Thursday 16 October 2025
Advertisement
مجتمع

التصوير الطبي.. العيون المتخصصة التي ترى المرض قبل أن يهاجم المفصل

التصوير الطبي.. العيون المتخصصة التي ترى المرض قبل أن يهاجم المفصل الدكتور انور الشرقاوي (يمينا) الدكتور بومهدي بونهير
بقلم الدكتور انور الشرقاوي بتعاون مع الدكتور بومهدي بونهير – طبيب اختصاصي في الأشعة، المغرب 
أنّ أمراض الروماتيزم ليست قدراً لا يُردّ، بل يمكن السيطرة عليها والتعايش معها بفضل التشخيص المبكر وتطور وسائل التصوير الطبي بالأشعة.
لقد أصبح التصوير بالأشعة اليوم سلاحاً حاسماً في مواجهة هذه الأمراض الصامتة، إذ تمكّن من اكتشافها في بداياتها، قبل أن تُحدث التهابات وتشوهات مؤلمة في المفاصل والعظام.
 
ثورة صامتة في عالم طب التصوير بالأشعة والأمراض  الروماتيزمية 
من الأشعة التقليدية إلى التصوير بالرنين المغناطيسي، ومن الصور الثنائية إلى التحليل الرقمي، تغيّر المشهد الطبي بشكل جذري.
فبينما كانت صور الأشعة العادية لا تُظهر التغيرات إلا في المراحل المتقدمة من المرض، باتت التقنيات الحديثة تلتقط الالتهابات المجهرية في مراحلها الأولى.
 
"التصوير الطبي لم يعد أداة لتأكيد المرض فقط، بل أصبح وسيلة لتوقّعه قبل حدوثه"، يقول الدكتور بومهدي بونهير. 
بفضل الأشعة الرقمية والتصوير بالأمواج فوق الصوتية عالية الدقة والرنين المغناطيسي للمفاصل، أصبح الأطباء قادرين على رؤية التفاصيل الدقيقة داخل المفصل، وتحديد مواضع الالتهاب قبل أن تتطور إلى تلف دائم.
 
الرنين المغناطيسي والموجات فوق الصوتية… ثنائي الإنقاذ المبكر 
يُعدّ الرنين المغناطيسي (IRM) اليوم معياراً ذهبياً في تشخيص أمراض الروماتيزم.
فهو يُظهر الأنسجة الرخوة والغشاء المفصلي ونخاع العظام بدقة متناهية، دون تعريض المريض لأي إشعاع.
وبذلك يستطيع الطبيب تمييز الالتهاب الحقيقي عن الألم الميكانيكي العابر، في وقت مبكر جداً.
أما التصوير بالأمواج فوق الصوتية (الإيكوغرافيا) فقد تحوّل إلى أداة مرافقة للمريض في كل مراحل العلاج، إذ يسمح بتقييم درجة الالتهاب ومتابعة تطور الحالة بدقة، كما يُستخدم لتوجيه الحقن المفصلية بدقة متناهية داخل المفصل الملتهب.
 
الذكاء الاصطناعي… المساعد الذكي للطبيب المتخصص في  الراديولوجيا 
في السنوات الأخيرة، دخل الذكاء الاصطناعي بقوة إلى عالم التصوير الطبي.
تقوم البرامج الذكية بتحليل الصور، وتحديد العلامات الدقيقة للالتهاب، بل وتقارن بين الصور السابقة والحالية لتقييم استجابة العلاج.
 
"الذكاء الاصطناعي لا يُلغي دور الطبيب، بل يُقوّي بصيرته ويجعله أكثر دقة وسرعة" يؤكد الدكتور بونهير بومهدي. 
هذه التقنيات تُقلّل من الأخطاء البشرية، وتُسرّع عملية التشخيص، خاصة في الأمراض المزمنة التي تتطلب مراقبة دقيقة وطويلة الأمد.
 
الخبرة المغربية… بين التقنية والإنسان 
في المغرب، تشهد الأشعة المفصلية والعظمية نهضة حقيقية.
فالمراكز الاستشفائية الجامعية والعيادات الخاصة تتجه نحو تحديث تجهيزاتها بأحدث الأجهزة العالمية.
كما تنظم تكوينات متخصصة في الأشعة العضلية الهيكلية، ما يعزز التعاون بين أطباء الأشعة وأطباء الروماتيزم والأطباء العامين.
هذه المقاربة المتكاملة بين التخصصات جعلت التشخيص أسرع، والعلاج أدقّ، والمتابعة أكثر إنسانية، ليصبح المريض شريكاً فاعلاً في رحلة الشفاء.
 
رسالة الأطباء في اليوم العالمي ضد الروماتيزم 
في هذا اليوم العالمي ضد أمراض الروماتيزم، يوجّه أطباء الأشعة في المغرب رسالة واضحة:
"أن ترى المرض مبكراً، يعني أن تمنع الإعاقة قبل أن تبدأ."
لم تعد الأشعة مجرّد صورة، بل أصبحت لغة طبية دقيقة تروي ما لا تراه العين، وتكشف المرض في صمته، لتعيد للمرضى أملاً في الحركة والحياة الكريمة.