لا يمكن القفز على خبر حزمة تفاصيله تدور حول الحياة الخاصة لأسرة وزانية، شاءت "السياسة" في خريفها أن يتربع واحد من أعمدتها على رأس الجماعة، كما شاء السقوط المدوي للفعل الحزبي الموبوء أن ينتقل بالتنافس بين الفرقاء من تنافس بين العروض السياسية والبرامج، وقوة منسوب الاجتهاد في البحث عن الحلول التي تُجيب عن انتظارات المواطنات والمواطنين، إلى صراع أعمى تُشحذ فيه كل الأسلحة الصدئة، بما فيها النبش القذر في الحياة الخاصة للخصم، وجعلها في متناول العموم.
إن استمرار مثل هذه الممارسة (النبش في الحياة الخاصة للمنتخب/ـة) عشية الاستحقاقات التشريعية والجماعية، مؤشر من بين مؤشرات أخرى على أن كل الرهانات المعلّقة عليها لن تتحقق! وسيكون من الصعب على أي مواطن(ة)، مهما كانت قوة منسوب اقتناعه بالاختيار الديمقراطي، المجازفة بالانخراط في أي استحقاق انتخابي، بينما البيئة الحزبية ملوثة! فاتورة غالية سيدفع ثمنها المنتخب(ة) من حياته الخاصة وحياة أفراد أسرته.
واقعة وزّان أسرية صِرفة، وآلاف القضايا الشبيهة لها معروضة ملفاتها على المحاكم المغربية التي يبتّ فيها القضاء يومياً. لذلك، كل من يتملّك نُزراً من الأخلاق والغيرة على منظومة القيم التي شكلت عبر العصور إسمنت الأمة المغربية، مُطالب(ة) بفتح نقاش عميق حول أسباب توسّع دائرة تقاضي أفراد الأسرة الواحدة أمام المحاكم. أما اللجوء إلى آلية التشهير من فوق منصة الحياة الخاصة لشخصيات عمومية، وذلك باستغلال التكنولوجيات الجديدة لتصفية حسابات سياسية، فعليه/ها أن يتذكر على المستوى الشخصي ما جادت به الحكمة الشعبية: "الّي ما خرج من الدنيا ما خرج من عقا يبها". أما آثار مثل هذه الممارسة الدخيلة على الحقل السياسي ببلادنا، فتتجلى في توسّع مسافة اللاثقة في الأحزاب السياسية، وهو ما يعطّل تقدم بلادنا على سُلّم الاختيار الديمقراطي الذي أضحى ثابتاً من ثوابت الأمة المغربية.
ومن بين الأسباب التي أججت تناول قضية أسرية لشخصية عمومية توجد على رأس الجماعة الترابية لوزّان، أنّ استغلالها لم ينحصر في الخصوم السياسيين، بل هناك من اختار جسرَ الدفاع عن الحياة الخاصة للأسرة المعنية للمرور إلى الحديث عن الصفة العمومية والحزبية للشخص المعني، فعدّد مناقبه ورصد المنجزات التي تحققت في عهده على مستوى جماعة وزّان... فجاءت الآثار مطابقة للمثل الشعبي: "مشا يبوسو عمّاه"! إنها نيران صديقة في خدمة أجندة مضبوطة عقاربها على القادم من الاستحقاقات الانتخابية!
أما بعد،
فإن التضامن مع الأسرة المتضررة من "الحملة المخدومة" أمر محسوم لا خلاف فيه. ولمحاصرة هذه الممارسة المشينة، التي من المرجّح أن ترتفع وتيرتها عشية الاستحقاقات الانتخابية، فلماذا لا تبادر جمعيات المجتمع المدني المستقلة والمتشبعة أطرُها بقيمة المواطنة الحقّة، والمجلس العلمي المحلي، بإطلاق مبادرة متعددة الحلقات وآليات تنزيلها، تُؤطَّر بشعار: "السياسة أخلاق... الحياة الخاصة خط أحمر".