في تاريخ الخطاب السياسي الجزائري، نادرا ما تحظى عبارة قصيرة بانتشار واسع كما حدث مع قولة الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة: «الزلط والتفرعين». عبارة صادمة، مباشرة، غير دبلوماسية، لكنها واقعية إلى حد يجعلها أشبه بمرآة تعكس تناقضا اجتماعيا تعانيه الجزائر.
إن المشكلة ليست في الفقر ذاته، فالفقر قدر اجتماعي يمكن معالجته بالعمل والسياسات الصحيحة، ولكن المشكلة كما أراد بوتفليقة الإشارة إليها هي في ذلك التوتر بين ضيق الحال ووسع الإدعاء، بين واقع هش، وصورة لامعة يتمسك بها النظام الجزائري واعلامه خوفا من الإعتراف بالحقيقة.
هذه العبارة لم تولد من فراغ، ولم تكن مجرد نكتة لغوية في خطاب رسمي، لقد جاءت كصرخة ضد المظاهر التي تستهلك طاقة المجتمع وتشوه سلم القيم فيه، نظام ينفق أكثر مما يملك ليبدو أفضل مما هو عليه، ويضخم إنجازات صغيرة لتبدو عظيمة، ويزين الواقع بدل إصلاحه، كل هذا يجعل «التفرعين» رداء يخفي هشاشة «الزلط».
والأخطر أن هذه الظاهرة لم تبق حكرا على النظام، بل تسللت إلى الإعلام والأفراد وبعض المؤسسات، حيث تقدم الواجهة على الجوهر، وتصنع المناسبات أكثر مما يصنع التغيير، وتهدر السنوات في تلميع الصورة بدل بناء الأساس، وهنا تكمن المفارقة: نريد نتائج كبيرة دون دفع ثمن الجهد الكبير.
لقد تركت عبارة بوتفليقة أثرا لأنها ببساطة عبرت عن جرح قائم، ولأنها حملت رسالة مفادها أن الطريق إلى التقدم يبدأ بالإعتراف، لا بالزينة، بالعمل، لا بالإستعراض، بالصراحة، لا بالتجميل.
والحقيقة أن الجزائر بإمكاناتها وطاقاتها البشرية ليست بحاجة إلى «التفرعين»، ما تحتاجه هو ثقافة الإنجاز بدل ثقافة الواجهة، تحتاج إلى نظام يفتخر بعمله لا بمظهره، وإلى إدارة تثمن الفاعلية لا الخطابات، وإلى إعلام يضع القيمة فوق الواجهة.
قد يختلف الجزائريون حول إرث بوتفليقة، لكنهم يتفقون اليوم على قوة تلك العبارة التي اختزلت واقعا ويتمنون تجاوزه: واقع العيش في الضيق، وادعاء الرفاه.
بين «الزلط» و«التفرعين» تضيع طاقة أمة، ويهدر جهد يحتاج أن يوظف في البناء لا في التظاهر.
إن أهم ما تحتاجه اليوم الجزائر، أكثر من أي وقت مضى، هو جرأة الصراحة التي حملتها تلك القولة… وأن تستبدل المظهر بالجوهر، والإدعاء بالفعل، والواجهة بالإنجاز.
هذه العبارة لم تولد من فراغ، ولم تكن مجرد نكتة لغوية في خطاب رسمي، لقد جاءت كصرخة ضد المظاهر التي تستهلك طاقة المجتمع وتشوه سلم القيم فيه، نظام ينفق أكثر مما يملك ليبدو أفضل مما هو عليه، ويضخم إنجازات صغيرة لتبدو عظيمة، ويزين الواقع بدل إصلاحه، كل هذا يجعل «التفرعين» رداء يخفي هشاشة «الزلط».
والأخطر أن هذه الظاهرة لم تبق حكرا على النظام، بل تسللت إلى الإعلام والأفراد وبعض المؤسسات، حيث تقدم الواجهة على الجوهر، وتصنع المناسبات أكثر مما يصنع التغيير، وتهدر السنوات في تلميع الصورة بدل بناء الأساس، وهنا تكمن المفارقة: نريد نتائج كبيرة دون دفع ثمن الجهد الكبير.
لقد تركت عبارة بوتفليقة أثرا لأنها ببساطة عبرت عن جرح قائم، ولأنها حملت رسالة مفادها أن الطريق إلى التقدم يبدأ بالإعتراف، لا بالزينة، بالعمل، لا بالإستعراض، بالصراحة، لا بالتجميل.
والحقيقة أن الجزائر بإمكاناتها وطاقاتها البشرية ليست بحاجة إلى «التفرعين»، ما تحتاجه هو ثقافة الإنجاز بدل ثقافة الواجهة، تحتاج إلى نظام يفتخر بعمله لا بمظهره، وإلى إدارة تثمن الفاعلية لا الخطابات، وإلى إعلام يضع القيمة فوق الواجهة.
قد يختلف الجزائريون حول إرث بوتفليقة، لكنهم يتفقون اليوم على قوة تلك العبارة التي اختزلت واقعا ويتمنون تجاوزه: واقع العيش في الضيق، وادعاء الرفاه.
بين «الزلط» و«التفرعين» تضيع طاقة أمة، ويهدر جهد يحتاج أن يوظف في البناء لا في التظاهر.
إن أهم ما تحتاجه اليوم الجزائر، أكثر من أي وقت مضى، هو جرأة الصراحة التي حملتها تلك القولة… وأن تستبدل المظهر بالجوهر، والإدعاء بالفعل، والواجهة بالإنجاز.