أكد بوشعيب شكير، عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية لقطاع الصحة التابعة للكونفدرالية العامة للشغل، أن الرفع من ميزانية الصحة الذي صادق عليه المجلس الوزاري الأخير يمثل خطوة إيجابية في اتجاه دعم البنيات التحتية وتطوير الخدمات الطبية.
وأوضح في حوار مع "أنفاس بريس" أن استرجاع ثقة المواطنين في المستشفى العمومي لن يتحقق إلا عبر حكامة رشيدة، ومحاسبة فعلية، وربط الميزانية بالنتائج الملموسة.
واعتبر شكير أن رفع الاعتمادات المالية لا يكفي وحده لمعالجة الاختلالات البنيوية التي يعرفها القطاع، مشدداً على أن نجاح الإصلاح الصحي يستوجب تحسين جودة الخدمات، وضمان التوزيع العادل للأطر والتجهيزات، واعتماد آليات دقيقة للتتبع والتقييم.
صادق المجلس الوزاري الأخير على الرفع من ميزانية الصحة. ما أهمية هذا الرفع وهل يكفي لاسترجاع ثقة المواطنين في المستشفى العمومي؟
- الرفع من الميزانية خطوة أساسية لدعم البنيات التحتية وتطوير الخدمات الطبية، لكن استرجاع ثقة المواطنين لا يتحقق فقط بزيادة الميزانية. الثقة تتطلب تحسين ملموس لجودة الخدمات، تقليص فترات الانتظار، تجهيز المرافق بالأدوات الطبية الضرورية، وضمان تواجد الأطر الطبية المؤهلة.
كما يجب تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة لضمان أن ترتبط الميزانية بالنتائج الفعلية وتجنب تكرار الأخطاء السابقة. مثال على ذلك المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم، الذي خصص له 4400 مليار سنتيم، لكنه لم يُستغل كما كان متوقعاً بسبب ضعف آليات المحاسبة والمتابعة.
وكذلك صندوق تنمية العالم القروي، الذي خصصت له الدولة 50 مليار درهم لتحسين الخدمات والبنيات التحتية في القرى، إلا أن بعض المناطق مثل آيت بوكماز ما زالت تعاني من نقص الخدمات، مما أدى إلى احتجاجات السكان. هذه الأمثلة توضح أن حجم الميزانية وحده لا يكفي، بل يجب ربطها بالنتائج عبر الحكامة والمحاسبة الدقيقة. وإذا أراد المغرب تحسين الخدمات الصحية فعليًا، يجب أن تصل ميزانية الصحة إلى 12% على الأقل من الميزانية العامة، كما توصي منظمة الصحة العالمية.
الغلاف المالي الذي يصل إلى 15 مليار دولار في قانون مالية 2026، هل يكفي لتحسين الخدمات الصحية مقارنة بالدول الأخرى؟
- الغلاف المالي خطوة مهمة، لكنه يبقى كما قلت ضئيلاً مقارنة بالاحتياجات الفعلية للقطاع. بالمقارنة، المغرب يخصص نحو 3 مليارات دولار فقط لقطاع الصحة سنويًا، بينما ألمانيا تخصص أكثر من 400 مليار دولار، إسبانيا أكثر من 170 مليار دولار، والبرتغال أكثر من 26 مليار دولار. هذه الفجوة الهائلة تُظهر أن المغرب لا يمكنه الاكتفاء بالرفع التدريجي للميزانية وحده، وأن الحكامة والتدبير الفعّال للموارد، وربط كل استثمار بالمحاسبة هما العاملان الرئيسيان لضمان وصول الخدمات الصحية إلى المواطنين بشكل فعلي، بدل أن تبقى الأموال مجرد أرقام على الورق.
ما معايير اختيار 90 مستشفى للاستفادة من التأهيل والتحديث؟
- تم اختيار المستشفيات وفق حجم الإقبال وعدد المرضى واحتياجات التجهيزات. لضمان الاستدامة، لن يكفي التحديث وحده، بل يجب اعتماد برامج صيانة دورية وربط التمويل بالنتائج مع محاسبة كل إدارة مستشفى على جودة الخدمات واستدامة المنشآت.
هل إحداث المناصب المالية الجديدة يكفي لمعالجة الخصاص في الأطر الطبية؟
- إحداث المناصب خطوة مهمة، لكنها جزء من الحل. معالجة الخصاص تتطلب استراتيجية شاملة تشمل التكوين المستمر، تحسين ظروف العمل، وتوزيع عادل للأطر على كل المناطق، مع محاسبة واضحة على الأداء والنتائج لكل منصب مالي.
ما آليات التتبع والتقييم لضمان فعالية الاستثمار العمومي في الصحة؟
- يجب اعتماد مؤشرات أداء واضحة لكل مشروع صحي، متابعة دقيقة لتقدم الأشغال، مراقبة جودة الخدمات، وتقديم تقارير دورية للمجلس الوزاري وللجهاز المركزي للمحاسبة. ربط المسؤولية بالمحاسبة هو الضمان الأساسي لنجاح الاستثمار العمومي وتحقيق الأثر الفعلي على صحة المواطنين، فلا قيمة للميزانية مهما كانت ضخمة دون مراقبة صارمة وتنفيذ فعّال.
ما دور الرقمنة والتكنولوجيا في تحسين الخدمات الصحية؟
- الرقمنة تساعد في تتبع المرضى، إدارة المستشفيات، وتحسين التشخيص والعلاج. لكن نجاح الرقمنة يعتمد على مسؤولية واضحة لكل إدارة ومحاسبتها على جودة الخدمة والنتائج الفعلية، لتكون أداة فعالة وليست مجرد تكلفة إضافية.