Thursday 11 December 2025
اقتصاد

أريري: حتى لا تسقط ميدلت في قبضة مافيا التفاح!

أريري: حتى لا تسقط ميدلت في قبضة مافيا التفاح! عبد الرحيم أريري بمدخل مدينة ميدلت
التفاح ليس مجرد مادة تغرس وتجنى وتسوق كباقي المنتوجات الفلاحية، بل هو هبة إلاهية منحها الله خصيصا لإقليم ميدلت. لماذا وكيف ؟
 
التفاح ،مثله مثل باقي المغروسات، يعرف عدة أنواع وأصناف، لكن الأصناف الثلاثة الجيدة العالمية من التفاح لا توجد إلا في إقليم ميدلت، بالنظر إلى خاصيات مناخية تسمح بإنتاج تفاح ذو جودة عالية تتجلى في:
أولا: ارتفاع إقليم ميدلت عن سطح البحر بحوالي 1900 متر.
ثانيا: فارق في درجة الحرارة بين النهار والليل (35) درجة نهارا و 10 درجات ليلا.
ثالثا: التربة الجيرية والكلسية الموجودة بإقليم ميدلت تناسب التفاح، لأنها تغذيه بالكالسيوم مما يعطي تفاحا جيدا.
 
هذه الخصائص جعلت إقليم میدلت، (رغم كونه إقليما "قزميا" من الناحية الديمغرافية)، يحتكر لوحدها إنتاج 40 % من الإنتاج الوطني بحصة تقدر ب 250 ألف طن سنويا.
 
لكن هذه الهبة الالاهية تعرف تدنيسا رهيبا يكمن في غياب المواكبة لاحتضان الفلاحين ومواكبتهم بما يضمن لميدلت الريادة من جهة، ويضمن له أيضا الحفاظ على مناصب الشغل التي يوفرها القطاع من جهة ثانية.
 
فالمجال المزروع بالتفاح بإقليم ميدلت يقارب 13 ألف هتكار، بشكل يؤمن 3.500.000 يوم عمل في السنة (غرس سقي، تداوي، جني، الخ......)، وهو رقم جد مهم خاصة وأن ميدلت لا تتوفر على قطاعات رئيسية مشغلة بشكل يثبث الناس بقراهم وبالمراكز الحضرية الصغرى التابعة للإقليم (بل حتى المشروع الواعد بإقليم ميدلت المرتبط بمحطة بولعجول للطاقة الشمسية، يضع الناس أيديهم على قلوبهم خوفا من تكرار نكبة محطة نور للطاقة الشمسية بورزازات التي لم يكن لها أي انعكاس تنموي على سكان هذا الإقليم).
 
من الإكراهات المطروحة غياب وحدات عصرية للتعبئة والتلفيف، مما يجعل الحصة الكبرى من منتوج میدلت من التفاح تسقط بيد "الفراقشية"ومافيا المضاربة (حوالي 200 ألف طن من أصل 250 ألف طن تسقط في كماشة المضاربين و"الفراقشية"!)، وبالتالي تضيع عن ميدلت فرصة التحكم في السوق و في التسويق. 

وبدل أن تكون ميدلت بورصة وطنية للتفاح، تحولت إلى رهينة بيد المافيا والمضاربين و"الفراقشية". وهذا ما يبرز قصور المدبرين العموميين في استحضار الحاجة للاستثمار في محطات التلفيف بالمنطقة.
 
ثاني إكراه، يتجلى في أن الخصائص المناخية التي حباها الله ميدلت بدأت تعرف بعض الخدوش، عبر لجوء أناس إلى استعمال فاحش للمبيدات بهدف الإنتاج السريع والكمي للتفاح، لكن بدون جودة وبدون ضمانة صحية للمستهلك. بدليل أن منحنى الإصابة بمرض القصور الكلوي بدأ يعرف مدا تصاعديا بميدلت، وخاصة بالمناطق المطلة على وادي أنزكمير، أحد روافد واد ملوية، وخاصة بمنطقة أيت عياش التي ارتفع عدد المصابين فيها بالقصور الكلوي بشكل مقلق بسبب تلوث الواد الناتج عن الاستعمال الإجرامي للمبيدات.
 
كفاح فلاحي ميدلت لإدخال "البيان الجغرافي المحمي"، للمنطقة يحتاج لوحده إلى مجلد. بالنظر إلى أن جمعية منتجي التفاح لما صارعت لإدخال هذا البيان لميدلت فلكي ترسل رسالة لكافة المستهلكين وطنيا وعالميا بأن تفاح ميدلت هو منتوج بيولوجي وخال من المبيدات من جهة ولإعطاء ضمانة للمستهلك بأنه يأكل تفاحا ذو منشأ معروف وبالتالي معرفة خصائص ما سيأكله من جهة ثانية. لكن للأسف بيروقراطية الإدارة المغربية وتراخي الحكومة، حرم ميدلت من الاستفادة من مزايا البيان الجغرافي من عام 2013، علما أن تفاح ميدلت لا يعرف سوى ست تدخلات كيميائية مقارنة مع تفاح أوروبا الذي يشهد بين 25 و 50 تدخل كيميائي حسب المناطق.
 
فرجاء من مسؤولي الحكومة والعمالة والجماعات الترابية، أن ينصتوا للفلاحين حتى يتم تحرير إقليم ميدلت من "الفراقشية"، حتى تعم خيرات التفاح وثروات التفاح عموم سكان هذا الإقليم، بدل أن تبقى ثروة تفاح ميدلت حكرا على حفنة من مافيا المضاربين !