Tuesday 9 December 2025
اقتصاد

بين التغيرات المناخية وكلفة التكنولوجيا.. هذه وصفة الخبير وحتيتا لتجاوز عوائق تعميم الفلاحة الذكية

بين التغيرات المناخية وكلفة التكنولوجيا.. هذه وصفة الخبير وحتيتا لتجاوز عوائق تعميم الفلاحة الذكية رياض وحتيتا، خبير فلاحي
مع التغيرات المناخية التي شهدها المغرب خلال السنوات الأخيرة —من موجات الجفاف إلى تراجع حقينة السدود والإجهاد المائي — أصبحت الفلاحة الذكية خيارًا استراتيجيًا لضمان الأمن الغذائي واستدامة الإنتاج. فبعدما كانت تُقدم كرفاه تقني يقتصر على كبار الفلاحين، تحولت اليوم إلى ضرورة ملحّة فرضها واقع مناخي أكثر اضطرابا.

وأوضح رياض وحتيتا، خبير فلاحي، ل "أنفاس بريس" أن الفلاحة الذكية كانت في وقت سابق تُعد نوعًا من "فلاحة لوكس Agriculture de luxe"، أي فلاحة تعتمدها فقط الضيعات الكبرى في تدبير الإنتاج. غير أن التغيرات المناخية خلال السنوات السبع الأخيرة فرضت تبنّي هذا النموذج بشكل واسع. والسبب في ذلك تأثر مناعة الكائنات الحية بشكل مباشر على سطح الأرض، إلى جانب ارتباطها الوثيق بعامل المياه.

وأكد الخبير الفلاحي، أن الفلاحة الذكية اليوم أصبحت ضرورة ملحّة تمكّن الفلاحين من مواجهة التغيرات المناخية عبر ترشيد استعمال المياه، سواء من خلال أنظمة الري الأوتوماتيكية أو أنظمة الري المسيرة عن بُعد، إضافة إلى حساسات قياس الرطوبة، ومستشعرات الأمراض، واعتماد الطائرات المسيّرة في رش المبيدات، وهي كلها آليات تكنولوجية حديثة.

وتقوم هذه التقنيات على عقلنة استعمال المياه والمواد الكيماوية من مبيدات وأسمدة، فضلاً عن تخفيف العبء على اليد العاملة. غير أن تكلفة هذه الأدوات ما تزال مرتفعة، يقول الخبير الفلاحي، إذ يصعب على الفلاح اقتناء درون بـ 24 أو 26 مليون سنتيم، أو شراء حساسات يصل ثمن الواحد منها إلى 1500 درهم، خاصة عندما يحتاج عدداً منها في الضيعة الواحدة.

لذلك، يعتبر محاورنا انه من الضروري إدراج دعم  في إطار الجيل الأخضر لمساعدة الفلاحين وتشجيعهم على اعتماد الفلاحة الذكية التي باتت جزءًا أساسياً من مستقبل منظومة الإنتاج  الفلاحي.
 
وحول الصعوبات التي يواجهها الفلاحون الصغار ومشاريع الشباب في التمويل والتأطير، أفاد محاورنا ان هذا السؤال يثير أحد الإشكالات التي ما تزال مطروحة في المغرب، والمتمثلة في وجود خصاص في الشركات وتعاونيات الخدمات الفلاحية. هذا الفراغ يجعل اليد العاملة غير خاضعة لتسعيرة ثابتة، كما يؤدي من جهة أخرى إلى تأخر في وتيرة الإنتاج، إذ يستغرق إنجاز الخدمات الزراعية وقتًا أطول مما ينبغي.

في المقابل، يتابع محاورنا، على الوزارة الوصية في إطار “الجيل الأخضر”  تقديم دعم خاص لشركات الخدمات الفلاحية التي تتوفر على الشروط المطلوبة. لماذا؟ حاليًا لا يوجد دعم مباشر موجّه للفلاح من أجل تبني تقنيات الفلاحة الذكية، على أن يتم دعم هذه الشركات أو التعاونيات التي تمتلك المعدات والتجهيزات الضرورية، وتقوم بتقديم الخدمات الفلاحية بشكل متكامل. هذا التوجه من شأنه أن يجعل الإنتاج أكثر دينامية ويخلق فرصًا لمشاريع شبابية، هذا من جهة التمويل المرتبط بوزارة الفلاحة والمؤسسات الداعمة.

أما فيما يخص حاملي المشاريع، يشرح محاورنا، فمن الضروري الخروج من نطاق المشاريع التقليدية كتربية الماشية أو تربية النحل وغيرها من الأنشطة التي أصبحت متاحة للجميع ولا تحمل الكثير من الإبداع.

في المقابل ليس هناك مواكبة المشاريع التي تواكب التحولات المستقبلية التي يفرضها المناخ. وختم الخبير الفلاحي وحتيتا تصريحه بالقول، أنه يجب التركيز على التحسيس والتأطير والتكوين المسبق للشباب قبل تقديم مشاريعهم، لمساعدتهم على إنتاج أفكار مبتكرة، من بينها مشاريع مرتبطة بالفلاحة الذكية، حتى يكونوا قادرين على وضع مبادرات قابلة للتطوير وتخدم التنمية المستدامة.