Tuesday 9 September 2025
كتاب الرأي

محمد عزيز الوكيلي: جورجيا.. الأستاذة الصاعدة.. ماكرون.. التلميذ الأبَدي الكسول!

محمد عزيز الوكيلي: جورجيا.. الأستاذة الصاعدة.. ماكرون.. التلميذ الأبَدي الكسول! محمد عزيز الوكيلي
تشهد الساحة الإعلامية والتواصلية، بالأمس واليوم، زلزالا أوروبياُ غير مسبوق من حيث قوته وضراوته من جهة، ومن حيث نوعية صانعيه ومهندسيه من جهة ثانية، سواء الفاعل منهم أو المفعول به، على السواء!!
 
الأمر وما فيه، أنّ رئيسة الحكومة الإيطالية، النشطة، شديدة الحركة والصخب، والحسناء بكل المقاييس، جورجيا ميلوني، خرجت كعادتها متحفّزة للانقضاض كاللبؤة المكشرة عن أنيابها، موجِّهةً أصبع الإشارة الصريحة إلى نظيرها رئيس الحكومة الفرنسية، "فرانسوا بايرو"، متهمة إياه بالهرطقة والمزايدة على بلدها، وعلى الحكومة التي ترأسها بجدارة واستحقاق قياسيَيْن، ليس بمجرد شعارات تمجيدية لبلدها، ومنظومته التنفيذية، بل بأرقام إحصائية من شأنها أن تصيب الرئيسين "ماكرون" و"بايرو" بالصداع النصفي، وبقوة قد يمتد صداها إلى غاية نهاية عهدتَيْهما السياسيتَيْن، على رأس كل من الإيليزي والسلطة التنفيذية!!
 
صرحت جورجيا ميلوني بأن مقارنة سريعة ومختزلة في وسعها أن تفضح الفارق الشاسع بين أحوال كل من إيطاليا الصاعدة، وفرنسا المتردية!!
 
قالت من بين ما قالته بالحرف: "سيدي الوزير الأول، بدلا من كيل الاتهامات لإيطاليا بتلك الطريقة الهجينة، فربما كان عليك أن تتفادا إيطاليا ما أمكن إيطاليا بالذات، والأرقام تتحدث من تلقاء ذاتها"!!
 
ثم أضافت بنفس النرفزة المشوبة بالسخرية اللاذعة: "الضريبة على الميراث في إيطاليا في حدود 8 في المائة، بينما تصل في فرنسا إلى 45 في المائة... الضريبة على الخواص من 5 إلى 15 بالمائة في إيطاليا، بينما هي قيد الانفجار في فرنسا... الهجرة غير النظامية في إيطاليا في تراجع مستمر، بينما هي في فرنسا في تفاقم مستديم... الحرية الثقافية في إيطاليا لا يزال المواطنون، في ظلها، يستطيعون الاحتفال بعيد ميلاد المسيح، ويحملون الصليب، ويعيشون ثقافاتهم بكل حرية، بينما في فرنسا أصبح ذلك، تقريباً، محاطاً بالريبة، وموضوعَ اتهام بالمروق، بل موضوع اتهام  بالإسلاموفوبيا..."!!
 
 ثم ختمت بالقول: "إن الهجرة إلى خارج فرنسا ليست من أجل بضعة امتيازات ضريبية، بل لأن فرنسا لم تعد تحمي من يقدّرون تراثَهم ومتاعَهم وأُسَرَهم"!!
 
لقد بدا الموقف فعلاً كما لو كان مشهداً سرياليا بين أستاذة صاعدة، متنمّرة، تتحرك وِفْقَ مسارٍ تصاعديٍّ نحو المزيد من الإنجازات والمكتسبات، وبين تلميذ كسول متقاعس يسير هو الآخر بسرعة فائقة ولكن، إلى مزيد من الانحدار إلى أسفل، باتجاه سقطة مدوية لاشك أنها سيكون لها ما بعدها، فرنسياً، وأوروبياً، ومتوسطياً وعالمياً، بكل تأكيد!!
 
لقد كانت "ضربة سياسية قاصمة تشكّل، بالفعل، تحذيراً شديد اللهجة موجَّهاً إلى الرئيس إمانويل ماكرون شخصياً" كما علق على ذلك، الموقع الإعلامي الذي بث هذه التصريحات الغاضبة، والتي يمكن اعتبارها متوعِّدةً بشكل غير مباشر لمنظومة فرنسية ليست أحسن حالا من نظيرتها الإيطالية خاصةً، والأوروبية عامةً، حتى يسمح رئيس الحكومة الفرنسي لنفسه بانتقاد السلطات التشريعية والتنفيذية في إيطاليا، التي يبدو للعالَم أنها في أفضل الأحوال وأمثَلِها، مقارنةً مع فرنسا تتقهقر في ظل العُهدة الماكرونية الثانية، التي تعيش منذ بداياتها أسوأ الظروف على جميع المستويات، سياسياً ودبلوماسياً، اقتصادياً واجتماعياً، وحتى ثقافياً، سواء داخل الاتحاد الأوروبي أو في إفريقيا والساحل الإفريقي، أو على صعيد العلاقات الفرنسية الأمريكية، رغم تحوّل فرنسا في هذه الظرفية الحساسة والدقيقة إلى "موظف صغير لدى البيت الأبيض"، ولدى إدارة "العم ترامب"، وحتى على صعيد علاقات فرنسا مع مجموعات جهوية وازِنة ومؤثِّرة مثل مجلس التعاون الخليجي... باختصار: إنه التراجع والتقهقر بلا هوادة!!
 
هل هي عدوى ارتدادية من ابنة لقيطة متردية، وُلِدت ونمت في الشمال الإفريقي، يحكمها نظام عسكري كسيح ومصاب بكل الآفات بما فيها الفصام والضمور العقلي والنفسي... عدوى باتجاه ماماه الأوروبية، التي لم تعد تحتل في أوروبا نفسها سوى ما كان يسمح به تاريخُها، المتردي بدوره يوماً بعد آخر، وعُهْدةً رئاسيةً بعد أخرى، منذ استقالة الأب الروحي والسياسي للجمهورية الخامسة الجنرال شارل ديغول؟!
 
 إنه لَمِن غير الغريب ان تتبادل الأم وابنتها غير الشرعية، أقصد فرنسا والجزائر، عدوى وباء تتغيّر جلدتُه وتركيبته الكيماوية مع مرور الزمنَيْن الفرنسي والجزائري... والأيام القادمة توشك أن تُفصِح عن سقوط فرنسي جزائري مشترَك، ومتزامن، نظراً للارتباط الرَّحِمِيِّ والعضويِّ بين النظامَيْن المتردِّيَيْن، "النظام/الأم"، و"النظام/الإبنة"... عجبي!!!
 
محمد عزيز الوكيلي /إطار تربوي متقاعد