الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد الحميد جماهري: الاسم المغربي الجريح

عبد الحميد جماهري: الاسم المغربي الجريح

تذكرت فيروز، وتذكرت أخى محمدين.

فيروز وهي تغني «أسامينا..»

وتتمايل معها الأسماء أسماؤنا.

تقول فيروز، بغنج اللوز الذي يصاحب اسمها:

«أسامينا شو تعبو أهالينا تلاقوها وشو افتكرو فينا

الأسامي كلام.. شو خص الكلام.. عينينا هني أسامينا

لا خضر الأسامي ولا لوزيات

لا كحلي بحري ولا شتويات

ولا لون أزرق قديم ما بيعتق

ولا سود وساع و لا عسليات

ولا فيهن دار دار الخمار

علينا و بلش يسقينا

تلج و ورق طاير و المسا حزين

وضباب و قناطر نحنا بردانين

لملمنا أسامي عشاق

من كتب منسيي و قصايد عتاق

وصرنا نجمع اسامي ونولع

تصارو رماد وما دفينا».

الله! يتعب الأهل في الاسم وتختار السلطة ما تختار، وتعيد الأسماء إلى غمدها في خاطر الأهالي..
وبعدها، تذكرت أخي، وهو يتعب من أجل إقناعي بالفتح الكبير الذي حققه، وهو يستقبل رفقة الأهل في القرية شهود نسبنا الشريف، مزيدا ومنقحا. وكل الدعوات التي رفعوها الي الله تعالي بحقي، مستندين إلى النسب الشريف.

لم يستسغ ابتساماتي، وحديثي عن هذا الشرف الطارئ بفضل ما اكتشفه أهل لنا من «مزكيتام»! وكان يرد على مزحاتنا، آخرون من العائلة وعبد ربه، بتفاصيل دقيقة عن وصول الوفد، وصول الأفلام الأذربيجانية، وعن العودة إلى الأصول البعيدة، وعن الزيارة والدعوات الكثيرة، وعن أشياء أخرى عن الرهبة التي شعر بها عند زيارته الى مزكيتام، وغربته بين الأمازيغ الشرفاء، في تلك القرية القابعة بين ثنايا جهة الحسيمة تاونات، تجر حنين ايبدارسن المطالسية، عندما كانت لا تعدو تكون مسجدا (تامسكيدا).. وقد تلألأت في عينيه نجوم الشرف المستعاد بين الأمازيغية ونسب نبوي!

وتلك التوليفة هي التي تطرح على الدولة عنادا أنثروبولوجيا لا يبدو أنها تمعن فيه النظر: الاسم الأمازيغي الشريف، كما وجد في تاريخ المغرب منذ دخول الإسلام (ألا يقول عبد السلام ياسين، رحمه الله، أنه شريف النسب أمازيغي؟).

وهذا الحنين الفيروزي الأخوي قادتني إليه النقاشات التي تدور في بلادنا عن الأسماء.

من مفارقات البلد الشريف، أن الأسماء فيه تعرف أقدارا غير الأقدار: لا شك أن الاسم المغربي، اسم جريح حقا، كما كتب ذات يوم المرحوم عبد الكبير الخطيبي.

فهو اسم معتل، عندما يكون أمازيغيا، وهو اسم متعد عندما يكون شريفا.

هناك من يمنع عنه الاسم مهما كان بسيطا، هناك من يضاف إليه ألقاب أخرى..

ربما، لا نعيش هذه المفارقة بنفس الدرجة، نحن الذين انتمينا إلى الاسم المغربي الجريح، انطلاقا من جراح الصدر العاري، كما كتب ذات يوم صلاح الوديع.. لا تهمنا الألقاب، ولا تهمنا الأسماء، إلا إذا كانت تلغى بقرار اعتقال، وتلك قصة أخرى يبحث فيها المعتقل عن هويته، بعيدا عن الرقم الذي تراقبه به المؤسسة السجنية ومن ورائها الدولة.

لكن الذي لا يفهمه المغاربة في جيل الحاضر: كيف يمكن أن تكون الألقاب منطلقا للإكراه؟ ولا بد فيها من لائحة مختومة بختم الداخلية.. وكيف يمكن أن تلغى في الوقت الذي تحمل الألقاب شرفها الخاص بدون حديث.

قد لا يكون في طرح النقاش ما يفيد الخبز والتعليم والترقية الاجتماعية، لو كانت الألقاب شرفية تحيل على الأصل الكريم وحده وعلى شرف المنبت، ولكن عندما تتحول إلى قوة مادية، أو قوة اسمية تمنع المغاربة من جذرهم الأمازيغي يمكن وقتها أن نطرح جدوى الاسم المغربي الجريح..

واضح أن الداخلية لم تغفل السياق الذي طرح فيه الفريق الاشتراكي قضية التسمية والألقاب، على لسان عبد الهادي خيرات، وواضح أن عودة الموضوع إلى لجنة البرلمان عوض الحسم فيه في جلسة عامة، كان قرارا حكيما، بغض النظر عن مبرراته ، هل هي الإحراج أم الاقتناع!

وقد استجابت الداخلية أيضا بالطريقة الواضحة عندما بدأت أولا يمنع البطائق الخاصة بالشرفاء والتي تحولت إلى تجارة وبيزنس، ولعل الأمر أبعد من ذلك، عندما يدخل النصابون والمحتالون من مختلف السلالم الاجتماعية على الخط.

القضية في حقيقتها تحتاج إلى عمق أوسع في الإعلام والتربية والفضاء العمومي!

وتلك قصة أخرى..