الأربعاء 25 سبتمبر 2024
مجتمع

ردا على من يتهم هذه النبتة: لو كان "النعناع" يسبب العقم لما توالد المغاربة بشكل متسارع

ردا على من يتهم هذه النبتة: لو كان "النعناع" يسبب العقم لما توالد المغاربة بشكل متسارع

"يا أمة ضحكت من جهلها الأمم".. بهذه العبارة رد أحد المختصين في البحث الزراعي على ما يروج له بعض "الجهلة" بمواقع التواصل الاجتماعي حول تورط النبتة العطرية والطبية "النعناع" في ظاهرة العقم.. وقال "لو كان النعناع يسبب العقم لما توالد المغاربة بهذا الشكل المتسارع". وأضاف متسائلا "هل يعلم من يروج لهذه المغالطات بأن النعناع تم اكتشافه قبل 2000 سنة باليابان؟ وهل يعلم أشباه "المتفيقهين" وعلماء آخر زمن بأنه تم تحديد وعزل مادة كحولية من نبتة النعناع تسمى Le menthol  سنة 1771؟".

وفي حديث مع طبيب مختص أكد لـ "أنفاس بريس" أن مادة Le menthol المستخرجة من النعناع تستعمل كمسكن للآلام والتخفيف من حدة جروح الحلق، كما يمكن له التخفيف من حدة الالتهابات، بالإضافة للتشنجات العضلية والمفاصل، علاوة على استعماله كمضاد للحكة. وفي نفس السياق الطبي، فالنعناع مثله مثل الزعتر يساهمان في ارتفاع الضغط الدموي وارتفاع الكوليسترول كذلك. وعلق المتحدث نفسه على خرافة إلصاق تهمة العقم بالنبتة العطرية والطبية "النعناع" قائلا: "كم نحن في أمس الحاجة إلى نبتة تسدي لنا هذه الخدمة الإيجابية وتقوم بهذا الدور الحيوي للتقليص من النمو الديمغرافي المتسارع بوطن لا يحترم شروط ربط التوالد بالتنمية وبالإنتاج بصفة عامة".

مصدر آخر مهتم بالبحث العلمي أكد لـ "أنفاس بريس" أن هناك بحثا علميا مهما حول النبتة العطرية الطبية "النعناع"، لكنه لم يستخلص هذه النتيجة التي يروج لها بمواقع التواصل الاجتماعي، مستغربا لمثل هذه الإشاعات، معربا عن قلقه إزاء ما تتعرض له هذه النبتة من مشاكل جراء استعمال بعض المبيدات السامة والأسمدة التي يمكن أن تتسبب في مشاكل صحية بعد تناول النعناع بواسطة الشاي الذي يعرف إقبالا منقطع النظير بالمطبخ المغربي كوجبة أساسية عند الأسر المحدودة الدخل.

وحسب المصدر نفسه، فهناك من الفلاحين المختصين في إنتاج النعناع، والذين يراهنون على قوة المحصول وطراوته (الرائحة، أحرش/ اللون، أخضر) يرشون وريقات وأغصان النعناع بمادة "لكريزيم"، بحيث أنها تمنحه مواصفات الجودة من خلال النظرة الأولى وخصوصا في فصل الشتاء (لمقامة الجريحة)، لكنه قد يكون يحتوي على مواد كيماوية سامة تبقى لصيقة بالوريقات والأغصان وتتسرب مع خليط الشاي مثلها مثل مادة الكبريت .

هذا ومعلوم أن المبيدات التي تحتوي على سموم كيماوية متعددة ومتنوعة، لكن المشكل ليس في تلك المبيدات التي تستعمل لتقوية المحصول وحمايته من الحشرات والطفيليات. إذ حسب المختصين في البحث الزراعي، يوصي هؤلاء بضرورة احترام شروط رش المبيدات على أغصان وأوراق النعناع وكيفية الاستعمال، وينصحون بضرورة احترام المدة الزمنية المحددة لكل مبيد حتى تتبخر غازاته. وفي هذا المجال يعطي أحد المختصين مثلا بغاز "السيلفير دو كاربون" القاتل للحشرات الضارة والذي يحتاج لمدة زمنية يجب احترامها قبل جني المحصول الزراعي (النعناع) حددها في 15 يوما بعد رش المبيدات السامة لإعطاء فرصة للتحلل، والتي يمكن أن تترك رائحة الكبريت عالقة بالنبتة العطرية والطبية "النعناع".

وتضيف بعض المصادر العلمية المختصة بالبحث الزراعي أن "المئات من المبيدات المرخص لها موجود في السوق لكن استعمالها مقرون باحترام المدة الزمنية لتحلل المكونات الكيماوية السامة وتندثر فعالية سمومها التي تؤثر سلبا على صحة الإنسان"..

هذا وجدير بالذكر أن هناك مبيدات محظورة من السوق وممنوعة الاستعمال نظرا لخطورتها على صحة الإنسان وتحتوي على عدة مكونات كيماوية سامة لكن من الممكن أن تدخل عبر التهريب ويتم استعمالها بطرق عشوائية.

وعن الأسمدة الورقية التي تعطي للنبتة العطرية الطبية "النعناع" مواصفات الجودة (الاخضرار والرائحة والمنظر)، أكدت مصادر "أنفاس بريس" على أنها  تحتوي على مادة "النيترات"، والتي يمكن أن نجدها كذلك حتى في مياه الشرب والتي تؤثر على الجانب الصحي إن تسربت للذات البشرية.

وقالت المصادر نفسها "أنه يتعين على المؤسسات الوصية على القطاع الفلاحي والزراعي القيام بحملات توعوية وتحسيسية وجولات للمراقبة في الأسواق العشوائية لمنع استعمال المبيدات المحضورة والتنبيه إلى مخاطر عدم احترام المدة الزمنية لاستعمالها قبل وبعد جني المحصول".

وحتى نعطي للقضية بعدها الاجتماعي والتراثي، وخصوصا على مستوى التمثل الشعبي لنبتة النعناع، فهي ترمز للعديد من المظاهر الاجتماعية، إذ أن المرأة تستحضر اسم "عريش النعناع" في نعت الرجل الصلب والقوي والمهتم بشؤونه، والذي تنبعت منه رائحة النعناع الجميلة.. لذلك يعتبر كأس الشاي المنعنع في نظر المغاربة كمرطب ومنعش ومقاوم للصهد وحرارة الشمس (مبرد)، بل إن طقوس حفل الختان بالبادية تعتمد فيها أم الصبي المقبل على الختان على قصبة تثبت على رأسها غصن نعناع وخمارا حريريا (قطيب) كرمز للفحولة والرجولة في جولتها لاستدعاء نساء القبيلة للاحتفال بمشروع رجل.

وختما نقول لمن يروج لهذه المغالطات "كون كان النعناع بعكر (العقم) كون لمغاربة تقداو شحال هذا"..

ومن بعض فوائد النعناع:

ـ ماسك لنضارة البشرة وتغير الجلد الميت،

ـ تدليك فروة الرأس بزيت النعناع يساعد على تسريع نمو شعر جديد،

ـ يساعد زيت النعناع على التخلص من قشرة الرأس،

ـ علاج الإسهال،

ـ منبه للمعدة ومدر للصفراء ومضاد لالتهابات البنكرياس...