الاثنين 25 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

لحسن بازغ: رسالة إلى أستاذي العزيز بمناسبة اليوم العالمي للمدرس

لحسن بازغ: رسالة إلى أستاذي العزيز بمناسبة اليوم العالمي للمدرس

يقف المجتمع الدولي في مثل هذا اليوم 5 أكتوبر من كل سنة، وقفة إجلال وإكبار ليوجه لكل نساء ورجال التعليم في أنحاء المعمور رسالة محبة واعتراف بجليل الأعمال وجدية الالتزام في أداء الواجب المهني بما ينمي قيم المواطنة ويساهم في بناء المجتمعات الإنسانية ورقي الحضارات.

إنها لحظة تاريخية تكتسي دلالات رمزية متعددة الأبعاد، باعتبارها محطة تربوية نستحضر فيها جميعا معاني النبل والتضحية وسمو الرسالة التربوية التي يضطلع بها نساء ورجال التعليم الذين لا يدخرون أي جهد في استجلاء أفكار الناشئين والشباب وإيقاظ مشاعرهم بالمحبة والاحترام وتنوير عقولهم وتنميةمداركهم، وبهذه المناسبة  قررت أن أوجه هذه الرسالة إلى أستاذي العزيز الذي علمني منذ كنت صغيرا:

"أستاذي العزيز

تحية طيبة وبعد

لقد أبيت إلا أن أكاتبك اليوم بمناسبة اليوم العالمي للمدرس، بهذه الكلمات المتواضعة تعبيرا عما يخالجني من تقدير ومحبة وعرفان اتجاهك، لأنك علمتني ولقنتني أشياء كثيرة لازلت أحفظها وتركت بصماتك على جزء من حياتي.. لذا أتقدم لكم اليوم بتحيات الإكبار والإجلال لنكرانك لذاتك ولتضحياتك الغالية في سبيل المهنة المقدسة التي اخترتها عن طواعية وطيب خاطر كما قلت لنا وقطعت وعدا على نفسك كما صرحت لنا أن تضحي في سبيلها بكل عزم وتفان وإيمان...

لقد تتلمذت على يديك سنوات فوجدت فيك مثالا حيا للأستاذ العالم الفاضل الذي تكامل تكوينه وانسجمت شخصيته وتوازنت معارفه وأخلاقه. كنا نحن التلاميذ ومازلت أذكر، ننظر إليك وكأنك كائن سقط من السماء ونحرص دائما على السعي إلى التقرب إليك وكسب ودك وعطفك.. وكنت أنت تنظر إلينا جميعا بدون استثناء على أننا أبناؤك.. وتنظر إلينا نظرة حنان ورعاية أبوية كما تهتم بنا اهتماما متزايدا.. تمد لنا يد العون والمساعدة وتواسينا في أحوالنا الصحية وتحل مشاكلنا الدراسية، وتفتح معنا نقاشات كثيرة في ظروفنا الشخصية...

أذكر جيدا أنك كنت بالإضافة إلى ذلك مصدر إلهام ومعرفة للتلاميذ،وقاموسا غنيا بالمعلومات والمعارف مكرسا كل وقتك في الفصل على تكويننا تكوينا سليما ينسجم مع هويتنا الحضارية وثقافتنا المغربية بجميع روافدها، ومبادئها الإسلامية، مجندا ليل نهار لمحاربة آفة للامية والجهل وهندامك المميز المكون من بذلة زرقاء وربطة العنق الجميلة فوقها وزرة بيضاء لا تفارقك حتى غذيت عقولنا وأرواحنا تغذية فيها خيرا عميما لنا وفيها حياة جميلة.. كما كنت بحق نموذجا يحتذى به آنذاك في أوساط رجال التعليم ومنبعا للتعليم والرعاية والتوجيه.. وهده شهادة مني لا يمكن نكرانها .

أستاذي العزيز،

كم كنت رائعا وأنا أتخيل اليوم صورتك أمامي حين كنت تشرح لنا الدرس بصوتك الجهوري الناذر مستعينا بحركاتك المتزنة وخطواتك الوئيدة لأنك كنت تخاطب وجداننا وفكرنا. كما هناك مسألة لا يمكن أن أغفل الحديث عنها اليوم وأنا أتحدث عنك، وهي خصالك الحميدة ومجوداتك التي بذلتها في سبيل إسعادنا وتعليمنا وإعداد الأجيال من التلاميذ، وكذلك حثك لنا على النظافة والأناقة وابتعادنا عن النميمة والغيبة، ومعاقبتك لنا إن لم نمتثل لتعليماتك، حتى عودتنا منذ صغرنا على النظافة وربيتنا تربية حسنة.. وكنت في كثير من أحلامي آنذاك أطمح إلى أن أصبح أستاذا في المستقبل نتيجة لتلك الصورة اللامعة والمشرقة التي كونتها عنك ولا زالت ذاكرتي تختزنها إلى اليوم.

لذا فأنا اليوم أقدر فيك كل المجهودات التي بذلتها.. ومعترفا لك كل هذه الخدمات الجليلة الخالصة، ورعيا لك ولأمثالك من رجال التعليم الذين يعملون لتحقيق أهداف بلدنا..

مع متمنياتي لكم بموفور الصحة والعافية وبمزيد من العطاء والصمود..

والله الموفق والسلام عليك ورحمة الله".