وهو في عمره الـ55، لا يعتقد المراقبون بأن وزير الاقتصاد اليوناني الحالي "أوكليد تساكالوتوس" قد كان محط وجهات أنظار مواطنيه وكاميرات العالم، كما هو حاصل له اليوم. لا لشيء سوى لكونه تقلد مسؤولية أقل ما يمكن أن يقال عنها هو أنها جسيمة وضاغطة، بحكم الظرف الصعب الذي تمر منه البلاد من جهة، وانطلاقا من الرهان الملقى عليه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه خلفا للوزير المستقيل يانيس فاروفكاكيس من جهة ثانية. خاصة وأن كل ردود الفعل الاستباقية تؤكد على أنه بشخصية قوية تتمكن من كل ما يتيح لها الدفاع عن مصالح الشعب اليوناني.
وحتى إذا كان هذا الصدى يميل لصالح تساكالوتوس، فإنه يضع عليه بالمقابل ضغطا تزيد من ثقله التساؤلات الرائجة حول مدى إمكانية استمراره في ذلك الدفاع المعهود له حين كان منسقا للوفد اليوناني في مفاوضاته الماراطونية السابقة، وأيضا في اجتماعات القمة الاستثنائية التي انطلقت ببروكسيل للنظر في مستقبل اليونان، وكذلك التعامل مع ردود دول الاتحاد الأوروبي بشأن المقترحات اليونانية والعكس بالعكس. أم أن المستشارة الألمانية إنجيلنا ميركل ستنجح في مواصلة تشديد خناقها على الوفد اليوناني الذي حضر إلى العاصمة البلجيكية بقيادة هذا الرجل المتشبع بالأفكار الماركسية. إنها أسئلة ربما قد لا يطول موعد الإجابة عنها، ولن يكفي سوى انتظار مساء اليوم فور اختتام الاجتماعات الاستثنائية للرئاسات الأوربية بالمجلس الأوربي، وما ستنتهي إليه من خلاصات مصيرية.
ومما لا شك فيه، أن كل خبراء الاقتصاد سيضعون في اعتبارهم مجموع الآراء التي سبق وأن أدلى بها تساكالوتوس، المنتم إلى المركزية بالحزب اليساري المتطرف، حتى يدرجوها فيصلا بين حديث الأقوال وواقع الأفعال. وتحديدا تصريحاته الإعلامية والسياسية التي طالما شدد عبرها على أن أزمة اليونان ليست اقتصادية فقط كما يحاول البعض الترويج لذلك، بل مرتبطة أيضا بالديموقراطية وسوء الاختيارات اللاشعبية التي نهجتها الحكومات اليونانية السابقة، والتي تمت تزكيتها في بروكسيل من قبل الدول المانحة للقروض أوروبيا ودوليا.
وعليه، يظل هذا الناشط في حركة "سيريزا" منذ 10 سنوات ونائبا برلمانيا لـ 3 سنوات إلى الآن، ضمن الرافضين لمغادرة منطقة الأورو، وذلك في سبيل إيجاد حلول معقولة لمشاكل واضحة حتى تتمكن اليونان من الاستفادة من وضع طبيعي ضمن منظومة الاتحاد الأوروبي.
هي إذن، آمال كبيرة معقودة على خريج شعبة الاقتصاد السياسي بجامعة "أوكسفورد" على اعتبار ما وصف به من براعة التفاوض، وإن كان التشدد يطبع تدخلاته أثناء المفاوضات التي أجراها مع صندوق النقد الدولي ومع دول الاتحاد الأوروبي. لذلك، ستكون خبراته على المحك اليوم بمناسبة انعقاد القمة الاستثنائية في بروكسيل، لما تشكله من رهان حقيقي للحكم على نجاحات هذه الشخصية الماركسية في المفاوضات التي يقودها باسم الدول الأعضاء في الاتحاد الليبيرالي والاشتراكي الديموقراطي، من أجل تحقيق مكاسب اقتصادية و سياسية أو على الأقل استرداد ديون قيل عنها تبخرت مع إجراء أول استفتاء يوناني. وإلى ذلك، فللنتظر حين يأتي المساء حتى نردد سويا مقولتنا الشهيرة "عند الامتحان، يعز المرء أو يهان".