الجمعة 29 مارس 2024
في الصميم

بنكيران: امنحوني «كارت بلانش» في الانتخابات أو «أحرق البلاد والعباد»!!

بنكيران: امنحوني «كارت بلانش» في الانتخابات أو «أحرق البلاد والعباد»!!

عقب الإعلان عن نتائج الانتخابات الجماعية ليوم 4 شتنبر 2015، وعلى عكس ما ذهبت إليه العديد من الأصوات، قلنا حينها إن الانتخابات الجماعية ليست هي الغاية النهائية لحزب المصباح، على اعتبار أن هذا الحزب يضع نصب عينيه بالدرجة الأولى الانتخابات التشريعية ليوم 7 أكتوبر 2016. ذلك أن الحصول على الأغلبية الكاسحة في الاستحقاق البرلماني يتيح لحزب عبد الاله بنكيران إمكانية تشريع ما يريد من نصوص وفق مصالحه وقناعاته دون الاضطرار إلى الدخول في تنازلات ومفاوضات مع حلفائه. كما أن الأغلبية الكاسحة تسمح له بأن «يدردك» لوحده في الحكومة دون الحاجة إلى إبرام «عقد زواج المتعة» مع حزب شيوعي أو غيره.

وهاهي التصريحات الصادرة عن قادة حزب «البيجيدي»، وخاصة تلك الصادرة عن بنكيران، تثبت ليس الرغبة في تصدر الانتخابات التشريعية (وهذه غاية نبيلة ومشروعة لكل حزب)، ولكن تشهر التهديدات في حالة ما لم تتحقق أمنية بنكيران في انتزاع أغلبية كاسحة في اقتراع 7 أكتوبر.

ففي المحطة السابقة (أي اقتراع 4 شتنبر) لم تكن عيون بنكيران على مقاعد الجماعات المحلية لتحسين جودة عيش السكان بالمدن والقرى التي حصل فيها على أغلبية انتخابية، بل كانت الرغبة هي تحويل الانتخابات الجماعية إلى محطة لجس نبض المجتمع استعدادا لاقتراع 7 أكتوبر، وذلك بالتعرف على الرؤوس المحركة أو القادرة على تحريك الناخبين في الدوائر الانتخابية من جهة، ومعرفة نقط قوة الحزب الحاكم وضعفه للتهييء بشكل جدي وفعال لامتحان 2016 من جهة ثانية.

فتدبير المدن ينهك ويؤزم علاقة الأحزاب بالمواطنين، خاصة إذا كان الحزب لا يتوفر على الدراية اللازمة بالملفات، ولهذا رأينا حزب بنكيران كيف استوعب درس الاقتراع البرلماني لعام 2011 الذي لم يمنحه تلك الأغلبية الكاسحة والمريحة، مما جعله يدخل في تحالف هجين ومشوه مع ثلاثة أحزاب (كل يلغي بلغاه)، ولهذا رأينا بنكيران يوجه منتخبيه بالجماعات المحلية (بعد اقتراع 4 شتنبر 2015) للتموقع في كل لجان الجماعات. إذ حتى في حالة قلة أعضاء «البيجيدي» في هذه الجماعة أو تلك، كانت التعليمات البنكيرانية هي نسج التحالفات للظفر بمنصب أو منصبين في المكاتب للتحكم، أو على الأقل، التأثير في القرارات دون تحمل أية كلفة سياسية. وذلك بغاية التواجد في كل جبهة واستغلالها لتغذية الحزب بالأصوات والناخبين في اقتراع 7 أكتوبر.

«إنني أرغب في حصد 150 أو 160 مقعدا برلمانيا في اقتراع 7 أكتوبر 2016، وما دون ذلك لن أقبل به وسأعتبر الانتخابات باطلة بل ومزورة».

هذا هو لسان حال بنكيران، الذي لم يتوقف منذ أسابيع في توجيه الرسائل المشفرة إلى أكثر من جهة داعيا إلى منحه «كارت بلانش» ليتحكم حزبه لوحده في البرلمان والحكومة، تحت الطائلة «قلب الطاولة» و«حرق البلاد والعباد» و«إشعال النار»!

من حق بنكيران أن يرسم سقفا عاليا لحزبه، حتى لو كان سقفا مجنونا، لكن المؤسف هو أن باقي الأحزاب لم تدرك بعد شرط وجودها ودورها، وأخلفت موعدها مع التاريخ ومع المجتمع.

لنتوقف عند أحزاب المعارضة الرئيسية: فها هو حزب الاتحاد الدستوري يخلف الموعد حين تم فرض محمد ساجد رئيسا لحزب الحصان في المؤتمر الأخير، في الوقت الذي كانت أمام الحزب فرصة ذهبية لاسترجاع طهرانيته حينما ترشح الشاب أنور الزين لرئاسة الاتحاد الدستوري. وهاهو حزب الاتحاد الاشتراكي لم ينهض بعد من صدمة «نكسة المنهجية الديمقراطية» لعام 2002 وما تلاها من خلافات عبد الرحمان اليوسفي مع عباس الفاسي وتعيين جطو وتداعيات ذلك على حزب المهدي بنبركة إلى اليوم. أما «البام» فرغم ما يتوفر عليه من موارد مالية هائلة وكم هائل من المنتخبيين، فإن ذلك لم يشفع له في التواجد الشرس بالميدان لمواجهة الأصوليين، إذ المطلوب ليس شراسة المواجهة في المواقع الافتراضية والجرائد الورقية بين إلياس العماري وعبد الإله بنكيران، بل التواجد المكثف في الحي والشارع والمسجد والمعمل والجامعة، حتى إذا دخل أصولي لفضاء عمومي ما يجده مقفلا وليس أرضا خلاء يصول فيه ويجول في التعبئة والحشد لفائدة بنكيران.

والأخطر من كل هذا أن النظام اللائحي الذي تم اعتماده في الأول للجم الأصوليين لم يستفد منه سوى حزب «البيجيدي» الذي يتوفر على كتلة انتخابية منضبطة، فيما الأحزاب الأخرى لم تضبط حتى قواعدها الحزبية فأحرى أن تضبط القواعد الانتخابية!! أليس من حقنا، بعد كل هذا، أن نضع أيدينا على قلوبنا خوفا من اليوم المشؤوم 7 أكتوبر 2016؟