذهب إلى أرض تبعد عني آلاف الكيلومترات لقتل أناس لم يمسوني بسوء". أقول لم نشبع بعد من أجواء النشوة والاعتزاز بهذه الشخصية الفذة والنادرة حتى استفقنا على تفجير أوكلاندو الذي أودى بحياة العشرات ورجعنا لاجواء (الذلة) والإحساس بالأصابع الملوحة إلينا بالتهمة باعتبارنا مسلمين وباعتبار الجاني منتسب لديننا.
نتساءل هنا كما تساءلنا في كل مرة، لماذا تفعل الجماعات المتطرفة والإرهابية كل ما في وسعها من أجل تشويه الإسلام، وبالذات عندما يستأنس العالم بديننا؟ ولماذا بالضبط في شهر رمضان المبارك؟ لماذا يحاول عبثا هؤلاء الشواذ القتلة أن يقفزوا على مكتسبات أمتنا الإسلامية عبر التاريخ؟
الاسئلة كثيرة والأجوبة عليها أكثر من أجلتفسير مثل هكذا تصرفات، وأبسطها هي أن هؤلاء يخدمون أجندة خارجية.
ثم إن قلوبهم تصبح ضيقة حرجة كأنما تصعد إلى السماء وهي ترى العالم أجمع يحتفي بشخصية مسلمة قدمت للإسلام بمفردها، بسماحتها، بشهامتها، بمواقفها الإنسانية وبسلمها وحبها، ما لم يستطع عليه جيشها العرمرم بعتاده،بفساده، بحلفائه، بحقده، بجاهه ووجهائه.
ثم إن عقول وأجساد هؤلاء الشواذ ذهنيا (وهذا أنكى وأضل وأخطر بكثير من الشذوذ الجسدي) لا تصلح إلا لأن تنفجر وتتشتت في الهواء، ذلك أن أمنا الأرض لا ترضى بأن تضم في جوفها أجساد مرضى حقودين معقدين غير منتمين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، لا يعترف بهم لا المسلمون ولا غيرهم.
إننا إذ نقدم العزاء بهذه المناسبة الأليمة إلى الشعب الأمريكي، نبرأ من المفجرين الإرهابيين الذين اعتدوا على الأبرياء العزل بقتلهم واعتدوا علينا بتشويه سمعتنا وتاريخنا وعلاقاتنا مع كافة شعوب العالم.
نتبرأ منهم لا لأننا نحس أننا متهمون، ولكن منطق انسانيتنا فإننا نتضامن مع كل الأبرياء في جميع أنحاء العالم، ولأن الإرهابي لا يرحم أي إنسان كان أينما حل وارتحل.