في لحظة مفصلية تعيد فيها جمعية التحدي للمساواة والمواطنة تقييم مسار المساواة بين الجنسين، فتح منتدى الحوار المؤسساتي نقاشاً واسعاً يوم الخميس 4 دجنبر 2025، حول حصيلة السياسات الوطنية الموجهة للنساء خلال الولاية التشريعية الحالية. حيث وضعت الورقة العلمية على طاولة النقاش وكشفت مفارقة واضحة: زخمٌ تشريعي ومؤسساتي غير مسبوق من جهة، وتحديات بنيوية ما تزال تُعيق تحقيق المناصفة الفعلية من جهة أخرى.
وبين هذين الحدّين، يبرز سؤال جوهري: هل نجحت الدولة في تحويل المساواة من مبدأ دستوري إلى ممارسة عمومية ناجعة؟
شهد منتدى الحوار المؤسساتي، نقاشاً معمقاً حول أداء الحكومة والبرلمان ومؤسسات الحكامة في تنزيل مقتضيات الدستور، معتمداً على ورقة علمية قدّمت أرضية تحليلية شاملة حول واقع المساواة والمناصفة بالمغرب، ومدى فعالية التشريعات وآليات التنسيق بين الفاعلين المؤسساتيين.
وأوضحت الورقة أنّ الحوار المؤسساتي، باعتباره فضاءً للتفاعل بين البرلمان والحكومة ومؤسسات الحكامة والمجتمع المدني، يشكّل رافعة أساسية لضمان سياسات عمومية تشاركية ومنسقة. ورغم وجود سند دستوري قوي من خلال الفصول 19 و34 و164، إلا أن التنسيق بين هذه الجهات يظل محدوداً، ما ينعكس على نجاعة السياسات الموجهة للنساء.
وأبرزت الدراسة أن غياب قنوات دائمة لتنظيم هذا الحوار يجعل عدداً من المبادرات متفرقة وغير مندمجة، رغم أهمية دور مؤسسات الحكامة وتقاريرها في توجيه السياسات العامة.
وترى الورقة العلمية أن الولاية التشريعية الحالية شهدت تشريعات همّت ملفات أساسية، أبرزها:القانون الإطار للحماية الاجتماعية (09.21) الذي ساهم في توسيع التغطية الصحية والتعويضات العائلية، لكنه لا يزال بحاجة إلى دمج مقاربة النوع داخل منظومة الاستهداف الاجتماعي.
النقاش حول تعديل القانون 103.13 الخاص بمحاربة العنف ضد النساء، خصوصاً إدراج العنف الرقمي ضمن جرائم العنف.
القوانين الانتخابية التي رفعت تمثيلية النساء دون بلوغ المناصفة الدستورية.
مبادرات تشريعية متفرقة شملت التمكين الاقتصادي وحماية الفئات الهشة، لكنها بقيت مشتتة وغير مستندة إلى رؤية تشريعية مندمجة.
وتخلص الورقة إلى أن التقدم التشريعي، رغم أهميته، يظل أقرب إلى مجهود كمي لم يرق بعد إلى تحول نوعي في بنية السياسات.
وسجلت الورقة العلمية عدداً من الإكراهات التي تحد من فعالية الحوار المؤسساتي، أبرزها:
ضعف آليات التنسيق بين البرلمان وهيئة المناصفة ومؤسسات الحكامة.
ومحدودية توظيف الدراسات والأدلة العلمية في هندسة القوانين.
وغياب إطار مرجعي دائم للحوار حول المساواة، وضعف إشراك الجمعيات النسائية في تقييم أثر التشريعات.
هذه التحديات تساهم، وفق الورقة، في تشتت الجهود وانعدام الالتقائية بين المؤسسات.
قدّمت الورقة كذلك مجموعة من المقترحات لتعزيز فعالية السياسات العامة، أهمها:
إرساء آلية وطنية دائمة للحوار المؤسساتي تحت إشراف هيئة المناصفة.
اعتماد إلزامية تقييم الأثر من زاوية النوع الاجتماعي قبل المصادقة على القوانين.
دمج مقاربة النوع في إعداد الميزانية العامة وتوجيه الموارد نحو أولويات النساء والفتيات.
تعزيز الدبلوماسية البرلمانية النسائية لتبادل التجارب الناجحة.
إحداث قاعدة بيانات وطنية موحدة حول وضعية النساء.
إرساء آلية وطنية دائمة للحوار المؤسساتي تحت إشراف هيئة المناصفة.
اعتماد إلزامية تقييم الأثر من زاوية النوع الاجتماعي قبل المصادقة على القوانين.
دمج مقاربة النوع في إعداد الميزانية العامة وتوجيه الموارد نحو أولويات النساء والفتيات.
تعزيز الدبلوماسية البرلمانية النسائية لتبادل التجارب الناجحة.
إحداث قاعدة بيانات وطنية موحدة حول وضعية النساء.
وخلص المنتدى، انطلاقاً من الورقة العلمية، إلى أن المغرب حقق إصلاحات مهمة في مجال حقوق النساء، إلا أن بلوغ المناصفة الفعلية يظل رهيناً بتقوية الحوار المؤسساتي وضمان الالتقائية بين الفاعلين، واعتماد رؤية تشريعية منسجمة تستند إلى مقاربة النوع الاجتماعي في كل مراحل إعداد وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية.