الأحد 24 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

محمد الخر: ... مقاومة منسية

محمد الخر: ... مقاومة منسية

إن غياب مراجع للأحداث التاريخية والحديث عنها بكل نزاهة ومسؤولية يعد الدافع الأساسي الكامن وراء الخوض فيها وفتح نقاش واضح يعتمد الحقيقة بناء على ما جاء في شهادات العديد ممن صنعوا تلك الاحداث بمعاناتهم وجهاديتهم وإخلاصهم غير المشوب بالنزوات والاغراءات المادية...وقبل الإشارة إلى مقتطفات من تلك الشهادات لا بأس بأن نحاول رسم الأحداث التي تلت تراجع جيش التحرير نحو الشمال..

من من الصحراويين الذين عايشوا تلك المرحلة المهمة من تاريخ المقاومة لا يعرف ما أقدمت عليه تلك القيادة الخائنة حينما رفض الصحراويون طاعة أوامرها فيما يخص الملك والملكية في المغرب؟ لقد قامت تلك القيادة بإصدار أوامر إلى الموالين لها بالبدء في تجريد كل الوحدات "الخائنة" في منظورهم من أسلحتها وقد تم ذلك، كما أمرت بعزل تلك الوحدات بدعوى إصابتها بأمراض عضوية خطيرة ونفسية إلى حد الجنون حتى تمنع الاختلاط بها كما أصدرت اوامرها بعزل قيادتها وسجنها .. وما إن شاع الخبر حتى تبين أن القائد محمد خر قد سجن وخطري نجا من التوفيف بتنكره في زي امرأة لينجو من التوقيف، أما المقاوم حبوها فقد نجا من محاولة التوقيف وربما الاغتيال.

هذه الأحداث وغيرها التي دفعت تلك الوحدات الصحراوية للبحث عن مخرج من تلك المؤامرة الخسيسة والنجاة بأنفسهم وعائلاتهم أمام استحالة أي اتصال بالقصر الملكي حيث جلالة محمد الخامس وجلالة الحسن الثاني رحمهما الله.

إن وجود  تلك القيادة على رأس القيادة العليا للمقاومة وجيش التحرير حال دون وصول الاستغاثات ووصول الحقيقة إلى قائد البلاد ومحررها محمد الخامس.

أمام ذلك الوضع الخطير اتخذت تلك الوحدات قرارها التاريخي المتمثل في تفجير مخزن السلاح بمدينة الطنطان والعملية المعروفة تاريخيا بـ "دكديك المكازة"

ليتسلحوا من جديد وتبدأ المناوشات مع تلك القيادة المتآمرة والموالين ممن شوهوا جيش التحرير الصحراوي ونعتوه بما ليس فيه بل حاولوا وصفه بما هو فيهم، من تآمر على القصر وتواطؤ مع الأجنبي.

للاستدلال فقط قال احد اولئك المتآمرون على الصحراويين في ختام برنامج "شاهد على العصر" الذي استضافه في حلقات والذي يعده ويقدمه الصحفي أحمد منصور، فبعدما تحدث ذلك "الزعيم" عن مراحل جيش التحرير وأعماله وما فرض على ذلك الجيش من تراجع نحو الشمال وإعادة بنائه وتأهيله عسكريا ..

سأله منصور، "إن كنتم قد جمعتم صفوف جيشكم وأهلتموه عسكريا لماذا لم تستكملوا تحرير الصحراء؟"

أجابه ذلك "القائد" : "لم نفعل ذلك نتيجة للخيانة"

سأله منصور: خيانة من؟

أجاب القائد أيت ايدر ودون استحياء ولا تمييز بين من كان معه ومن كان ضده من الصحرايين: "خيانة المحليين (أي خيانة الصحراويين)..

للتذكير فإن بن سعيد ايت ايدر هذا، هو من أولئك القياديين الذين كانوا يخططون لقلب النظلم الملكي في تلك المرحلة وبعدها، ومن أجل تحقيق ذلك تحالف مع الأعداء ولجأ إلى الجزائر وليبيا ومصر وقد يكون قد تحالف مع الشيطان من أجل ذلك..

ان تلك الأحداث الأليمة التي فرضت على تلك الوحدات المقاومة، ووجود تلك القيادة حال بينها والقصر الملكي في الرباط، فرضت على تلك الوحدات التخلي عن مهمة استكمال تحرير الصحراء بل والعودة إلى المنطقة التي دفعوا الغالي والنفيس من أجل تحريرها من الاستعمارين الفرنسي ( منطقة تندوف ) والاسباني (الصحراء الغربية) ليس حبا في الاستعمار ولكن رفضا للتآمر ضد الملك محمد الخامس ووراث سره الحسن الثاني.

