السبت 21 سبتمبر 2024
خارج الحدود

لهذه الأسباب الجزائر في خــطر

لهذه الأسباب الجزائر  في خــطر

عدد تقرير بريطاني بوادر الأزمة الاقتصادية التي بدأت تلوح في الأفق بالجزائر، منذرا من انضمام أزمة أخرى في المستقبل إلى قائمة أزمات الشرق الأوسط وذلك بسبب انخفاض أسعار البترول.

وأوضحت صحيفة (الإيكونمست)، أمس الأحد، في تقرير لها يعدد الاضطرابات التي تحيط بمنطقة الشرق الأوسط بدءا من الثورات الاجتماعية مرورا بالحروب الأهلية وانتهاءً بتفشي ظاهرة “الإرهاب”.

ويقول التقرير إن دول الخليج النفطية حققت أرباحا ضخمة خلال العقود الماضية كفيلة بأن تقيها من توابع انخفاض أسعار البترول، حيث يقل تأثرها عن تأثر بلدان مثل نيجيريا وفنزويلا تأثرت  بشكل مباشر من الانخفاض الحاد في أسعار البترول والوقود، هذا لا يمنع أنه قد تكون هناك عواقب في المستقبل إذا استمر انخفاض الأسعار.

ويرى التقرير أنه من الصعب التكهن حاليا بمن سيتعرض لأزمة اقتصادية من البلدان النفطية خلال الفترة القادمة، مشيرا إلى إمارة قطر كدولة بعيدة عن الأزمات الاقتصادية بسبب قلة سكانها وتوافر عوائد استثمارها داخل وخارج الإمارة على عكس دولة مثل الجزائر التي يعيش بها 40 مليون مواطن.

وأشار التقرير إلى بوادر الأزمة الاقتصادية، التي بدأت تدق ناقوسها حاليا مع انخفاض قيمة العملة الجزائرية أمام الدولار، مما يعيد إلى الأذهان الأزمة الاقتصادية التي ضربت الدولة في ثمانينات القرن الماضي لتتطور إلى اضطرابات وتظاهرات اجتماعية انتهت بعشرية سوداء في تسعينيات القرن الماضي، لافتا إلى محاولات الحكومة الجزائرية إلى تشكيل مؤتمر من دول أعضاء منظمة “أوبك” للبحث عن وسيلة لرفع أسعار الوقود.

ويقول التقرير إن المملكة العربية السعودية تحافظ على انخفاض أسعار الوقود كجزء من خطة أكبر، حيث لاحظت دول المنظمة أنه عند ارتفاع أسعار البترول يبحث الجميع عن مصدر للطاقة أقل سعرا خارج دول منظمة الأوبك، لهذا فالمملكة ترغب في فرض سيطرة المنظمة على سوق الطاقة حسب التقرير رغم ما قد يسببه ذلك لها من خسائر اقتصادية في المستقبل نتيجة اعتمادها على ما تمتلكه من احتياطي للعملة الأجنبية.

وتباينت المواقف حول مساعي الحكومة الرامية لمواجهة الأزمة الاقتصادية الراهنة في أوساط الجزائريين ولدى الخبراء الاقتصاديين والمتتبعين، حيث تلقى بعض التدابير المتخذة في الأسابيع الأخيرة انتقادات واسعة على غرار الإجراءات الرامية لاسترجاع الأموال الموجودة في السوق الموازية والتي تقدرها الحكومة بحوالي 3700 مليار دينار، بالإضافة إلى تدابير وصفت بالتقشفية ومنها المتعلقة بتجميد بعض المشاريع وترشيد النفقات العمومية.

وفي هذا الإطار، قال الخبير الاقتصادي فارس مسدور، إن انهيار أسعار المحروقات، المورد الوحيد  للاقتصاد الجزائري، كان له تأثير كبير على الاقتصاد، موضحًا أن الاعتماد على المحروقات ليس عيبا ولكن العيب يكمن في عدم القدرة على استغلال مداخيل المحروقات خلال السنوات التي شهدت أسعار النفط أعلى معدلاتها وإنفاق تلك الأموال على مشاريع لا تعكس قيمة الميزانيات التي رصدت لها.

وبخصوص التخوفات من تكرار أزمة سنوات منتصف الثمانينات أوضح مسدور أن الأزمة الحالية التي تشهدها البلاد تختلف عن سابقتها نظرا لتوفر احتياطات مالية، الوضع الذي ساعد على التخفيف من شدة الصدمة، مقارنة بأزمة الثمانينات، مشيرا في هذا الإطار، إلى أن صناديق الاستثمار لوحدها تحتوي على 137 مليار دولار لم تستغل، إضافة إلى الأموال المتواجدة بالخارج منها 47 مليار دولار في الخزينة العامة الأمريكية وأخرى في بريطانيا واليابان ودول مختلفة وهي أموال إذا تم استغلالها فبالإمكان النهوض باقتصاد قارة .

وأما عن الحل الذي يراه مسدور لتجنيب الجزائر المزيد من الغرق في الأزمة “لابد على الحكومة تبني المصالحة الاقتصادية من خلال القضاء على الاقتصاد الموازي الذي يكلف الدولة خسائر فادحة” .

أما الخبير الاقتصادي مبارك مالك سراي، فصرح أن انخفاض قيمة الدينار، سوف يظهر تأثيره على أسعار المواد المستوردة والتي ستزيد بنسبة 30 بالمائة وهو ما يؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين، غير أنه اعتبر، أن هذا الوضع له إيجابياته من حيث تقليص الاستيراد وإعطاء الأولوية للإنتاج الوطني وتشجيعه.

وأضاف مالك سراي بأن الجزائر اليوم تريد تشجيع أصحاب الأموال من أجل إيداع أموالهم في البنوك لاستثمارها في مشاريع منتجة، مشيرًا إلى وجود 50 مليار دولار في السوق الموازية، معتبرا أن الجزائر قادرة حتى الآن على الدفاع عن اقتصادها في فترة 3 سنوات، غير أنه أكد على ضرورة وضع توصيات جديدة وعلى الحكومة رفع القيود البيروقراطية، لتمكين المواطنين من الاستثمار، إضافة إلى حتمية استغلال البلاد لقدراتها وثرواتها الباطنية غير المستغلة بعد.