الجمعة 17 مايو 2024
ضيف

الفنان فتاح النكادي: لا أقبل أن يتم تهميشي لقتل فني

 
 
الفنان فتاح النكادي: لا أقبل أن يتم تهميشي لقتل فني

المؤلف الموسيقي فتاح النكادي يشتغل في الميدان الفني منذ أكثر من  25 سنة. كانت البداية سنة 1985 بالمسرح مع المرحوم محـمد عفيفي، بعدها شارك في تأسيس فرقة النورس الموسيقية سنة 1989. يقول النكادي إن الفرقة كانت تشتغل بإمكانياتها الخاصة وتعرضت للتهميش لأن مواضيعها هادفة، كما يوضح صاحب موسيقى جينيريك مسلسل "وجع التراب" أن الفرقة لم تتوقف، ولكن كل عنصر منها اختار مسارا فنيا خاصا به، والحديث يتعلق بكمال كاظيمي (احديدان) وعبد الحق تيكروين (عزف على العود). اشتغل "النكادي" في الموسيقى التصويرية للمسرحيات مع مسرحيين مغاربة كالطيب الصديقي وأحمد السنوسي "بزيز" وبوسرحان الزيتوني، ورشيد الدواني، وعبد الإله عاجل. التقته "أنفاس بريس" وكان معه هذا الحوار.

+ ما هي أهم الأعمال الفنية الاحترافية التي سجلت حضورك على مستوى الموسيقى التصويرية قبل موسيقى جينيريك مسلسل وجع التراب؟

- بعض الأعمال مع الطيب الصديقي كمسرحية "عزيزي"، والعديد من العروض الفنية مع أحمد السنوسي بزيز 10 سنوات، تقريبا من سنة 90 إلى سنة 2000، في الأشرطة التي أصدرها والجولات التي قام بها عبر العالم، كان جزء من فرقتنا الموسيقية النورس يرافق أحمد السنوسي في عروضه، وكانت العروض بموسيقى حية مباشرة.

+ هل كنت تلحن أم تتكلف بالتوزيع الموسيقي رفقة الفنان "بزيز"؟

- اشغلت مع السنوسي "بزيز" على مستوى التوزيع الموسيقي والمساعدة في الألحان، وكانت أفكار الألحان لفنان معروف لا أعلم هل سيوافق أن ذكر اسمه أو لا. كان أيضا الفنان تكروين كعازف عود ممتاز وكموسيقي كبير وكمال كاظمي له لمسة احترافية وأفكار رائعة في التلحين.

+ لماذا توقفت فرقة النورس عن الاشتغال في لونها وأسلوبها الموسيقي الغنائي، رغم أن فنانين كبار استعانوا بتجربتها في التلحين والتوزيع الموسيقي؟

- فرقة النورس لم يعط لها حقها لكي تستمر. وجاءت موجة لن أذكر الأسماء، أقصد بعض الفرق (خوخا خوخا.. فوفا فوفا إلخ).. أسماء حصلت على الدعم من السماء والأرض. فرقة النورس كانت سباقة في مجال الأغنية الملتزمة ولم يعط لها حقها في الانتشار، وبالتالي لا يمكن لنا أن نستمر في السراب وأن نصب الماء في الرمال، لذلك توجهت للاشتغال على موسيقى المسلسلات والأفلام أهمها مسلسل "وجع التراب" مع المخرج شفيق السحيمي.

+ هل يمكن اعتبار موسيقى مسلسل "وجع التراب" المحطة التي انتشر فيها اسم فتاح النكادي فنيا؟

- المشكل أن المبدع لا يظهر في الموسيقى التصويرية (يضحك).. الناس يعرفون الموسيقى عند سماعها ولا يتعرفون على صاحبها، الناس لا يقرؤون الجينيريك، والدليل أن البعض أخذ الموسيقى كحميد المرضي في أغنية "عندي قليب واحد" بدون الإشارة إلى صاحبها الأصلي ولو بكلمة، وفي بعض الأحيان ينطق ويقول إن الموسيقى له.. للأسف لم يشر في يوم من الأيام إلى أن الموسيقى لعبد الفتاح النكادي، لكن المتتبعين يعلمون جيدا أني صاحب الموسيقى.. هو حوَّر الموسيقى وأخذ التيمة الأساسية لها واستعملها في ذلك العمل.

