الجمعة 26 إبريل 2024
جالية

السويد: مؤسسات الاندماج الإسلامية، سبب للتطرف أو الردة عن الإسلام!؟

السويد: مؤسسات الاندماج الإسلامية، سبب للتطرف أو الردة عن الإسلام!؟

يكرس حفنة من الإسلاميين في السويد صورة مغايرة وسودواية تماما عن الإسلام والعرب عبر إقناع المؤسسات السويدية بأن المجتمعات المهاجرة في البلاد بحاجة إلى رعاية خاصة تختلف عن الشعوب الأخرى، رغم أن تاريخ التعايش السلمي بين شعوب العالم العربي والإسلامي مر عليه آلاف السنين.. وعلى سبيل المثال تعتبر الأردن وفلسطين مثالا ساطعا للتعايش السلمي بين الأديان، فكنيسة القيامة، وهي أقدس مقدسات المسيحيين، يقوم على سدنتها عائلات فلسطينية مسلمة منذ مئات السنين .

الإسلاميون في السويد كان لهم دور كبير في نزوع عدد كبير من الشباب المسلمين للتطرف وأعداد مماثلة للارتداد عن الإسلام رغم أن هذه المؤسسات تتلقى ملايين الكرونات السويدية كدعم من الحكومة السويدية لبناء مجتمع متعدد الثقافات والأعراق، ويمكن استخدام تلك الأموال بمشاريع حقيقية تصب في بناء المجتمع وتطويره عوضا عن تحولها إلى أموال تتصارع عليها الجمعيات والمؤسسات في مشهد ينذر بتدمير القانون الاجتماعي السويدي ويعزز كراهية الإسلام والمسلمين والعرب عموما .

على سبيل المثال فإن الاستئثار بالصلاح والتقوى واختطاف تمثيل المسلمين من بعض العاملين في الحقل الإسلامي وعائلاتهم يؤدي لنتائج عكسية وخيمة على المجتمعات المضيفة وعلي المهاجرين وما جرى من اختطاف لتمثيل مسلمي إيسلندا من مؤسسة إسلامية سويدية خير دليل علي ذلك.. فالصحافة الإيسلندية تناولت قضية بناء أول مسجد في التاريخ التي لم تتحقق لغاية اللحظة وسببت هذه القضية الإشكالية بين متلقي أموال التبرعات في السويد ومسلمي إيسلندا إلى تزايد الاختلاف بين المسلمين ونظرة الشك والريبة منهم ولصراعاتهم في دول الشمال وهي عادة ما تكون على الأموال والمصالح وليست من أجل الدين.

لا بد من القول إن المؤسسات التي اختطفت صفة ”الإسلامية” في السويد ما هي إلا مؤسسات ربحية تملكها بعض العائلات بعد توزيع التركة التي جمعت باسم المسلمين لإنشاء مساجد ومدارس إسلامية لهم، بل تعدى ذلك إلى احتلال العمل الإغاثي الإسلامي وشركات الحج والعمرة ليتحول العمل الإسلامي في السويد لوسيلة للثراء وليس لخدمة الإسلام والمسلمين .

هذه المؤسسات تمكنت من شراء الولاء لدى المخلصين في الجماعات الإسلامية في الشرق الأوسط والعالم الاسلامي بدون التحقق من نزاهة وإخلاص اسلاميي السويد وأوروبا عموما الذين قدموا للبلاد بدون أي علم أو معرفة، وكان هدفهم جمع المال، وهو الأمر الذي نجحوا فيه .

الرابطة الإسلامية في السويد تشعر الناس أنها تحقق اختراقات فعلية في المجتمع السويدي لخدمة الإسلام والمسلمين رغم أن هذا المجتمع ليس بحاجة إلى عمليات اختراق في ظل تطور وسائل الإعلام وفي نفس الوقت حجم القراءة التي يمارسها المجتمع السويدي ما أثرى معرفته بكل شاردة وواردة عن العالم العربي والإسلامي في كافة النواحي الدينية والسياسية والثقافية والاجتماعية.

ما جرى من استهداف للكنيسة والدين المسيحي ”النصراني” يجري الآن وبنفس النسق ضد الإسلام والمساجد بعد أن وقعت الرابطة الإسلامية التي تزعم أنها تسير على منهج الإخوان المسلمين في فخ الاستدراج، الأمر الذي أدى محاولات متدرجة لإيجاد تغيير حقيقي في الشريعة الإسلامية نظرا لاختراق الفكر الصهيوني للمجتمعات ويسعى جاهدا لإيجاد ثغرة في العقيدة الإسلامية تعمل على تكريس الفرقة بين المسلمين. وما حدث من هجمات على الديانة المسيحية التي تسللت إليها افكار صهيونية ليس بعيدا عن هذا المشهد .

