الجمعة 19 إبريل 2024
في الصميم

عبث وزير اسمه الطالبي العلمي!!

عبث وزير اسمه الطالبي العلمي!! عبد الرحيم أريري

تصر كل من الحكومة والبرلمان على إفراغ جل المكتسبات التي جاء بها دستور 2011. فبعد تمرير القانون المتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز بدون قبول أي تعديلات جوهرية، تم تمرير مشروع القانون المتعلق بالمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، حيث أصر رشيد الطالبي العلمي، وزير الشباب والرياضة، على استعمال مختلف أشكال الضغوط لحمل البرلمانيين على التراجع عن تعديلاتهم. والنتيجة أننا سنكون أمام مجلس محكوم عليه بالفشل منذ ولادته، وكأن هناك نية مبيتة لإخراج هذه المؤسسات الدستورية بدون أي فعالية.

ومن الأمور المضحكة والمبكية التي أصر الوزير العلمي على التمسك بها نذكر منها بالأساس:

- عدم تحديد فئة الشباب، وحجته في ذلك أن هذا المجلس ليس للشباب، بل هو مخول لتناول قضايا الشباب، وهو «عذر أقبح من الزلة»، لأن هذا التوجه يعاكس الدستور ويعاكس الرؤية الملكية، ويعاكس الرؤية الحقوقية، كما يكرس منطق الوصاية على الشباب وإقصائهم من المشاركة في مؤسسات دستورية مفروض فيها أن تساهم في صناعة السياسات العمومية في هذا المجال وفِي تقييمها.

- إصرار الوزير العبثي على الرفض طال أيضا إمكانية أن تكون للمجلس آليات جهوية، وهو ما يعاكس الاختبار الاستراتيجي للدولة في تقوية الجهات، خاصة في مجالين أساسيين: الشباب والعمل الجمعوي. وقد أكدت الأحداث الأخيرة في الريف أو زاكورة الحاجة إلى تقوية كل آليات الوساطة والتأطير.

- الرفض الحكومي، مع التزكية البرلمانية له، طال أيضا تمكين المجلس من إحدى ضمانات الاستقلالية عن السلطة التنفيدية، حيث اقترح أن يكون ممثلو القطاعات الحكومية (الست) أعضاء ملاحظين.

العبث التشريعي في هذا الأمر بلغ مداه بمناسبة عرض مشروع قانون مجلس الشباب والعمل الجمعوي عندما طلب مجلس المستشارين بشكل رسمي من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ومن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تقديم رأيهما الاستشاري. فالأول لم يمهله مجلس المستشارين مدة معقولة لإبداء رأيه (لم يمض على طلب الرأي وعرض المشروع على التصويت إلا أسبوع واحد)، والثاني رغم أنه بذل مجهودا استثنائيا لتمكين مجلس المستشارين من رأيه في ظرف قياسي، ورغم أن كل الفرق قد تبنت توصياته وبلورتها في شكل تعديلات، رغم ذلك، فإن لحظة الحقيقة (أي لحظة التصويت) جعلت كلمة الوزير الطالبي العلمي هي العليا، فسحب البرلمانيون (أغلبية ومعارضة) تعديلاتهم الجوهرية وتنازلوا عن صلاحياتهم الدستورية كمشرعين وفوضوا الحكومة أمرهم. مع العلم بأن التعديلات المقدمة على مشروع القانون 89.15 المتعلق بالمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي بلغت 90 تعديلا، منها 74 لفرق المعارضة و16 لفرق الأغلبية. كل هذه التعديلات تبخرت عند التصويت على المشروع بعد

«تهديدات» الوزير للبرلمانيين.

فماذا هذا العبث يا وزير الشباب والرياضة، يا حسرة؟!