الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد الحميد جماهري: الريسوني الفقيه "ولاٌ" "جينيكو" !

عبد الحميد جماهري: الريسوني الفقيه "ولاٌ" "جينيكو" !

لشدة ما يفرط بعض فقهائنا ومتفقهينا في التمعن في قضايا الفروج والمؤخرات، أتساءل إن كان الإنسان في تعريفهم هو شهوة متحركة في خرائط المادة، وبالتالي ما الذي يفصل بينهم وبين فرويد الذي يقول إن أصل التاريخ ليبيدو! عندما أقرأ الفقيه أحمد الريسوني، وبكل صدق أستنكر.. بشدة أنهم في كلية الشريعة لم يفتتحوا تخصصا طبيا لكي يصبح... جينيكو..!

فالفقيه لا يجد ما يبرر به رفضه للحداثيين (وهم في سياق النقاش حول الإجهاض زمرة من الإجهاضيين) سوى أن يحشر نفسه بين الأفخاذ ويبحث عن الشبهة في العلاقات بين الأنثى والذكر، وعن النوايا السيئة التي تحكم كل من يريد أن يفكر بعقله، عوض أن يقتفي أثره ويفكر بـ.. ما بين المنزلتين!

الفقيه دخل غمار النقاش حول الإجهاض.. «مجهض» الجناح (وربما مجهدا أيضا) ويريد منها أن تقود المغاربة إلى فسطاطين يسميهما كالتالي: "الإجهاضيون يسعون إلى تحرير الفروج وتعطيل الأرحام، والإسلاميون يسعون إلى تحصين الفروج وتشغيل الأرحام".

لست أدري إن كان يحشر الفقيه العلامة المتنور الأستاذ أحمد الخمليشي مدير دار الحديث الحسنية في تقسيمه المانوي(*) للعالم، وللمغرب اليوم. (ملحوظة: الرجاء من الفقيه الانتباه إلى «الألف» بعد الميم في كلمة مانوي، حتى لا تختلط عليه المفاهيم) فقد اختار العلامة أن يضع نفسه كمواطن مسلم، وليس مفتيا ولا رجل دين، لتواضع هو خصلة فيه. وتحدث كإنسان عن قضية تطورت منذ أيام الجاهلية، وكان مقنعا عندما تحدث عن مجتمعات قديمة لم "تكن تعرف الأمهات العازبات".

وتحدث عن النفاق الاجتماعي الرهيب في بلادنا عندما ندافع عن الجنين في بطن امرأة حملت سفاحا ثم نهمله من بعد، حين لا ينسب إلى أبيه!!

وكان موفقا وهو يعود إلى المجتمع في تفسير ظاهرة الإجهاض "وقلة ذات اليد"!!والتعليم والتكوين والوضعية المعنوية للجنين وهوية الأبناء، وكل ما لا يستطيع عقل محشور بين الفخذين أن يفكر فيه.

لست أدري إن كان عرف شعور امرأة أو رجل فرضت ظروف ما الإجهاض عليهما، وكيف يعيشان بثقل تلك العملية العمر كله، لكن يبدو أنه لا يجيد سوى علم النفس.. الفروجي!

أكثر علينا الفقيه الريسوني بفرض نقاشات بلا معنى، في كل مرة يكون فيه الذين يحكمون باسم فصيله الإيديولوجي أمام أشكال لا يجرأون فيه بالإفصاح عن تصوراتهم العميقة.

أكثر علينا بالخروج كلما اتخذت مؤسسة الدولة أو إمارة المؤمنين موقفا من أجل السلم الاجتماعي والنقاش الحضاري ..

لا يمكن أن يقبل العقل، في الزمن الحالي، أن هناك انقساما موجودا بين الإجهاضيين والإسلاميين،وإلا لن يعقل العقل نفسه ونترك له حرية الخيال بأن يقيم الفصل بين الإجهاضيين... والجهاديين!

فهل يقبل بأن يضع نفسه، ومن معه في خندق الجهاديين، بكل ما يحمل ذلك من مسؤولية ومن تبعات؟

لهذا ليقرر إن كان يريد أن يصبح طبيبا مختصا في الأجهزة التناسلية والإنجاب (جينيكو) أو يفكر مثل فقهاء المالكية المغاربة، الذين ننصت إليهم ونستفتي رأيهم كلما استشكل علينا وضع من الأوضاع الحالية..

وإذا أصر على الخيار الأول، فعليه ألا يتفاجأ غدا إن هو رفع عينيه عما يمعن فيه النظر وصرخ: "أخيرا رأيت .. وجها"!!