Saturday 25 October 2025
Advertisement
كتاب الرأي

أنور الشرقاوي: الصحة العمومية في العاصمة.. إعفاء ينسجم مع حكامة صحية جديدة 

أنور الشرقاوي: الصحة العمومية في العاصمة.. إعفاء ينسجم مع حكامة صحية جديدة  أنور الشرقاوي
في سياق تتصدر فيه الحكامة الصحية ورش الإصلاحات الكبرى بالمملكة، جاء قرار وزير الصحة والحماية الاجتماعية بإعفاء المديرة الجهوية للصحة بجهة الرباط-سلا-القنيطرة كخطوة جريئة وواعية تحمل رسالة سياسية واضحة.
الأمر لا يتعلق بمجرد تغيير إداري، بل هو رمز لمرحلة جديدة، مرحلة تعيد فيها الكفاءة والنزاهة مكانتهما بعيداً عن منطق الدعم أو الولاءات الشخصية.
 
 خطوة جريئة جاءت في وقتها 
منذ شهور، وربما سنوات، عبّر مهنيّو الصحة في الجهة عن انزعاج كبير من أسلوب تسيير اعتبروه غامضاً ومتشدداً وبعيداً عن الواقع الميداني.
الأطباء والممرضون والصيادلة والتقنيون… جميعهم كانوا ينتظرون إشارة قوية تُنصفهم وتستجيب لمعاناتهم المهنية.
اعتمد وزير الصحة على صوت الميدان، حيث ينبض النظام الصحي بالحياة اليومية: في المستشفيات، مراكز الصحة، مصالح المستعجلات وغرف العمليات.
وأكد بهذا القرار أن تدبير الصحة العمومية لا يمكن أن يقوم على التعالي والقطيعة، بل على الإصغاء والمسؤولية والكفاءة.
 
نهاية زمن الإفلات من المحاسبة في التسيير 
يأتي هذا القرار انسجاماً مع التوجه الوطني الذي يقوده جلالة الملك محمد السادس، والقائم على ربط المسؤولية بالمحاسبة.
إعفاء المديرة الجهوية ليس عقوبة شخصية بقدر ما هو رسالة صريحة للجهاز الإداري بأكمله.
الرسالة واضحة: في مغرب 2025 لم يعد هناك مكان لفاقدي الكفاءة أو لمن يخلط بين المنصب العمومي والمصالح الذاتية.
إنه إعلان عن قطيعة مع ممارسات سابقة كانت بعض الجهات فيها تعتقد أن الدعم غير الرسمي يكفي لحمايتها من المسؤولية.
 
 تعيين مؤقت يحمل أملاً جديداً 
اختيار مدير جهوي بالنيابة يؤكد هذا التوجه.
فهو من أبناء القطاع، خبير بخبايا الوزارة، رافق إصلاحات عديدة ونال احترام العاملين.
يشتهر بالاستقامة والانضباط وبروح الحوار والتواصل البناء.
تعيينه يمنح الأطر الطبية والتمريضية نفساً جديداً لاستعادة الثقة والانخراط في الحوار، وضمان الاستمرار في تنزيل مشروع الصحة الجهوية بالعاصمة.
 
 مغرب يرسخ ثقافة ربط المسؤولية بالمحاسبة 
القضية تتجاوز نطاق قطاع الصحة، لأنها تعكس رؤية دولة تتغير بسرعة.
الخدمة العمومية يجب أن تكون نموذجاً في الجدية والعطاء واحترام المواطن.
والصحة قطاع حساس لا يتحمل سوء التسيير أو غياب الرؤية.
المطلوب مسؤولون أصحاب كفاءة وخبرة وتواضع، يعملون بعقلية النتائج وخدمة الصالح العام.
 
 منعطف في مسار الحكامة الصحية 
الإعفاء ليس قطيعة بل هو لبنة لإعادة البناء.
إنه تكريس لمبدأ أن قيادة الصحة يجب أن تقوم على الشفافية والفاعلية والاحترام المتبادل.
اليوم، يدرك المديرون الجهويون أن تقييمهم لن يرتبط بمن يدعمهم، بل بما ينجزونه فعلياً من أجل صحة المواطنين.
قرار الوزير جاء بمسؤولية وشجاعة، ويعكس وفاءً لرؤية ملكية من أجل مغرب حديث، منصف، وملتزم بفعالية مرافقه العمومية.
الدكتور أنور الشرقاوي – خبير في الاتصال الطبي والإعلام  الصحي