+ لماذا لم تتابعه قانونيا بما أنك متأكد من استعماله لموسيقى في ملكيتك؟

- أنا غير مسجل في مكتب حقوق التأليف، يكفي اسمي الذي يظهر على جينيريك المسلسل.

+ القانون يقول ‘ن المصنفات الأدبية والفنية محمية بمجرد إبداعها، لكن يجب التصريح بالأغاني في مكتب حقوق المؤلف. لماذا لست عضوا في مكتب حقوق التأليف المغربي؟

- دفعت الطلب، ودائما أنتظر سنوات، دائما أصطحب معي إبدعاتي وأتجه لمكتب حقوق التأليف دون نتيجة تذكر، مازالوا يرفضون تسجيلي وتحفيظ أعمالي الفنية الموسيقية.

+ هناك شرط أن تكون لك 5 أغان مذاعة ومثبتة في دعامة ميكانيكية أو كاسيط أو قرص مدمج، هل يتوفر عندك هذا الشرط، وهل تعتبره شرطا موضوعيا؟

- لا ليس شرطا موضوعيا، يجب حماية إبداعات الفنان ولو كانت قطعة واحدة. والغريب أنه لدي أشرطة عديدة.. 4 سنوات، كل سنة وأنا أتصل بمكتب حقوق التأليف، أتمنى أن نحصل على حقوقنا في مجال حقوق التأليف، أتكلم على كل المبدعين المغاربة. مكتب حقوق التأليف يتحمل المسؤولية كاملة، يجب أن يتصل بالفنانين لهذا الغرض ويبحث عنهم، وهو من يجب أن يسجل الفنان وإبداعاته كي تصبح محمية بقوة القانون، لأن العديد من القطاعات تنظم بالمغرب إلا حقوق التأليف.. وسؤالي عبر موقعكم للمسؤولين: لماذا يتم تهميش حقوق المؤلفين؟

+ لقي فيلم "القمر الأحمر" الذي قمت ببطولته وتعرض لسيرة الملحن المغربي الراحل عبد السلام عامر بعض الانتقادات، كيف استقبلتها؟ وهل أنت راض عن مشاركتك في هذا الفيلم؟

- أنا مرتاح، وقد سعدت بالمشاركة فيه، بتمثيلي لشخصية الموسيقار المغربي الراحل عبد السلام عامر. أتمنى أن أكون قد قدمت ولو 20 في المائة، رغم أن الناس تكلموا كثيرا عن هذا الفيلم. أوضح أننا تعرضنا فيه إلى "القمر الأحمر" للمبدع المغربي الكبير عبد السلام عامر، وهو شخص تحدى جميع المصاعب ونجح وترك إرثا كبيرا (الشاطيء.. القمر الأحمر.. الأشواق)، وهو ملحن ساهم في إبراز فنانين كبار في الساحة الفنية.. لماذا لا ننجز فيلما عنه؟ ولماذا لا يترشح للأوسكار؟ بعض المخرجين لم يتمموا أفلامهم.. على الأقل نحن مع المخرج "حسن بن جلون" لا أحد اشتكى من شيء، لا أحد ضاع في مستحقاته، الفيلم خرج للوجود ووثق لفنان كبير.. أتمنى أن يأتي مبدعون آخرون وينجزون أعمالا أخرى حول هذا الفنان الكبير وكل الفنانين المغاربة الكبار كـ (عبد السلام عامر والحسين السلاوي، وغيرهم...).

