السبت 18 مايو 2024
سياسة

إذا كان سبب منع "الزين اللي فيك" هو تقديمه لصورة مسيئة عن المغرب.. ما جدوى حظره وطنيا ودخوله القاعات الأجنبية؟

 
 
إذا كان سبب منع "الزين اللي فيك" هو تقديمه لصورة مسيئة عن المغرب.. ما جدوى حظره وطنيا ودخوله القاعات الأجنبية؟

ربما سيضاف قرار السلطات المغربية الذي أعلنته عنه وزارة الاتصال يوم أمس الاثنين بمنع عرض فيلم "الزين اللي فيك" لنبيل عيوش وطنيا، إلى خانة الاعتقادات التي مافتئت تميل إلى أن صوت الشعب مسموع لدى مسؤولي البلد، وتكفي إشارة منهم  تعبر عن سخط ما ليتم وضع حد لسببه. لكن هل تمت لحظة توقف عند طبيعة هذه القرارات الموحية بأن الآذان الحكومية منصتة لمواطنيها، بل وراضخة لطلباتهم؟. الجواب وبقدر صعوبته، إلا أن ذلك لا يمنع من القول بأن المبادرات الأخيرة والتي منها إعفاء وزراء وإجبار آخرين على تقديم استقالاتهم، فضلا بطبيعة الحال على حظر عرض فيلم "الزين اللي فيك" في المغرب، لا تبدو أكثر من ذر للرماد في العيون، وتسترا على إهمال الكثير من المطالب الأكثر أهمية، والتي تمس عمق الحياة اليومية لبسطاء الأمة والتي لا تزال في مكانها الأولي بقاعة الانتظار.

وما دمنا على مقربة من تاريخ صدور بلاغ وزارة الاتصال وراهنيته، ألا يتطلب منا التساؤل عما إذا كان هذا المنع هو منتهى آمال المغاربة، وأن جميع مشاكلهم وجدت طريق الحل؟. ولم يبق ما يشوش عليهم سوى الخوف على مسامعهم من تلقي عبارات خادشة للحياء. إن كان الجواب بالإيجاب، فما القول في ما نسمعه يوميا بشوارعنا من كلام ساقط، أما داخل الأحياء فحدث بلا حرج، إذ تصلك كلمات في أحقر مستوى وأنت بين جدران بيتك ووسط أفراد أسرتك ولا من متحرك، أو من يقول "اللهم إن هذا منكر"، حينها تتأكد بأن الجميع ممن يستهجنون تلك المصطلحات لا يجدون مخرجا لموقفهم غير "تغيير المنكر بقلوبهم"، ويفلحون فقط في إطلاق العنان لألسنتهم سعيا للضغط على فيلم لن يراه إلا من رغب في تتبعه. ثم ما الفائدة من منعه في المغرب وجميع المواطنين على دراية تامة بواقعنا، في حين أن عرضه في الخارج يضرب في العمق ما تخشاه وزارتنا أو على الأقل ما تبرر به منعها ومعها الطبقة الغاضبة، والمتمثل في تقديم صورة سيئة عن المرأة المغربية والبلد ككل. فعرضه بالمغرب أهون ألف مرة من إدخاله القاعات الأجنبية، مع العلم، كما سبقت الإشارة، أن المغاربة أدرى بواقعهم، وأصغر أطفالهم يتشبع بكلام "من تحت السمطة" قبل أن يتعلم النطق. ومن جهة أخرى، إن العدد الذي يروج بشأن من اختلسوا لقطات من الفيلم والذي وصل 4 ملايين، ألا يجعلنا نخجل من أنفسنا كقوم يقولون ما لا يفعلون، حتى أن أحد الفايسبوكيين حوَّل عنوان الفيلم من "الزين اللي فيك" إلى "النفاق اللي فيك"، وهي الحالة التي ربما قد تشترك مع ما يمكن قراءته من بين سطور أحد "الشيوخ" الذي كان يتحدث عن تحريم الغناء وسماعه، وللغرابة أنه أخذ أغنية الراحل عبد الحليم حافظ "قارئة الفنجان" ليبرر حكم "التحريم"، فنطق كلماتها من أول مقطع إلى آخر لازمة، بما يفيد أنه يحفظ الأغنية عن ظهر قلب، وسبق له أن سمعها مرارا دون أن يبدأ بنفسه كأول المشمولين بعذاب السامعين لعزف المزامير، كما يقول.

صحيح أن أي مواطن حقيقي تهزه مشاعر الغيرة على بلده، ولا يتوخى سوى نظرة الاستحسان من الغير لها. إنما يبقى من العبث التظاهر بصور والواقع يهيم في جانب الآخر. مع أن ليس هناك علاج بدون تشخيص، وأول خطوات الأخير هي كشف العيوب، وإلا سيطول أمد تغطية الشمس بالغربال، والادعاء بما ليس فينا كأجمل بلد في العالم.