الجمعة 20 سبتمبر 2024
كتاب الرأي

أحمد فردوس:الزلزال الملكي: هي بداية موسم الهجرة نحو ضفة ضمائر الوطنية والنزاهة؟

أحمد فردوس:الزلزال الملكي: هي بداية موسم الهجرة نحو ضفة ضمائر الوطنية والنزاهة؟ أحمد فردوس

تزامنت ارتدادات الزلزال الملكي الذي عصف ب 180 مسؤولا من مختلف المستويات مع انعقاد أشغال قمة المناخ الدولية "وان بلانيت ساميت"بباريس، كمحطة دولية تروم تصحيح اختلالات الحياة على كوكب الأرض وترجمة توصيات اللقاءات السابقة، ومعالجة أسباب الاحتباس الحراري ونتائجه السلبية بيئيا. وكانت من نتائج هذا الارتداد أن توزعت  شظاياه بمقاييس على سلم ربط المسؤولية بالمحاسبة، والذي شعر بذبذباته المواطنون بجهة مراكش تانسيفت التي تبوأت رأس التوقيف الذي طال الوالي عبد الفتاح البجيوي، عامل إقليم أسفي سابقا. وتوسع شعاع الارتداد ليسقط كراسي عمال أقاليم أخرى مثل وزان وتازة وزاكورة وورززات وسيدي بنور ثم الحسيمة مركز رصد نقطة الزلزال الملكي، الذي  أسقطت حركته التكتونية الإدارية أوراق خريف شجرة شخصيات السلطة والإدارة ( 173 مسؤولا ) والتي لم تحسن ترجمة المفهوم الجديد للسلطة . وتفعيل وأجرأة مضامين دستور 2011 .

هذا الزلزال / الحدث الداخلي وارتداداته التي تزامنت مع قمة المناخ، سيلتقطها كل المهتمين بالشأن البيئي، وسيدون بمداد الحيطة والحدر في كراسات الساسة والإداريين، والمسؤولين بمختلف رتبهم ومواقعهم الاقتصادية والإدارية والسياسية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وسيعتمد كحلقة أساسية في تدبير سياقة مركب تدبير الشأن الوطني لاحترام علامات تشوير القيادة على الطريق السيار الوطني نحو التنمية المستدامة. حدث بدء بنظافة الدرج من الأعلى ( مثل فرنسي ) وسينطلق إلى الأسفل لتنقية الأجواء وطقس ومناخ الاستثمار والتنمية والعدالة الاجتماعية. والقطع مع صبيب صنبور الشعبوية.

أكيد أن الملك قد مارس اختصاصاته الدستورية في عزل الوزراء الذين أخلوا بواجب الأمانة والمسؤولية، وعمم قراراته الصائبة داخل أقوى المؤسسات الأمنية والعسكرية والإدارية، على ضوء عملية تفتيش وافتحاص بواسطة سكانير وكشافات وزارة الداخلية، والمجلس الأعلى للحسابات، والبقية تأتي في القريب العاجل. أما الكرة الآن فهي في ملعب المؤسسات الحزبية التي يجب أن تقوم بأدوارها ومسؤولياتها وفق قانون الأحزاب، وتفتح أبوابها للنخب الشابة، وتحرك مياه مفاصل أجهزتها الراكضة والآسنة في مستنقعاتها الجامدة، وتعيد الأمل والثقة في تنظيماتها من باب تنقية وتجويد بيئة الممارسة السياسية وفصلها عن عالم المال والدين. في أفق وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وإبعاد كل من يستغل السياسة للانقضاض على مقدرات وإمكانات الوطن لقضاء مآربه الشخصية والعائلية وتضخيم ممتلكاته وأرصدته، وتفويت المناصب والكراسي على المقربين.

هذه الثورة الهادئة التي انطلقت بقيادة ملك اختار عن قناعة راسخة، أن يصطف مع التغيير، ومع الديمقراطية لكنس ما علق من شبهات بالأجهزة والمؤسسات الوطنية. سواء التنفيذية أو التشريعية والقضائية والمؤسسات الإعلامية والمدنية. لا لشيء سوى لضمان كرامة واستقرار المواطنين، وأمن وطن يتسع للجميع، فيه تحترم الحقوق والواجبات. وتصان المكتسبات. وتفعل القرارات.

إشارات وقرارات قوية محملة برسائل واضحة، لا فرق فيها بين مسؤول سامي أو وزير وبرلماني، ووالي وعامل ورجال سلطة بمختلف رتبهم الإدارية والمجالية، ويتمحور مضمونها في كلمة " اتقوا الله " في وطنكم وفي ثرواته الطبيعية والمجالية وإمكاناته البشرية، رسائل مفعولها أنعش الروح في جسد المواطن المغربي المقهور و البسيط، المقصي من عائدات ثروات الوطن الاقتصادية، ووصل صداها إلى أبعد نقطة في مغربنا العميق المهمش الرازح تحت بطش المتغولين، والنصابين والمحتالين.

فهل هي بداية موسم الهجرة لتجويد بيئتنا استنهاضا للأطر الوطنية الكفأة والضمائر النزيهة، وإبعاد قلوب أصابها مرض الريع السياسي والإداري والاقتصادي؟