السبت 18 مايو 2024
سياسة

إسلاميون في بيت عرشان وليس بنكيران

 
 
إسلاميون في بيت عرشان وليس بنكيران

السؤال الذي غفل عنه الذين تتبعوا عملية اندماج مجموعة من الإسلاميين من مشارب مختلفة، في حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية، هو لماذا ترك هؤلاء بيتهم الطبيعي، أي حزب العدالة والتنمية الإسلامي أو الحزب السياسي بمرجعية إسلامية على حد تعبير أهله؟ لماذا اتجه الإسلاميون نحو حزب آخر وليس الحزب المفروض فيه أن يكون حاضنة لهم؟ لماذا حزب عرشان وليس حزب الخطيب وكلاهما عملا في صفوف الدولة؟

كان المفروض أن يكون حزب العدالة والتنمية هو البيت الطبيعي للإسلاميين، وكان هذا هو هدف الدكتور الخطيب قبل أن يفتح النقاش مع مجموعة بنكيران، التي تلكأ كثيرا في ضمها إليه رغم تعاونها معه في استقطاب الشباب للجهاد في أفغانستان.

اختار هؤلاء الإسلاميون حزبا آخر بدل حزب العدالة والتنمية لأنهم يعتبرون بنكيران قد سطا على تاريخ وتراث الحركة الإسلامية وكتب ذاكرة لها على مقاسه، بينما لم يكن هو ومن معه من صناع هذه الحركة.

إذ إن من بين الذين التحقوا بحزب عرشان هناك الحاج فوزي عبد الكريم، وهو من رواد ومؤسسي الشبيبة الإسلامية، رافق عبد الكريم مطيع، مؤسس الحركة الإسلامية في حله وترحاله، بالداخل والخارج، ويعتبر بنكيران دائما غريبا على الحركة واقتنص الفرصة للحديث باسمها.

أما عبد الكريم الشاذلي، فهو المنظر الرئيسي للسلفية الجهادية بالمغرب، وقبلها هو ثالث ثلاثة من مؤسسي جمعية الجماعة الإسلامية رفقة عبد الإله بنكيران، ثم انسحب من جمعيته أربع سنوات بعد تأسيسها، وراكم إنتاجا مكتوبا كبيرا ويتفوق على هؤلاء في التوغل في العلوم الشرعية، ويتزعم اليوم التيار السلفي الإصلاحي وله أتباع بمختلف السجون المغربية وخارج السجون.

وبالنسبة لإدريس هاني فهو حالة منفردة، فهو يعتبر أبرز وجه شيعي في المغرب، غير أنه دخل الحزب باعتباره مفكرا إسلاميا يدعو إلى التقارب، وسبق أن حصل على درع التقريب بين المذاهب الإسلامية من بيروت، وله كتاب حول الاقتصاد في الخلاف.

فمن جمع هؤلاء؟ وما الذي يجمعهم؟ وما هي القيمة المضافة في العمل السياسي التي سيقدمها هذا الحدث؟

زعم البعض أن عرشان كان صديقا للبصري. وهذه من جنايات الذاكرة المثقوبة. فعرشان ينتمي لرجالات "المخزن" لكنه لم يكن على ود مع البصري، بل شن هذا الأخير حربا على آل عرشان دفعت الملك الراحل الحسن الثاني إلى إصدار ظهير توقير موجه للبصري أساسا كي يبتعد عنهم. اشتغل في الأمن سابقا لكن غادره منذ أكثر من ثلث قرن. وهو مواطن كباقي المواطنين له الحق في تأسيس حزب سياسي. ولهؤلاء الحق في الانتماء للحزب الذي يريدون في إطار الالتزام بالقوانين الجاري بها العمل.

كما أن هناك من يتحدث عن صفقة رهيبة وغيرها من المرادفات. الأحزاب لا تولد من فراغ والاندماج أيضا لا يولد من فراغ، وهو تعبير عن حاجة ما في المجتمع. المهم ألا يكون العمل مخالفا للقوانين وضد الوطن.

اختار هؤلاء حزب عرشان لأنه فتح لهم الباب كما يقولون الضيف والمضيف. بينما حزب العدالة والتنمية غير قادر على جمع هذا الثلاثي حيث وصل حد تكفير البعض منه. كما أنه الحزب الذي استغل ملف السلفية الجهادية، وجعل منها ورقة انتخابية وورقة للضغط وجعل منها أداة وظيفية.

بينما جعل بنكيران من حزب الدكتور الخطيب كيانا ضيقا على أهله يمكن أن يكون حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية بهذا الانتماء الجديد قد حقق نوعا من الانفتاح على تعبيرات مجتمعية لا تجد لها مكانا في الأحزاب الأخرى.

(عن يومية "النهار المغربية"، الثلاثاء 26 ماي 2015)