الأربعاء 25 سبتمبر 2024
مجتمع

د. علي المدرعي: المستفيد الوحيد من الكارثة الفلاحية هم "فنادقية وسماسرة" اقتناص فرص الجفاف

د. علي المدرعي: المستفيد الوحيد من الكارثة الفلاحية هم "فنادقية وسماسرة" اقتناص فرص الجفاف

في حوار سابق  لـ "أنفاس بريس" مع الدكتور علي المدرعي، الفاعل الجمعوي والمتتبع للشأن الوطني عامة والميدان الفلاحي بالمغرب خاصة، قال: "إنه حان الوقت للتعامل مع ظاهرة الجفاف بطريقة عقلانية وبمسؤولية رزينة لمواجهة كل الاحتمالات التي تمس أمننا الغذائي والاجتماعي". وأكد على أن الأمر يستدعي إحداث هيئة وطنية للتغيرات المناخية تابعة لرئاسة الحكومة تتوفر على الصفة الاستشارية والتنفيذية وتنسيق جهود جميع القطاعات الحكومية تضم علماء ومختصين لوضع استراتيجيات وتسطر قوانين وتخطط لبرامج كفيلة بمواجهة الأثار السلبية الناتجة عن التقلبات المناخية كيف ما كان نوعها (جفاف أو فيضانات..). "أنفاس بريس" التقت مجددا الدكتور علي المدرعي لمحاورته عن وقع التساقطات المطرية والثلوج مؤخرا على الموسم الفلاحي واستفساره عن الخسائر التي تكبدها قطاع تربية المواشي بالبوادي..

+ ما هو وقع التساقطات المطرية الأخيرة على الموسم الفلاحي؟

- أكيد أن تساقطات المطر والثلوج مؤخرا سيكون له وقع محدود النتائج على الموسم الفلاحي على اعتبار أن الزراعة البكرية كلها تعرضت للتلف وخصوصا في المناطق البورية، بل إن العديد من الهكتارات المزروعة (شعير وقمح) قد قدمت كوجبات لقطعان المواشي لسد رمقها من الجوع. ومن المؤكد أن هذه التساقطات ستنعكس إيجابا على الزراعات المازوزية وتوفير نسبة متواضعة من الكلأ للمواشي، ويمكن أن تنجح هذه الزراعات، خصوصا إن ضمن الفلاح تساقطات موالية خلال شهري مارس وأبريل من السنة الحالية. ومن جهة أخرى فوقع التساقطات سيكون له فضل كذلك في تغذية الفرشة المائية والرفع نسبيا من حقينة السدود وتزويد الآبار بالمياه بفضل ذوبان الثلوج التي تراكمت على قمم جبالنا. بالإضافة إلى انتعاش القطاع السياحي الجبلي حيث أن مجمل العائلات القاطنة بالجبل تعتمد على الثلوج لاستقطاب سياح أجانب ومغاربة وتضع بنايتها الاستقبالية رهن إشارة الزوار (إقامات وتغذية) وما يرافق موسم الثلوج من استجمام ورياضة ونزهة للمستفيدين، مما يخلق فرص شغل جبلية... هذا فضلا على أن مياه الثلوج تنعش العديد من نقط الماء الطبيعية والتي تساهم في إحياء مختلف الأعشاب والكلأ  لضمان استمرارية توالد رؤوس المواشي الجبلية .

+ هل نعتبر أن التساقطات الأخيرة (ثلوج وأمطار) ضامنة للموسم الفلاحي؟

- طبعا، الجواب سلبي لا، لأنه من الصعب جدا تدارك الخسائر الفادحة التي تكبدها قطاع تربية المواشي كمورد قار للحياة بشكل عام بالبوادي والمداشر المغربية العميقة. أنت تعرف أن أغلب الأسر تعتمد على منتوجات المواشي من صوف وجلد ولحوم وحليب ومشتقات أخرى، لكن في ظل التخلي عن نسبة كبيرة من المواشي بعد الجفاف بأثمنة بخسة جدا بالأسواق الأسبوعية. فمثلا في أسواق منطقة عبدة ودكالة والرحامنة وأحمر تهاوت الأثمنة إلى أكثر من 50% من ثمنها الحقيقي. تصور معي أن بقرة يرافقها عجل لم يتعد ثمنها بسوق جمعة سحيم 5000,00 درهم في حين لو كان الموسم جيدا لبلغ ثمنها إلى أكثر من 15,000,00 درهم. وللإشارة فالمستفيد الوحيد من هذه الكارثة الفلاحية هم "فنادقية وسماسرة" اقتناص فرص الجفاف (مول الشكارة).

+ كيف يمكن تغطية خسائر "الكسابة" من شرائح الفلاحين البسطاء؟

- سؤال مهم جدا، حيث لا بد هنا من وضع مخطط لاسترجاع موارد الفلاحين البسطاء المرتبطة بقطعان المواشي التي تم افتراسها من طرف (مول الشكارة) بأبخس الأثمنة من داخل الأسواق، فلا حيلة للكساب أمام غلاء الأعلاف إلا التخلي بمرارة عن مواشيه قبل نفوقها جوعا.. وكلنا نعرف ثمن الأعلاف اليوم بالأسواق الاسبوعية (بالة التبن 40,00 درهم/ بالة الفصة 60,00 درهم/ الشعير 3,50 درهم للكلغ/ كيس النخالة 120,00 درهم...). على الحكومة أن تضع مخططا يستهدف هذه الشريحة التي تعتمد على اقتصاد اجتماعي ومنتوجه الطبيعي طيلة السنة... أتعلم أن الفلاح يعتبر زريبته بنكا يلجأ إليه كلما اشتد الخناق، يبيع من رؤوس المواشي ليضمن استمرارية الرؤوس الأخرى؟ يبيع منها لتغطية مصاريف الحرث والزريعة والأسمدة والأعلاف دون الحديث عن تكاليف الحياة التي تعرفها حكومة "فهمتي" و"لا لا".. وأؤكد لكم أنه إن كان الموسم الفلاحي المقبل 2017 جيد فلن يستطيع الفلاح تعويض مواشيه نظرا للارتفاع الصاروخي التي ستعرفه الأثمنة (أبقار وأغنام). من هنا وجب على الحكومة أن تتكفل بتغطية النقص الحاصل في هذا المجال .

+ هذا دور وزارة الفلاحة طبعا؟

- أكيد، فدعم وزارة الفلاحة أساسي ويجب التخطيط له من الآن، يجب إعداد برنامج واضح لدعم الفلاح، وعدم اتخاذ التساقطات المطرية الأخيرة دريعة لممارسة سياسة التسويف والمماطلة والهروب إلى الأمام وترك الفلاحين عرضة للافتراس.. فالغلاف المالي الذي تم رصده لمواجهة شبح الجفاف أكثر من "5 ملايير درهم" يجب أن يصل إلى مستحقيه من هؤلاء البسطاء، ويجب أن يمتد هذا البرنامج إلى الموسم الفلاحي المقبل (2017). وأنبه في هذا الشأن إلى العديد من الاختلالات والممارسات التي تناولتها الصحافة سواء المكتوبة أو المسموعة والمرئية  والتي شابت عملية مواجهة آثار الجفاف وبرنامج دعم السنة الفلاحية. فمثلا كيف يعقل أن يتقبل الفلاح عقلية البيروقراطية والزبونية والمحسوبية داخل ردهات الإدارات التي تتقاسم مع وزارة الفلاحة مسئولية التواصل ودعم الفلاحين.