تُعتبر الخدمات العمومية مرآة حقيقية لمدى التزام الدولة تجاه مواطنيها، ومؤشرًا على مستوى العدالة الاجتماعية التي تسود داخل المجتمع.
وإذا كانت هذه الخدمات، في الماضي، تمثل حضور الدولة في حياة المواطن اليومية، فإنها اليوم تعاني من اختلالات بنيوية جعلت جودتها تتراجع، وأهدافها الاجتماعية تتقلص لصالح منطق السوق والمردودية.
ماضٍ مشرق بروح التضامن.
في العقود الأولى بعد الاستقلال، كان المغرب يعتمد نموذجًا اجتماعيًا واضحًا:
الدولة هي الفاعل المركزي في تقديم الخدمات، والغاية هي تعزيز التضامن وبناء الإنسان.
انتشرت المدارس والمستوصفات والإدارات العمومية في مختلف مناطق البلاد، حتى في القرى والمناطق النائية.
ورغم محدودية الإمكانيات، سادت قيمة الواجب الوطني، حيث كان الموظف العمومي يُنظر إليه كخادم للمصلحة العامة، والمواطن يشعر بأن الدولة قريبة منه، حاضرة في كل تفاصيل حياته.
الدولة هي الفاعل المركزي في تقديم الخدمات، والغاية هي تعزيز التضامن وبناء الإنسان.
انتشرت المدارس والمستوصفات والإدارات العمومية في مختلف مناطق البلاد، حتى في القرى والمناطق النائية.
ورغم محدودية الإمكانيات، سادت قيمة الواجب الوطني، حيث كان الموظف العمومي يُنظر إليه كخادم للمصلحة العامة، والمواطن يشعر بأن الدولة قريبة منه، حاضرة في كل تفاصيل حياته.
تحولات الحاضر وتراجع الدور الاجتماعي.
ابتداءً من التسعينات، ومع اعتماد برامج التقويم الهيكلي، تغيّر دور الدولة تدريجيًا.
تراجع الاستثمار العمومي، وظهرت سياسة الخوصصة التي مست قطاعات حيوية كالماء والكهرباء والنقل والصحة.
تراجع الاستثمار العمومي، وظهرت سياسة الخوصصة التي مست قطاعات حيوية كالماء والكهرباء والنقل والصحة.
تحوّلت الخدمة العمومية من واجب اجتماعي إلى نشاط اقتصادي يهدف إلى الربح، مما أدى إلى ارتفاع التكاليف وتراجع الجودة.
كما تعمّقت الفوارق بين المدن الكبرى والمناطق القروية، وأصبح الولوج إلى خدمة جيدة مرهونًا بالقدرة الشرائية.
أسباب التراجع وضعف الجودة.
تعددت العوامل التي ساهمت في تدهور الخدمات العمومية، أبرزها:
1. تقليص الإنفاق العمومي في إطار سياسات التقشف المالي.
2. ضعف الحكامة والشفافية داخل الإدارات والمؤسسات العمومية.
3. الخوصصة غير المتوازنة التي همّشت البعد الاجتماعي.
4. هجرة الكفاءات نحو الخارج أو نحو القطاع الخاص.
5. النمو الديمغرافي السريع الذي لم يواكبه توسع في البنيات التحتية.
6. التفاوتات المجالية التي عمّقت الفوارق بين الجهات.
أي مستقبل للخدمات العمومية؟
اليوم، أصبح إصلاح المرافق العمومية ضرورة وطنية عاجلة.
فلا تنمية حقيقية دون خدمة عمومية عادلة وذات جودة.
ويبدأ هذا الإصلاح من:
فلا تنمية حقيقية دون خدمة عمومية عادلة وذات جودة.
ويبدأ هذا الإصلاح من:
● تعزيز الحكامة والمحاسبة.
● تحفيز الأطر والكفاءات العاملة في الميدان.
● تفعيل الجهوية المتقدمة لضمان عدالة ترابية في توزيع الخدمات.
● الاعتراف بالخدمة العمومية كحق دستوري أساسي وليس كامتياز اقتصادي.
الخدمات العمومية في المغرب ليست مجرد مؤسسات تقدم خدمات، بل هي صلة الوصل بين الدولة والمواطن، وميزان الثقة بين الحاكم والمحكوم.
استرجاع بريقها يعني استرجاع روح التضامن والإنصاف التي تأسس عليها المغرب الحديث.
فلا مستقبل مزدهرًا بدون مدرسة عمومية قوية، ومستشفى عمومي لائق، وإدارة تضع المواطن في صلب اهتمامها.
استرجاع بريقها يعني استرجاع روح التضامن والإنصاف التي تأسس عليها المغرب الحديث.
فلا مستقبل مزدهرًا بدون مدرسة عمومية قوية، ومستشفى عمومي لائق، وإدارة تضع المواطن في صلب اهتمامها.
محمد خوخشاني، قيادي سياسي سابق وناشط حقوقي