Friday 10 October 2025
كتاب الرأي

خوخشاني: المغرب بين الاحتجاجات الشبابية والاستحقاقات الرياضية الكبرى.. قراءة في رهانات الثقة والاستقرار

خوخشاني: المغرب بين الاحتجاجات الشبابية والاستحقاقات الرياضية الكبرى.. قراءة في رهانات الثقة والاستقرار محمد خوخشاني
مع اقتراب موعد تنظيم كأس الأمم الإفريقية 2025 وكأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، يجد المغرب نفسه أمام تحدٍّ مزدوج: الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي في ظل احتجاجات الشباب، وضمان استمرار ثقة المنظمات الرياضية الدولية في قدرته التنظيمية والأمنية.
 
فمنذ اندلاع حراك جيل Z-212 في خريف 2025، بدا واضحًا أن المغرب يعيش مرحلة دقيقة تتداخل فيها التحولات الاجتماعية الداخلية مع الرهانات الدولية المرتبطة بصورته الخارجية وموقعه الجيوسياسي في القارة الإفريقية.

الاحتجاجات الشبابية: صوت الغضب ونداء الإصلاح
الاحتجاجات التي قادها شباب المدن والجهات الهامشية جاءت في سياق أزمة معيشية متراكمة، عنوانها ضعف الخدمات العمومية، وتدهور فرص الشغل، وتفاقم الإحساس باللامساواة المجالية. وقد تزامن ذلك مع سياق اقتصادي ضاغط تميز بارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية، ما جعل الشارع المغربي ساحة لتعبير صريح عن أزمة الثقة بين المواطن والمؤسسات.

ورغم الطابع السلمي للحراك، حذرت بعض الأصوات السياسية والإعلامية من محاولات استغلال خارجية تسعى إلى تضخيم الاحتجاجات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بهدف تشويه صورة البلاد أو خلق حالة من القلق الدولي، خاصة في ظل اقتراب المواعيد الرياضية الكبرى.

الرهان الكروي… ورهان الثقة الدولية
تنظيم المغرب لبطولة إفريقيا للأمم سنة 2025، ثم كأس العالم 2030 بمعية إسبانيا والبرتغال، ليس مجرد حدث رياضي؛ بل اختبار استراتيجي لمدى صلابة النموذج المغربي في الاستقرار والتنمية. فالأحداث الرياضية الكبرى أصبحت اليوم معيارًا لتقييم الدول على مستويات الأمن، البنية التحتية، والقدرة على تدبير الحشود والإعلام.

ويرى خبراء أن أي اضطراب اجتماعي، ولو محدود، قد يتحول إلى مادة دسمة في الإعلام الأجنبي، مما قد ينعكس على ثقة الكاف والفيفا. لذلك، فإن ضبط المشهد الداخلي بحكمة يظل رهانا حاسما في هذه المرحلة.

هل هناك خطر حقيقي من خصوم المغرب؟
حتى الآن، لا توجد أدلة قاطعة على وجود جهات خارجية منظمة تسعى لزعزعة استقرار المغرب أو دفع الفيفا والكاف للتراجع عن الثقة به. لكن المؤشرات الرقمية تؤكد أن بعض الحملات المجهولة المصدر على المنصات الاجتماعية تحاول تضخيم مشاهد التوتر أو نشر أخبار مغلوطة، ما قد يخدم أجندات تنافسية أو سياسية.

ومع ذلك، تبقى قوة المغرب في تماسك جبهته الداخلية وفي قدرته على تحويل الأزمة إلى فرصة لبناء ثقة جديدة بين الدولة والشباب.

الإجراءات الوقائية الممكنة
* تدعيم الأمن المدني وضبط التظاهرات في المدن الكبرى بطريقة تحافظ على السلمية والكرامة.
* تواصل إعلامي رسمي وفعّال يشرح للعالم حقيقة الوضع الداخلي ويبرز الجهود الاجتماعية المبذولة.
* مراقبة الحملات الرقمية المضللة وتفنيدها بسرعة مهنية.
* تحسين الخدمات الأساسية في المدن المستضيفة للبطولات.
* فتح قنوات الحوار مع الشباب وإشراكهم في التنظيم المجتمعي للفعاليات الرياضية.

خلاصة تحليلية
إنّ المغرب يقف اليوم أمام امتحان مزدوج: اختبار الاستقرار الداخلي واختبار الثقة الدولية. الاحتجاجات الشبابية لا تمثل خطرًا بحد ذاتها، بقدر ما تشكل جرس إنذار بنّاء يدعو إلى تجديد العقد الاجتماعي، وإلى قراءة جديدة للعلاقة بين التنمية والعدالة الاجتماعية. وفي المقابل، فإن نجاح المغرب في تنظيم كأس إفريقيا والمونديال سيكون الرد الأبلغ على كل من يشكك في قدرته على الجمع بين الطموح الرياضي والاستقرار السياسي.

فبين صوت الشارع ووهج الملاعب، يكتب المغرب اليوم صفحة جديدة من تاريخه المعاصر، عنوانها: الإصلاح بالحوار، والريادة بالثقة.