+ هل استطاع فيلم "القمر الاحمر" في نظرك أن يرد الاعتبار للملحن عبد السلام عامر؟

- نعم. ولا. نعم: لأنه خرج للوجود. ولا: لأن رد الاعتبار مرتبط بالنسبة لي بمسألة لو أن الفيلم تأسست بعده فرقة موسيقية (موشحات إلخ) تقوم بجولة وتعيد أغاني عبد السلام عامر لإحيائها من جديد في نفوس عشاقه وتعريفها لمن يجهلون هذا الاسم الكبير. وأسجل أنه كما تنظم جولات في أنماط موسيقية أخرى يجب أن تحظى أعمال وأغاني عبد السلام عامر بنفس الحق. الفيلم أيضا لم يستفد من حملات دعائية كبيرة، العديد من الناس لم يشاهدوه، أتمنى أن يصل لكل المغاربة، وأن يتحول إلى مسلسل في حلقات. الفيلم لوحده لن يرد الاعتبار لهذه الشخصية رغم أنه نقطة إيجابية حسب رأيي.

+ كيف ترى بعض الأنشطة التي توجه من حين لآخر من طرف جمعيات لتكريم فنانين بتنظيم حفلات أو أمسيات فنية و لقاءات؟

- هناك بعض الجمعيات أو الجهات توجه للفنان دعوة لأن أصحابها يحبون ذلك الفنان، وعلى الأقل يوفرون فضاء يحتضن 100 أو 200 من الناس، وغالبا ما يمنحون الفنان ذرعا بسيطا. لكن السؤال هو، ذلك الفنان الذي تم تكريمه ماذا سيحدث له بعد التكريم؟؟ هناك من الفنانين لا يجد واجب رحلة الرجوع بعد تكريمه.. التكريم الحقيقي هو أن تمنح الفنان فرصة الاشتغال وهو على قيد الحياة. مثلا أنا 10 سنوات مضت ظهرت خلالها مرة واحدة في التلفزيون. سؤالي هل التلفزيون في ملكية شخصية واحدة في المغرب؟؟ يعني هو خاص بنفس الوجوه، لقد اخترت نهج الأغنية الملتزمة وأعشقها. يعجبني أن أتعرض لمواضيع "سيوسوبوليتيك" ومن حقي كإنسان مواطن وكفنان مغربي لدي منظور خاص للأغنية ويجب أن يكون لها حظا في المرور ولو مرة واحدة في 15 يوما أو في أسبوع في القنوات المغربية. لا أقبل أن يتم تهميشي لقتل فني، لا أريد التكريم، في ماذا سينفعني إذا كنت غير متواجد في الساحة رغم أني ما زلت حيا أتحرك وأتنفس وألحن وأعزف. لماذا لا أغني مثلا على الرشوة، لا أحد يريد أن يغني هذا الموضوع.. هناك قضايا المرأة (احتقار المرأة).. هل الغناء عن موضوع مرتبط بمعاناة المرأة موضوع سلبي غير مقبول؟؟

+ في ظل ما وصفته بالتضييق على أسلوبك الموسيقي والغنائي. هل ما زال الجديد يعرف طريقا إلى وجدانك؟

- الجديد مرتبط بالإمكانيات المادية.. الأستوديو ثمنه غال.. ليس لدي إمكانية دخوله.. هناك أغنية ستعيد لم شمل فرقة النورس في عمل آخر لا يخرج عن أسلوب الالتزام، لأن الأغنية الهادفة بالنسبة لي أغنية  كباقي الألوان والأساليب، والأغنية لها علاقة بهذا المد الظلامي الذي يحيط بنا ويشكل خطرا علينا ويمكن خلال انتشاره أن يقتحم بيتي شخص ما حاملا سيفا ويقتلني ويغتصب أمي وأختي باسم أننا كفار،.. هذا موضوع خطير رغم أنه بعيد عنا في المغرب لكنه خطر قادم، إذا لم ننتبه له جميعا كدولة وكمجتمع وكفنانين. والآن هذا الخطر أوقف التنمية بالعديد من البلدان العربية. كلمات الأغنية هي من شعر المبدع بوسرحان الزيتوين، وهي عبارة عن إبداع رائع، واللحن للفنان كمال كاظمي. وعنوانها "رخى الليل ستارو".