Monday 8 December 2025
اقتصاد

طنجة.. كلية الحقوق تحتضن محاضرة حول التحول الإستراتيجي للصحراء المغربية نحو الفضاء الأطلسي 

طنجة.. كلية الحقوق تحتضن محاضرة حول التحول الإستراتيجي للصحراء المغربية نحو الفضاء الأطلسي  جانب من أشغال الندوة
احتضنت رحاب كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة يوم السبت 6 دجنبر 2025 محاضرة علمية تحت عنوان: "من المسيرة الخضراء إلى المسيرة الزرقاء: دور الصحراء المغربية في الاندماج الإقليمي الأطلسي”، وقد قام بتأطير هذا اللقاء الأكاديمي الدكتور المختار غامبو رئيس مؤسسة الأطلسي بنيويورك، وسفير سابق للمملكة المغربية بكل من كينيا وبوروندي.
افتتح الدكتور أحمد العلالي عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، المحاضرة بكلمة قيمة ذكر فيها بأن الصحراء المغربية تعد اليوم فضاء محوريا في التفاعل الاقتصادي والأمني بين شمال إفريقيا ودول الساحل، بفضل موقعها الاستراتيجي وانفتاحها على المحيط الأطلسي. وقد مكن هذا المعطى الجغرافي من بروز الاقتصاد الأزرق كأحد الركائز الجديدة التي يعتمد عليها المغرب لتعزيز التنمية المشتركة على مستوى المنطقة.
فالاقتصاد الأزرق، باعتباره نموذجا يقوم على استغلال الموارد البحرية بشكل مستدام، يشكل رافعة حقيقية لجميع الدول الإفريقية غير الساحلية، وخاصة دول الساحل التي تعاني من محدودية الوصول إلى المياه البحرية والمنافذ التجارية. ومن خلال تطوير بنياته البحرية واللوجستية، خصوصاً عبر مشروع ميناء الداخلة الأطلسي والطريق السريع تيزنيت–الداخلة، يتيح المغرب لتلك الدول فرصة الانفتاح على الواجهة الأطلسية، وبالتالي إدماج اقتصاداتها في المبادلات الدولية.
وتسهم الأقاليم الجنوبية للمملكة في هذا التوجه عبر تطوير قطاعات مرتبطة مباشرة بالاقتصاد الأزرق، مثل الصيد البحري، الفلاحة البحرية، والطاقات البحرية المتجددة، وهي مجالات توفر فرصا للتعاون ونقل الخبرة نحو دول الساحل التي تحتاج لنماذج تنموية جديدة لمواجهة التحديات المناخية والاقتصادية.
وعلى المستوى الأمني، يشكل الاستقرار الذي تعرفه الصحراء المغربية عاملا أساسيا في حماية الممرات التجارية البحرية والبرية التي تربط المغرب بدول الساحل، خصوصاً في ظل التحديات التي تشهدها المنطقة من إرهاب عابر للحدود وشبكات للتهريب. ويساهم المغرب، عبر شراكاته الأمنية وبرامج تكوين الأئمة والأطر، في تعزيز الأمن الإقليمي، وهو شرط ضروري لاستدامة الاقتصاد الأزرق وجاذبية الاستثمار في منطقة غرب إفريقيا.
 
كما يواكب المغرب دول الساحل من خلال برامج التعاون جنوب–جنوب التي تشمل التكوين الأكاديمي، والدعم الطبي، وتقاسم الخبرة في مجالات الطاقات المتجددة، وتدبير الموارد البحرية، وهو ما يجعل الصحراء المغربية منصة لإطلاق مبادرات تنموية قادرة على ربط الأمن بالاقتصاد، والبر بالبحر، في إطار رؤية إفريقية مشتركة.
وبذلك، يتضح أن التقاء الدور الجيواستراتيجي للصحراء المغربية مع الفرص التي يوفرها الاقتصاد الأزرق يشكل مدخلا أساسيا لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية لدول الساحل، من خلال خلق ممرات تجارية آمنة، وتطوير موارد بحرية مستدامة، وإرساء نموذج تعاون إقليمي قائم على التكامل بدل التبعية.
وتطرق الدكتور مختار غامبو، خلال محاضرته العلمية القيمة، إلى الدور المحوري للصحراء المغربية في بلورة المبادرة الإفريقية الأطلسية التي أعلن عنها الملك محمد السادس، في خطابه بمناسبة الذكرى الثامنة والأربعين للمسيرة الخضراء. وأكد أن السؤال الجوهري المطروح اليوم يتعلق بمدى انخراط الـ23 دولة إفريقية المطلة على المحيط الأطلسي، إضافة إلى دول الساحل، في المشاريع الاقتصادية والتنموية الواعدة التي شهدتها الأقاليم الجنوبية خلال العقدين الأخيرين.
وفي هذا الإطار، أبرز غامبو الأهمية الإستراتيجية لميناء الداخلة الأطلسي باعتباره رافعة أساسية لتطوير مفهوم جديد للاقتصاد الأزرق، القائم على تنويع وتقاسم فرص الاستثمار في مجالات الصيد البحري، والملاحة البحرية، والروابط التجارية، والطاقة، والسياحة.
وأضاف الدكتور غامبو أن المبادرة الملكية بشأن التعاون الإفريقي الأطلسي نجحت في نقل الصحراء من وضع “نزاع إقليمي” إلى “حل إقليمي” لمجموعة من الإشكالات العميقة التي عانت منها القارة الإفريقية منذ حقبة العبودية والاستعمار. وشدد على أن المغرب يوجد اليوم في موقع قوي بفضل تبنيه خيار الحكم الذاتي الذي ينسجم مع هويته وثقافته وتاريخه، ويتلاءم مع أولوياته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والاستراتيجية، وذلك في انسجام تام مع شركائه وحلفائه، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، الذين أجمعوا على ضرورة إيجاد حل للنزاع المفتعل حول الصحراء في إطار السيادة المغربية غير القابلة للتفاوض.
وأشار المتحدث إلى أن القرار التاريخي للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالاعتراف بمغربية الصحراء واعتماد مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، جاء تتويجا لمسار طويل من الدراسات والتقارير التي أعدتها مراكز أبحاث وفكر أمريكية كانت تتابع عن قرب التطورات الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية التي شهدتها الأقاليم الجنوبية منذ عام 2016.