الاثنين 16 سبتمبر 2024
كتاب الرأي

عبد الحميد جماهري: كيف تتعلم الخلافة في 3 أيام؟

عبد الحميد جماهري: كيف تتعلم الخلافة في 3 أيام؟

استند محمد العبادي المرشد العام للجماعة العدل والإحسان على ما أسند إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال: "على المسلمين ألا يبيتوا 3 ليال بدون خلافة، ومن عارض ذلك يجب دق عنقه".

طبعا، لم يكن محدثا في حلقة للذكر هو الذي تلقى منه المغاربة هذه الكلمات، ليوردوها في سياق تاريخي مفصول، بل كان زعيم جماعة دينية سياسية لها أطروحتها حول الحكم وحول المجتمع.

لهذا خلق السياق معنىً لكلام المرشد، من حق الناس ألا يُعاتَبوا عليه من طرف قادة الجماعة!

لقد بدا لجزء كبير من المهتمين أن الجماعة تجتهد في إثارة الزوابع، بسبب عبارة أو معنى ترميه في التداول العام.

وما يكون كلاما شبه منطقي على لسان قادتها، يصبح غريبا في أذهان الآخرين، خارج المنظومة التي بنتها الجماعة.

وما يكون فكرة يصبح... قذيفة.

حدث ذلك منذ أن سنَّت الجماعة لنفسها تجديد فكر "الخلافة على منهاج النبوة"، وضاعت المناقشات بين النبوة والخلافة: من الذي يجب أن يعود أولا، في سؤال "شِبْع- عبثي" لأن النبوة انتهت... كما أنها انتهت بدولة، مرَّستْها الحروب والفتوحات على اشكال الدول السابقة عليها.

فرسٌ

ورومٌ

وهنودْ

لم تكن هناك دولة خلافة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم مات وهو يؤسس الأمة، ولم تكتمل أبدا الدولة التي أرادها في شكل سياسي محدد.. قيد حياته عليه السلام.

ثم عادت الجماعة إلى التداول مع حوارات نادية ياسين، التي تولت وفاة والدها -رحمه الله ورحم موتي المسلمين جميعا- غيابها الطويل، عندما رأت في "الجمهورية" الشكل الذي يمكن أن يغري النوبة بالعودة إلى قيادة التاريخ.

الآن يضع العبادي الخلافة على محك السياسة، ولا يرى سوى الفراغ، ويقترح خلافة في أقل من ثلاثة أيام! أو العنق المدقوق.

وإذا كان لا بد من عنق في الحكاية فهو عنق.. الزجاجة!

لأن الفكرة لم تقم طوال ثلاثة عشر قرنا، بالرغم من الوحدة العاطفية للمسلمين، وعندما تقوم يسبقها الدم وتليها الكارثة كما في بغداد اليوم أو كما في العهد العثماني كشكل تركي لإسلام المشرق.

أو كما في تاريخ السلطنات الخليفية المتعددة.

تبدو الجماعة كما لو أنها تفكر حيث لا توجد: التاريخ.

وتوجد حيث لا تفكر: الحاضر..

والخلاصة التي يمكن أن يجتهد المنطق في وضعها هي أننا.. "في حضرة الغياب"، باستعارة عنوان محمود درويش الجميل!

غير أن السوال: ماذا تريد الجماعة بالذات كقاعدة للعمل السياسي، يظل مشروعا.

ولا يمكنها أن توفر على نفسها "أزمة المفهوم" إذا أرادت أن تخرج من عنق الزجاجة: بين تنظيمها الواسع وبين أدائها السياسي وتأثيرها على تطورات الأحداث.

لأن الجواب هو الذي سيحدد عقلها السياسي المنتج، بعيدا عن طوباوية تاريخ لم يثبت أنه بريء حتى في العهود الأولى للصحابة (انظر كتاب الخلافات السياسية بين الصحابة)!

لقد وضعت الجماعة شرطا للخلافة هو وحدة الأمة، وليس هناك سياسي واحد يستطيع أن يتحدث عن هذا الحلم كشرط للدولة.

ووضعت شرطا آخر للتاريخ الحاضر: أن يغوص من جديد في التراث لكي يكتشف شكل الدولة الفاضلة، وليس هناك مناضل واحد يمكنه أن يحلم بدولة العدل المستخرجة من مناجم... الماضي.

إن مكان جماعة "العدل والإحسان" -التي ما زلنا نصر على سقفها الوطني الذي تماهت معه في 20 فبراير 2011- هو الملكية البرلمانية، التي تتدرج البلاد في صناعتها.

حجرا حجرا

ومشروعا مشروعا

وقانونا قانونا .

ولا أحد ينكر ما يتحقق في البلاد، إذا كان يريد أن يشارك في الرفع من منسوبها الاصلاحي، كما لا يمكن أن ينكر أحد وجود الجماعة وقوتها وضرورة انخراطها في الحقل السياسي الوطني، الذي سيظل ناقصا بدون وجودها.

ولْتتركْ.. الخلافة في تاريخها، المذهَّب أم المخضَّب، لأن الدولة ليست درجا من مدارج الصعود الى السماء !