ما يجب ان يعرفه كل المغاربة هو أن المقاومين القادة: محمد خر، حبوها، خطري، وفضيلة الشيخ محمد ليمام ماء العينين، قد كان لهم الدور الكبير في إنقاذ الملكية والمحافظة على الوحدة الترابية من هذا الربوع الجنوبي من المملكة. كيف؟

إن جيشا من المحاربين الأشداء (جيش التحرير ) لو انصاع، لا قدر الله، لأفكار المتآمرين على الملكية وصوب بنادقه في الاتجاه الخطأ في ظروف كالتي كان يمر منها المغرب بعد استقلاله مباشرة، ماذا كان سيحدث؟

لقد رفض هؤلاء الرجال المؤامرة وحاربوها بكل ما أوتوا من قوة وفضلوا التعايش ولو لظرف وجيز مع المستعمر حتى تتضح الأمور ويتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود.

هل يعرف المغاربة جميعهم أن الشيخ محمد لمام قد رفض عرض المستعمر الاسباني الذي كان يهدف فصل جزء من تراب المملكة؟

لقد عرض على الشيخ محمد لمام أن يصبح أميرا لإمارة تضم جنوب المغرب من منطقة ايت بعمران الى منطقة وادي الذهب مرورا بمنطقة الساقية الحمراء (مستعمرة إسبانيا جنوب المغرب)

أليس من حقنا كمغاربة غيورين على هذا الوطن ان نخلد لهؤلاء الأبطال تضحياتهم تلك ونكرم مثواهم على قدر ما قاموا به من أعمال بطولية تستحق علينا أكثر من ذلك لقد قام هؤلاء الأبطال بافشال مؤمرة خطيرة ودنيئة لا تقل عن المؤامرة الخسيسة التي أفشلها البطل علال بن عبد الله ...

ولكم الاجابة ايها القراء الكرام

وكما أشرت أعلاه فإني أدرج ضمن هذا المقال بعض تلك الشهادات التي تبين دون أدنى لبس ما عرض على الصحراويين من تآمر وما تعرضوا له من دسائس، وهي شهادات لأعضاء فعليين من المقاومة وجيش التحرير قد وردت في كتاب: "المقاومة وجيش التحرير"، لكاتبه علي العمري..

شهادة المقاوم أحمد سالك بوزيد : الصفحة (52)  " اتجهنا إلى الرباط واتصلنا بالمهدي بن بركة باعتباره رئيس المجلس الاستشاري فطلبنا منه أن يرتب لقاء مع محمد الخامس– سيدنا – لنشتكي له من تصرفات جيش التحرير والمدعو بن حمو، فقال لنا المهدي بن بركة "سيدكم هو علال الفاسي"، في سنة 1959 كان هناك تياران: الحركة، وهدفها هو تحرير الصحراء بدون تدخل سياسي وأن لا يمس النظام. في حين أن الاتحاديين على رأسهم بن بركة واليوسفي أرادوا تكوين جيش للتوجه إلى الداخل وقلب النظام، فابن حمو كان يقول مثلا : "يجب الضرب والحرب داخل المغرب وليس تحرير الصحراء، إنهم دعوا إلى ثورة ضد النظام لذلك وقعت بيننا وبينهم اصطدامات استعمل فيها الرصاص. إن بن حمو ومجموعته هي السبب في "التجرجير الحالي" الذي تعرفه قضية الصحراء.

شهادة المقاوم الحسين صفر ولد عمر (الصفحة 123) : اعدم الكثير بتافنديكت (مركز يقع شمال طانطان بحوالي 20 كيلو متر ) لكن كلهم إما من واد زم أو مكناس. كان جيش التحرير يختطف هؤلاء ليلا ويعدمهم.

شهادة المقاوم الوالي ولد بابيت (الصفحة 109 ): هناك من لم يكن في جيش التحرير ولكن حصل على رواتب ومراكز وأصبح بعضهم خلايف اما من ينتسب حقيقة إلى جيش التحرير فلم يحصل على اي شيء . يقال باللهجة الحسانية: الله لا يحشمك حشمة المخلص. الذي أصبح يحتشم بدل الخائن.

 

الجزء الثاني (يتبع)