بعد أن حقنت الرابطة الاسلامية فكرة “الإمامات” في وعي المجتمع، تشي مجريات الأمور إلى أن هذه الفكرة ستتحقق بالتدريج بعد أن أعلنوا عنها من خلال مقابلة صحفية للراديو السويدي على لسان رئيس الرابطة تمام اسباي، ولغاية اللحظة لم تخرج الرابطة بأي بيان ينفي عزمها تعيين الإمامات أو بيان يعبر عن حقيقة رفض الإسلام لفكرة تعيين إمامات للرجال من الإصل في إشارة إلى ان الرابطة يبدو أنها متورطة في اتفاق مع الحكومة السويدية للحصول على أموال من أجل هذا المشروع المشبوه !

هل باتت مؤسسات الاندماج في السويد طليعة الغزو الثقافي للإسلام بأيدي المسلمين!؟ فأغلب الأئمة في المؤسسات السويدية الإسلامية يريدون تعليما سويديا للأئمة وتعليم اللغة السويدية والقانون السويدي أصبح أكثر إلحاحا، إلا أن الأئمة متشككون في نية الدولة في تبني البرنامج الديني التعليمي السويدي للائمة، هذا ما أوردته صحيفة سفنسكا داغبلادت عام 2009 في دليل على تهافت الإسلاميين على القانون السويدي الوضعي كما يصفوه !

عام 2008 علق وزير التعليم العالي والبحث العلمي السويدي عن حزب الشعب الليبرالي في صحيفة سفنسكا داغ بلادت وقال: ”أن المتشددين المسلمين السعوديين يعرضون توفير الأئمة مجانا، وبذلك تسهم السويد في زيادة تطرف مسلمي السويد وهذا مؤسف جدا"، وفقا للوزير .

التقطت المؤسسات الإسلامية السويدية إشارة الوزير السويدي إلى قضية الإرهاب التي باتت تؤرق المجتمعات والدول واستثمرتها ككنز من أجل الحصول على أموال للبدء في حملات توعية وتعليم للأئمة و”الإمامات” حسب الثقافة السويدية، وكانت تلك الفترة ذهبية للمؤسسات الإسلامية والقائمين عليها من ناحية تحقيق الثراء والاستثمار في تعليم الائمة والإمامات.. وتعتبر الرابطة الإسلامية ومن خلال إذرعها في مؤسسة ابن رشد للاندماج والتي كان يرأسها عثمان طوالبة، الذي استلم منصب إول إمام بتاريخ الإسلام في كنيسة سويدية، في طليعة المستفيدين من الأموال التي تغدقها الحكومة السويدية عليهم للوصول إلى مجتمع متعدد الثقافات.. إلا ان الرياح جرت بما لا تشتهي السفن نظرا لتحول هذا العمل من إنساني الى عمل تجاري يستفيد منه بعض ”المرتزقة” ما دفع كثير من الشباب للتطرف بعد أن رأوا دعوات الإسلاميين التي تحض على الخير والالتزام في المبادئ والقيم تتهاوى أمام المال! لينزلق عدد منهم في التطرف وأعداد أخرى للارتداد عن الدين والإلحاد .

استثمر إسلاميو السويد مزاعم ”التطرف السعودي” التي كانت ترد في الإعلام أو على لسان السياسيين السويديين، واغتنموا فرصة كبيرة جدا كان الغاية منها تحقيق أكبر المكاسب من دافع الضريبة السويدي، فحولوا المؤسسات الإسلامية إلى ملكيات خاصة لعدد من العائلات والمريدين، وساهموا في تعزيز تلك المزاعم عوضا عن دحضها فيما يخدم الإنسانية والعلاقة بين الدول لاسيما وأن السعودية تعرضت لاعتداءات إجرامية نفذها المتطرفون، كما حدث في دول عربية اخرى .

تزخر السويد الآن بعدد لا بأس به من “الإمامات” اللاتي تخرجن من الرابطة الإسلامية حاولت إحداهن قبل عامين السيطرة على مسجد أوبسالا، وأدت تلك القضية إلى اتهامات للمسلمين بامتهان حقوق المرأة بعدة مقالات في الصحف السويدية، كان أقسى تلك الاتهامات اتهام المسلمين بعدم السماح للنساء بالجلوس على سجاد المساجد خوفا من تنجيسه بدماء النساء الحائضات!

المسلسل يتواصل وعمليات محاولات استحداث منصب ”الامامة” من قبل المؤسسات المعنية بالاندماج مستمرة .

فكرة دمج المسلمين في الثقافة السويدية فكرة إيجابية بشرط أن لا  تستهدف الإسلام وشرائعه.. ولذا يجب التحقق من وحدة خطاب العاملين فيها فيما يتوافق مع الشريعة الإسلامية. فلغاية اللحظة يتم استخدام الكثير من المصطلحات والخطاب من قبل هذه المؤسسات بشكلين متضادين بحيث يفهمها السويديون بأنها تتوافق مع القانون السويدي الديمقراطي، ويفهمها المسلمون بأنها وفق الشريعة الإسلامية في عملية تمارس بها الأكاذيب والرقص على الحبال، الغاية منها جمع الأموال.. وهذا سيؤدي بالنتيجة إلى تعزيز كراهية المسلمين في السويد، وينذر بمستقبل أسود للإسلام في هذه الأصقاع عند اكتشاف تلك الأكاذيب .